مسرح الحياة والموت!!
الله - سبحانه وتعالى - أراد أن تكون هذه الحياة الدنيا مسرحاً للحياة والإعمار وأراد البعض منا أن تكون مسرحاً للعنف والجريمة والقتل والدمار فالمسرح واحد والمشاهد متعددة بل متناقضة فقد نتجاوز مشهد قتل قابيل أخاه هابيل ومشهد حرق أصحاب الأخدود وهم أحياء دون ذنب إلا الإيمان بالله تعالى:
﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ «4» اَلنَّار ذَاتِ الْوَقُودِ «5» إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ «6» وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ «7» وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [سورة البروج]
تماماً كمشهد سفك دم ابن بنت رسول الله ﷺ وريحانته الإمام الحسين وقتل أهل بيته وأصحابه وسبي نسائه وذراريه وهم عترة النبي ﷺ ومن أوصى بهم أمته من بعده خيرا.
أترى تجيء فجيعة... بأمض من تلك الفجيعة
حيث الحسين على الثرى... خيل العدا طحنت ضلوعه
والمشهدان الأكثر تناقضاً - أيها الأعزاء الكرام - على هذا المسرح الغريب العجيب فالمشهد الأول: تخيل نبي الله وخليله إبراهيم وهو سائر بولده إسماعيل لتنفيذ عملية الذبح المأمور بها من الله تعالى حتى يظهر له الشيطان الرجيم ثلاث مرات ليثنيه عن عزمه ومنها أنه قال له: يا نبي الله لئن ذبحت أبنك لذبح الناس أبناؤهم أقتدائاً بك وصرت مطالباً بكل دمٍ في هذا السبيل!
انظروا لهذا الدهاء الماكر الشيطاني الخبيث، ورغم ذلك نجح أبو الأنبياء في امتحانه وتقديم فلذة كبده للذبح.
والمشهد النقيض عندما يقدم أعوان الشياطين - بل هم شياطين الإنس - لأبنائنا سموم المخدرات بتزيينات شيطانية ظاهرها راحة الأعصاب وتقوية الجسم وغيرها - والعكس هو الصحيح فالمدمن في اضطراب نفسي دائم وسلوك عدواني ولص سارق عائلي مزعج!! - وباطنها زيادة أرصدتهم البنكية بالكسب المحرم الممنوع وإن كان ذلك على حساب أبناء مجتمعهم وفقد أرزاقهم وتهديم بيوتهم وزهق أرواحهم بل قد يتجرى المدمن وهو تحت التأثير على هتك واغتصاب أقرب الناس إليه والعياذ بالله بل قد يقدم جملة أهل بيته - زوجة وأبناء أو الوالدين والأخوان - ذَبْحًا أو حرقاً في هذا السبيل وهنا تكون شياطين الإنس قد نجحت في تحقيق هدفهم المنشود مهما كانت النتائج والخسائر فلا تدخلون في طريقهم ولا تكونون أدوات لهم لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ.
والدعاء بالرحمة والمغفرة لكل الأبرياء الذين سقطوا ضحية في هذا الطريق وللفاقدين بالصبر والسلوان، والخزي والعار لمن تاجر وروج لهذه السموم والتوفيق لرجال المكافحة بتعقبهم وتقديمهم للجزاء، والدعاء لجميع أبناء وبنات مجتمعنا بالهداية واجتياز العقبات الدنيوية بنجاح وللمدمنين بالتقدم للسلطات وطلب العلاج ونجاح الأهل بالإبلاغ والإنقاذ قبل فوات الأوان وبذلك يخففون عليه العقوبة ويصبح من أفراد المجتمع المساهمين في بنائه وازدهاره لا في فجيعته وخسرانه والسلام.