العيد والندبة
كل يوم يحتفى به في الواقع هو عيد وسمي بذلك لأنه يعود بفرح جديد، وللمسلمين أربعة أعياد، وكلها بعد مناسبات ومواسم عبادية أعظمها بركة عيد الله الأكبر ”الغدير“ والذي اكتمل به الدين ونصب فيه أمير المؤمنين، وهناك أعياد مشتركة بين المسلمين هي الثلاثة الأخرى؛ الفطر والأضحى والجمعة، وكل واحد يأتي بعد عبادة ويجتمعون في مفهوم واحد وهو تجدد بعد عبادة.
كما أن هناك مصلح خاص مستوحى من الروايات الشريفة وهو أن كل يوم لا يعصى فيه الله فهو عيد.
وها نحن مقبلون على عيد بعد موسم حافل بالعبادة، فكل شخص تعبد وأعطى الشهر الكريم حقه حق له أن يعيش العيد، أما اللاهون والغافلون فأنى يكون لهم عيدا.
وكيف وأن المراد من العيد الحصول على الجوائز والهبات والمكتسبات الربانية، والتي حق للعبد أن يفرح بفضل الله تعالى عليه إذ وفقه لاستثمار هذه الأيام العظيمة، لذا فالمتأمل في الأعمال الواردة - سواء ليلة العيد أو يومه - سيجد أنها ترسيخ وامتداد لما كان عليه قبله.
فعلى المؤمنين أن يتضرعوا لله بالشكر حق شكره لما حباهم من موسم عظيم وأيام مباركات فيها من القربى والزلفى وأن لا يتوانوا أو يقصروا» في أداء الأعمال التي من شأنها أن تساهم في تكامل عطاء الشهر الكريم.
ومن اللافت أن جميع الأعياد قد ورد استحباب الندبة فيها لصاحب الأمر عجل الله فرجه، فكما كانت ليالي الشهر المبارك حافلة بدعاء الافتتاح والأدعية التي تحث على الارتباط بالمولى عجل الله فرجه، نجد ذلك جلياً في العيد من خلال استحباب قراءة دعاء الندبة.
وقد يتساهل البعض ويضعف أمام المغريات، حيث أن الشياطين كانت مغلولة، وكون المؤمنين قد تحصلوا على الثواب الجزيل من خلال الإقبال على الله خصوصاً في ليالي القدر، فنجد الشياطين قد تأهبوا لسلب ما حصل عليه المؤمن، فهل يا ترى يأتي الشيطان لمن هو فقير من الأعمال؟
لذا على المؤمنين التنبه لحبائل الشياطين وهمسها ونفثها وتثبيطها، ولتكن التجربة معينة له على الانتصار، وأن لا يضعف أمام المغريات من الدنيا الزائلة، كالدخول في مسائل الهلال، واختلاف مباني الفقهاء، من دون أن يستند على حجج شرعية واضحة، فتسلب منه بعض ثمار الشهر الكريم.
وعلينا أن لا نغفل عن ليلة العيد فربما لا تتكرر الفرصة لنا من قابل، فهي ليلة الجوائز والهبات والعتق من النار، لأن الله تعالى وعد أن يعتق فيها مثلما أعتق في شهر رمضان.
ولليلة العيد ويومه طقوس وأعمال منها؛ الغسل والصلاة ووداع الشهر، وزيارة الإمام الحسين ، والتكبيرات الخاصة، ودعاء ”يا دائم الفضل على البرية...“، كما يمكن الرجوع لكتب الأدعية الخاصة ومنها مفاتيح الجنان
وعلينا الإكثار من أدعية العشر الأواخر:
اَللّهُمَّ اَدِّ عَنّا حَقَّ ما مَضى مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ، وَاغْفِرْ لَنا تَقْصيرَنا فيهِ، وَتَسَلَّمْهُ مِنّا مَقْبُولاً وَلا تُؤاخِذْنا بِاِسْرافِنا عَلى اَنْفُسِنا، وَاجْعَلْنا مِنَ الْمَرْحُومينَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْمحْرُومينَ.
اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلته فاجعلني مرحوما، ولا تجعلني محروما
أعُوذُ بِجَلالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضانَ أَوْ يَطْلُعَ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هذِهِ وَلَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ.