القائد الرقمي على أداء المنظمات
القيادة الرقمية أساسية للمنظمات والشركات الراغبة في النمو وسط متغيرات هذا العصر التقني المتسارع إثر الثورة الصناعية الرابعة، واليوم هناك علاقة وارتباط وثيق بين مفهوم القيادة الرقمية وأداء وإنتاجية المنظمات، المقصود بالقيادة الرقيمة هو استخدام الأصول الرقمية للمنظمة لتحقيق أهداف المنظمة أيًّا كانت، واستثمار هذه الأصول أو التقنيات الرقمية قاد العديد من الشركات لتحقيق تغييرات إيجابية ملحوظة في ظل البيئات التنافسية العالية، ولضمان مواكبة الواقع المتسارع في الأعمال، صُمِّمت برامج التحول الرقمي لتحقيق المتطلبات الضرورية على المدى القصير وبناء أساس للمستقبل، ولتحقيق ذلك في أي منظومة، يلزم وجود القائد الرقمي المؤهل، هذا القائد الذي يضمن انسجام مهام المنظمة الروتينية مع الأهداف الاستراتيجية.
دور القائد الرقمي هو في العمل مع القيادة العليا لبناء استراتيجية عمل شاملة، تُمكّن أقسام الشركة من استخدام التكنولوجيا لتحقيق النتائج المطلوبة، فالتحوّل الرقمي يتضمن تطبيق تقنيات“مُربكة”، ابتداء من تجربة العميل وتفاعله، مرورا بالأنظمة والعمليات، لتحقيق الابتكار في شتى مستويات المنظومة.
التحول الرقمي ليس عبارة عن تبني لأحدث وأفضل التقنيات في هذا العالم المتغير فحسب، بل هو أمر يُعنى ببذل الجهود لتناغم وانسجام ثقافة المنظمة، والعنصر البشري، والهيكل التنظيمي مع هذه التقنيات، الابتكار والتقنيات الجديدة تساعد المنظمات على خلق نماذج عمل تشغيلية، ورقمنة العمليات الأساسية وخلق قنوات دخل جديدة، فعلى سبيل المثال، العديد من القطاعات اتجهت لنماذج عمل جديدة باستخدام منصات العمل المشتركة.
الشركات وإن كانت عملاقة، فإنها مهددة بالفشل إذا لم تواكب التطور الرقمي والتقني السريع باستشرافها للمستقبل، وقصة شركة كوداك الشهيرة خير مثال، حيث فشلت الشركة في وضع استراتيجية عمل تواكب التطور الرقمي بعد أن تسيدت في حقبة سابقة.
في العالم الرقمي، النجاح الحقيقي ليس في تقديم منتجات وخدمات تقليدية في أسواق تقليدية، بل في خلق أسواق جديدة وتقديم منتجات وخدمات“مربكة”للسوق، شركة نيتفليكس على سبيل المثال تحولت من تأجير أقراص ال DVD وشحنها للعملاء، إلى بث الأفلام عبر موقعها، شركة مثل أوبر، قدمت خدمات التاكسي التقليدي بطريقة مبتكرة عبر نموذج عمل الاقتصاد التشاركي، والأمثلة كثيرة.
الشركات القائمة أو الناشئة التي تدوم وتتطور، هي تلك الشركات التي تتأقلم مع المتغيرات وتواكب كل ماهو جديد، بل وتستشرف المستقبل وتتهيأ له عبر جمع وتحليل البيانات، هذه الشركات توفر البيئة المعززة للتجربة، والمتسامحة مع الأخطاء في سبيل الابتكار، وهذا ما يعمل عليه القادة الرقميين.
أكثر ما يميز القادة الرقميين عن القادة التقليديين، هو المرونة وسرعة تقبل الأفكار الجديدة، والفضول المعرفي للبحث عمّا هو جديد، والجوع للتعلم المستمر، والنظرة الشاملة للأمور من مختلف الزوايا، والأهم هو تصالحهم مع عدم اليقين والغموض في بيئة عملهم.
هناك العديد من الشركات التي تعي أهمية التحول الرقمي للنجاح في هذا العصر، لكنها تغفل عن أهمية وجود القائد الرقمي الذي يقود هذا التحول، وهو ما يؤثر على جودة هذا التحول وبالتالي يؤثر على الأداء العام للمنظومة.