آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

أمي من فريق الاطرش «11»

عبد العظيم شلي

شاهدت صبية يمشون الهوينا، يتحركون خطوات على حافة الطريق الفاصل بين الخارجية وفريق الأطرش، يتسابقون دون عجلة فالسرعة سوف تطيح بهم أرضا، لأن الوقوف أو المشي يحتاج منهم لرشاقة وقدرة تحمل، لباسهم لافت يرتدون ”هاف وفانيلة“ ليس زيا رياضيا وإنما لباس داخلي، بعضهم متأزر بثوبه، يقهقون، يصفّقون، يلمزون بعضهم بعبارات استهزائية، ”يا أعوب ويش عرفك تمشي، خلي المشي إلى حسنوه، هذاك أحسن منكم كلكما، لو حاضر ويانا لشفتوا منه العجب ”، بعد لحظات وصل كأنه سمع نداء أصحابه، زاد الترحيب به، لشطارته في المشي بثبات وتوازن دون سقوط، تأزر بشد“ درّاعته ”عند خصره وانطلق مستعرضا أمام الجميع، يقف في مهابة، يمشي بمهارة، تصفيق موحد، وحده في الميدان يتنطط مشيا، مر عليهم حجي مهدي قائلا لهم:“ مشيكم هذا بيقلب مصارينكم، موزين ليكم أبدا، انتبهوا لا تزوعوا، ما ادري انتوا صايمين لو فاطرين“، لم يعيروه أي اهتمام، مشى عنهم مستنكرا لعدم تجاوبهم لنصيحته، إنهم فتية يتسابقون مشيا ليس على أرجلهم وإنما على أيديهم، بعضهم يقف لثوان ولا يتوازن فيهوي متمرغا بالتراب، وآخر يقف قليلا ويعتدل دون سقوط، ومن استطاع المشي قلة، كلما انتصبوا على كفوفهم لمدة ثوان أو بضع دقائق، يقولون: يا سلام صارت الدنيا مقلوبة!.

تركتهم وذهبت إلى أمي العودة وفي وسط الحوش، حاولت أن أقلد ”لصبيان“ أكثر من مرة، بحماس أضع يدي أرضا وأدفع برجلي للأعلى في حركة خاطفة، بمجرد أن أرفع أقدامي أسقط حالا، ”أحطم“ يرتطم ظهري على الحصيرة وأترنح ألما، يحمرُّ وجهي من بؤس المحاولات وانتقاد جدتي وخالتي زليخة التي تناديني ”لا تعور اضلوعك ياولد اختي“، أوضحت لخالتي هدفي من الحركة، أريد أن أرى الدنيا كيف تصير مقلوبة! جاوبتني، ”نام على ظهرك فوق“ سجم ”أمك العودة وميل رأسك شويه إلى وراء، يعني رقبتك مندلعة على حافة المنام، يمكن تشوف الحوايج مقلوبة“، جربت لكني تزحلقت على رأسي من شدة تطرف أكتافي للأسفل، شعرت بالدوار، هدأت من عبثي، واسترحت بجوار جدتي وهي منهمكة في اعداد وجبة فطور رمضان، ممسكة بيد الرحى بحركة دائرية تطحن حبا، وخالتي تقلب ”خبز التاوه“ تساعدها خالتي زهره، ثم اتجهت للعجينة الطرية، تكور بأناملها كرات تسقطها في ”مگلاة“ الزيت، ”تشتشات“ لصنع اللگيمات وتقلبها بين وحين وآخر، وأول دفعة نضجت أستقبلها فمي ورحب بها بطني، وقبل أن أترك البيت متوجها إلى الديرة أعطتني جدتي صحن ”ساقو“ أحمله إلى أمي ليزين مائدة افطار يومنا الأخير من شهر رمضان، مشيت وطوال الدرب حاملا ”المشكاب“ براحة يدي اليمنى وأصابعي اليسرى ضاغطة على ”طباق صفرية“ غطاء له، وعند وصولي للمانعية، أصبح الشارع ضيقا بين بيت أبو علي العبداللطيف ودكان أبو فاضل الصديق، مالت كفوفي المشدودة التي تعبت من ثقل كتلة ”الساقو“ المشبعة بالدهن، فجأة تزحلقت من بين الصحن والغطاء وسقطت رأسا في ”المسگة“ التي تتوسط دربا غير مستو، نظرت اليها متأوها، تسمرت في مكاني لثوان مستغربا لضياع الأكلة السكرية الشبيهة بالحلوى، كنت أُمني النفس بمفاجأة أمي، كيف سيكون حالي حين أُقدم لها صحنا فارغا، مشيت بامتعاض وبمزاج متقلب، خطوات وشاهدت ابن عمتي محمد سليس أبو عبد الرسول في دكانه جالسا يتلو القرآن لا يرفع طرف عينيه للعابرين، يقابله مكان يجذبني كلما عبرت بجواره أقترب منه، وهو ”دكان العكاس“ استديو للتصوير الفوتوغرافي، لصاحبه علي مدن وهو أول استديو في جزيرة تاروت، لفتني أخوه حسن وهو يشمر عن ساعديه يهم بتصوير أحد الرجال وهو يعدل من هندامه أمام المرآة، وقفت برهة مندهشا لملامح وجوه الصور الموضوعة في المحل كأنها تحدق في الناظرين بتجهم، تساءلت في دخيلة نفسي كيف لهذه الكاميرا العجيبة القدرة على تصوير الأشياء والوجوه بالأبيض والأسود، ومن هو الجني الذي صنعها؟ أود لو أملك كاميرا لأصور كل ما تقع عليه عيناي، تحركت خطوات ومررت بدكان الحلاق عبد اللطيف المحاسنة ووجدته ممتلئا عن آخره، وبمسافة متر واحد ثمة نسوة جالسات عند عتبات دكان جمعية تاروت الخيرية ينتظرن مساعدة مالية بمناسبة قدوم العيد، محلات مزدحمة تضمهم عمارة أبو عبد العزيز العماني، وعن يساري التفت لرجل طاعن في السن منكبا على حفر زخرفة هندسية لباب خشبي جديد إنه الحاج محمد بن ابراهيم آل حسين، أمهر نجار في البلد فهو ليس نجارا عاديا إنما فنانا ونقاشا مبدعا، وعلى بعد خطوات دكان على بن رضي الصفار كاتب الخطابات والمعاريض للناس، وعند ناصية الشارع وقفت أنظر جنوبا رافعا بصري للأعلى فوق المبني وإذا به يضج بحركة غير عادية، عبرت ورجلاي تقوداني لدرج نادي المنار، صعدت وإذا بالخطاط والرسام عباس علي حسين محني الظهر على لافتة قماشية بيضاء يزينها بالورود بأحجام مختلفة، ورسومات من أخيه عبدالله، لشخصيات المسلسل الرمضاني أبو الفتح الأسكندري، انخطف بصري من خفة يد عباس في رسمه للورود الملونة والأغصان المتموجة، انبهار وأُمنية خفية، يا ليتني أكون مثله، قام عبدالله فسيل وسيد محمد فتح الله، بتعليق اللافتة على شرفة النادي، وفي المقابل صوب الجهة الشمالية للمنار يمينا ناحية الشرق يقع نادي النسر، وغربه نادي النصر كل منهما واضع لافتة قماشية ترحيبية بعيد الفطر المبارك لعام 1390 هجرية الموافق 1970 ميلادية، من دهشتي لما رأيته من رسم آسر، خطفني واستحوذ على حواسي نسيت حسرتي بانكباب كتلة ”الساقو“ التي غرقت في مجرى الماء، نزلت من النادي فرحا بما شاهدت ووصلت إلى أُمي بالصحن الفارغ لكن ذائقتي ممتلئة بالفن والألوان، بضع كلمات عتب سريعة من أمي دون توبيخ، ثم خرجت بعد لحظات ذاهبا لوسط السوق لأرى وضع اللافتات المعلقة على شرفات الأندية، لكن أبصرت أبوابهم مقفلة، كل يستعد لاقامة حفله الساهر بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، وقبل رفع الأذان بدقائق، ساد سكون مطبق، السوق باتت مقفرة، كل ملتم على سفرة الفطور مع عائلته، وقبل أن أتحرك رأيت شخصا اسمه «ت، ع، ح» يدنو من نادي النصر وهو يتلفت يمينا ويسارا مثل حركات سارق يريد أن يسطو على شيء بعيدا عن العيون، حين تأكد من خلو الشارع من المارة دس عودا داخل قفل الباب ثم كسره لكي لا يستطيع أحد اخراج ”الگشم“ لعبور المفتاح، حين رآني فجأة ارتبك، توجه لي وقال بنبرة تهديد ”إن علّمت يا ويلك، إن قلت لأحد ترى بقتلك“، طمأنته ثم انصرفت للبيت مدووشا بعض الشيء أفطرت مع أُمي وأبي، أخي عبد الحي لم يزل طفلا يحبو وصراخ أُختي فتحية الموضوعة على المنز أهزها لكي تغفو، لم أكترث بمائدة السفرة سوى بضع لقيمات مشبعة بالدبس، لأن بطني فائض من الأكل طوال النهار، فكري بات مشغولا بوضعية باب نادي النصر كأني أحد أعضائه، هممت بالخروج دون غسل يدي، وقال لي والدي ”وين رايح من الحين تو الناس“، قلت له ذاهب لمجلس بيت سليس، حجة للخروج سريعا إنما غايتي السوق، لأرى ماذا سيحدث، وقفت أراقب المشهد الذي يفصلني عنه الشارع العام لا أريد الاقتراب منهم لكي لا يراني الذي هدّدني ويعتقد أني أخبرتهم بشيء، قدم اثنان من شباب نادي النصر لفتح باب ناديهم، وهما عبدالله مطر وحسين اسماعيل ولحق بهم حبيب حمود، يحاولون ادخال المفتاح ولكن دون فائدة، ارتفعت أصواتهم صراخا وزعيقا، انفعلاتهم رجت السوق رجا، عصبية وغضب، تجمع آخرون من أعضاء النادي، حاولوا اخراج العود بسكين مقص الأظافر فلم يفلحوا، موقف لا يحسدون عليه، هل يخسرون حفلهم لهذه الليلة وكيف يعتذرون للضيوف المدعوين من شخصيات البلد، محسن المحسن بعضلاته ”دگدگ الباب ولم ينفتح“ وأخيرا قاموا برفع درفة الباب الحديد للأعلى فانفتح بعد عناء وتأخير وارتباك، دخلوا مسرعين لتجهيز حفلهم المسرحي المنوع، الولد الذي قام بكسر العود داخل القفل يكبرني بعامين، وهو من سكان منطقة الدشة الجنوبية، لماذا فعل ذلك؟ لأن جميع اخوته أعضاء في نادي المنار الرسمي بينما فريقي النصر والنسر ناديان من فرق الحواري يتلقيان الدعم والمساندة من تبرعات الأعضاء المنتسبين لكليهما. التنافس الرياضي مشوب بالغيرة والتخريب، بين أندية تاروت خلال عقد الستينات ومطلع السبعينات بلغ حد العداوة والخصام بين أولاد العم والخال. الذاكرة تموج بحراك أندية الأمس، ومواقف مليئة بمفارقات الحضور والغياب، سيكون البوح مفتوحا على مصراعيه في وقت ما وبكل التفاصيل.

صباحا تحممت في ”الحلقوم“، حوض مستطيل يفيض من ماء عين العودة، ثم ألبستني أمي ثوبا جديدة وهي تردد اهزوجة شعبية، ”يالعايدوه.. يالعايدوه.. تحت في النخل عيدنا“.

أتحرك بثوب من غير راحة، ليست مفصلة على مقاس جسمي، واسعة فضفاضة، فهي ”درّاعة جاهزة“ يشتريها أبي من بسطة أبو عبد الرؤوف الرويعي الكائنة عند طرف حمام تاروت من الجهة الشرقية، أخذ وقتا في تجريب أكثر من ثوب لتناسبني، تطول تقصر حسب ما هو متوفر، ليس لي من خيار، وعند الزيادة تكون ماكينة أمي جاهزة، لتطوي من ذيلها والأكمام، وسوف تفتح لاحقا كلما ازددت طولا، ثوب تلازمني أعواما كأنها صديق يأبى الخصام، لم أجرب لبس الثياب المفصلة إلا بعد أن شببت عن الطوق.

كم شكوت حالي بين التأفف والتمني، لماذا ”چسوتي“ للعيد والمدرسة من الثياب الجاهزة ”المگرطسة“؟

ويزيد حنقي حين يقودني والدي إلى المحسن بن جابر، وبرفضه طلبي المستميت بعدم ادخالي عند الحلاقين الحديثين سواء الأخوين الغرقان أو حجي مكي المحاسنة أو عبداللطيف، يتملكني غيض وحسد لأن زملائي يتباهون بترتيب شعرهم بواسطة الماكينة الكهربائية، يصفف شعرهم الحلاق حبيب ومنصور الغرقان، بقصة المودة، وإذا انتهوا يكونون أجمل، رأسهم معطر بالفودر ورائحة الكولونيا التي تفوح عند رقابهم والآذان، بينما ”كشتهم لگدام تغطي الجبهة“ يتباهون بمنظرهم، ويقولون شكلنا صار مثل البطل أحمد رمزي ورشدي أباظة. أنوح داخليا كلما جرجرني والدي عند بن جابر لنسف شعري عن آخره، تنهمر دموعي مع تساقط خصلات حريري الأسود الملون بقطرات الدم بفعل شفرة الموس الحادة، ينعم بن جابر صحراء رأسي بتوصية من أبي ”خلي رأس ولدي سليب ناعم سطيح، أبغى أشوف طاسة رأسه“ تلگ ”، حتى لا يقوم شعره بسرعة“ ويؤكد بن جابر، ”أنظف للولد، عن ابخار الشعر وحتى لا يجيه لا صيبان ولا قمل“، كل الكلام زنزنة على مخي دون اقتناع، أبلع لعابي بقهر وتبرق عيني بالدمع والعق مخاطي المتدلي على فتحة أنفي، وأسمع حشرجة الموس كلما اقترب عند اذني مثل حسحسة حشرة مؤذية لا أستطيع ردها إلا بتبليح جلد رأسي. ينظر أبي للولد الذي يترك قصته على جبهته بأنه ”دلوع“ بل يقزمه بكلمات ”فاهچ ومايع“ وفي نظره بأن تطويل الشعر زينة للنسوان، والرجل لا يتشبه بهن، زينته في عارضه المخنجر.

حين أنتهي من ”التحسونة“ يكنس المحسن شعر رأسي المتناثر أرضا ويلقيه في ”تنكة الخمام“، هكذا كلما ”عشعش“ المنبوذ على رأسي هنا مصيره لا محال، أفر من على كرسي المحسن ساخطا متذمرا، وأرتمي في حمام تاروت ليبرد الماء جسمي المولع بحرارة القهر، لعل نفسيتي الممتلئة غيضا وحنقا تبرد قليلا، لكني أعيش أيام نكد حين يزفني أصحاب الفريق وهم يهتفون:

”اگرع گرنگع طاح في الطاسة صرخ على أمه يبغى گرطاسة“.

أجري مغتاضا مكتوم الصرخة، أبثها شكوى عند أمي،

فتداريني بوضع قحفية على رأسي. لكن أنيني الطفولي يتلاشى عند مشاهد البؤس، فكلما رأيت رجالا فقراء واضعين في راحة أيديهم قحفية يدورن بها وسط السوق، ”يقولون يا الله من مال الله، من عطى عطا نفسه“ وجوه مسبوغة بمسكنة وذلة، يتوسلون حفنة قروش ليسدوا جوع صغارهم، وذاك الذي يريد أن يكمل نصف دينه لا يملك مالا، يجمع له المحسنون ما تجود به أنفسهم ”فلان يستافوا له حتى يعرس“.

وعند عتبات مسجد عين العودة رأيت أمرأة واقفة بولدها الصغير عريانا إلا من ”هاف“ ممزق يستر عورته، تطلب أن يتكرم أحد بشراء كسوة العيد له، وتقول: ”خذوا ثواب هاليتيم لا تكسروا خاطره في يوم العيد“، مناظر علمتني أن أكفّ عن الشكوى من وضعي وأن لا أتذمر من ثوب جاهزة طويلة كانت أم قصيرة، بما أن أبي قادر على شرائها وقتما يشاء، هناك المحرمون لم يلبسوا الجديد يمشون حفاة.

أسأل أمي والدهشة تتملكني، لماذا أم فلان وأم فلانة تخدم في بيوت الناس، جائني الرد: هذي فقيرة أرملة ليس عندها حيلة إلا الخدمة، وتلك تركها زوجها معلقة تواجه مصيرها فذهبت تخدم حتى تشبع بطنها وتأخذ فتات الأكل إلى أطفالها. رأيتهن يمشين بأسمال الدراويش، مرقعة ثيابهم، بيوتهم من عشيش مهترءة، يغرقون عند مزنة مطر.

عرفت باكرا ما هي الفطرة وتعطى لمن، وتساءلت لسنين عديدة لماذا ظلت عوائل تتوارث الفقر وعوائل تزداد غنا، وآخرون يتمددون مالا وبالملايين يتباهون بحجم ثرواتهم المكدسة في البنوك، صنف يعطي، وصنف يزاحم حتى صاحب الدخل المحدود في لقمة عيشه.

يفعل المؤمنون بتقسيم الفطرة لمن يستحقها من الليل لتقديمها صبحية يوم العيد، التفت للوراء قبل 57 عاما حين سمعت بها لأول مرة، مرورا بكل السنين وتعاقب الرمضانيات، والى الآن المقتدرون لم يكفوا عن تقديم الفطرة لأنها واجب شرعي، لكن الصورة لم تتغير لم تقل أعداد المحتاجين لها، بل تكاثروا أضعافا مضاعفة، هل القدر مرسوم لأناس كتبت عليهم المسكنة، نصيبهم الفقر وطلب المساعدة إلى ما لانهاية!

الأرقام تخبرنا بأن اعدادهم في تصاعد يوما بعد يوم، وإن اختلفت حاجيات عصر عن عصر، المحصلة معاناة متجددة، لا يدرك حجمها إلا من خبر الجمعيات الخيرية عن كثب، سيلامس حجم البؤس التي تعيشه بعض العوائل من حالات الضيم والعوز.

حاولت بالأمس يوم كنت صغيرا أن أقف على يدي لأرى الدنيا كيف تبدو مقلوبة، تلك شقاوة عابرة ورؤية حالمة، لكن مع مرور الوقت أدركت بأن الأمر لا يستدعي فعل ذلك، لأن الواقع أدهى وأمر، سائرون بملء السمع والبصر، نرى الشقاء يعصف بالقريبين منا والبعيدين عنا من شعوب أمة الإسلام، نفوس لم تزل تئن وترزح تحت خط الفقر، يأكلها الجوع والخوف والمرض والتشرد والضياع، يشتبك السؤال في حلق الجواب ويرتد ارتكاسا رأسا على عقب «لماذا الدنيا مقلوبة» بين بذخ وترف حد الغرور والطغيان، وفقر مدقع حد امتهان كرامة الإنسان!. اللهم إنا نسألك العغو والعافية وحسن الختام.

قبلات حب في يوم العيد على جبينك يا أماه، خذيني لفيافي فريق الأطرش، عيديني يا أُماه بحكايا حالمة لأرى زمانكم الأجمل، لأسوح معكم بهجة العيد تحت ظلال معاميركم، أطربيني نشيدا مع بنات الفريق اللبسات بخانگ العيد وأنتن تتمرجحن بين النخيل: ”يا العايدوه.. يالعايدوه.. عيدنا تحت في النخل، يا من يبشرني عن الحجي دخل، وأدخل على مكة وأبرك ما دخل، أدخل على مكة وهز الراية، يا راية الخضراء ويلچساية، والعيد عيدنا شگگنا احجول، ويا راية الخضراء على الرمضاء اجول، ويالعايدوه.. يالعايدوه.. عيدنا وتحت في النخل عيدنا“.