سوق النفع العام بجزيرة تاروت
كنت مخططاً أن يكون المقال للحديث عن الاستثمار البلدي للتعريف به وبأهدافه ودوره في التنمية المحلية، لكن الوضع المستجد والملح لسوق النفع العام بجزيرة تاروت فرض علي تأجيل ذلك للمقال القادم إن شاء الله، فنحن نعيش هذه الأيام أجواء روحانية عظيمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك الذي سيتلوه إن شاء الله الفرحة بعيد الفطر المبارك فيما أخوتنا من العاملين في سوق السمك بتاروت ينتابهم وأسرهم القلق على مصدر دخلهم جراء إجراءات البلدية بقرارها إلغاء سوق السمك بتاروت. وصول إشعارات إخلاء المحال الموقتة التي بنوها بالتنسيق وموافقة البلدية أعاد العاملين في السوق إلى نفس المشكلة تقريباً قبل سبع سنوات حينما قامت البلدية بهدم كامل السوق دون أن توفر البديل للمستأجرين في السوق.
تمثل أسواق النفع العام عنوان للمدينة وحاجة فعلية أساسية للمدن الصغيرة خصوصاً، فهي من الناحية التنظيمية للمدينة تحتل حجر الزاوية في المدينة الذي تلتف حوله حياة المدينة، حيث يمثل سوق النفع العام جزء من الحياة الاجتماعية والاقتصادية بمختلف تفرعاتها.
ما زالت خطوة البلدية بإلغاء وسلخ سوق السمك بتاروت عن باقي السوق خطوة غير مفهومة ولا تتفق مع رغبات واحتياجات الأهالي، فالقرار المنفرد الذي اتخذته البلدية ولم يعرف عنه أصحاب المحال إلا عبر إشعارات الإخلاء هو أسلوب غير موفق ولا يتفق مع الممارسات البلدية الحديثة، حيث لم تشارك البلدية المجتمع المعني والمتضرر أيما ضرر من هذا القرار المنفرد، بل بدا وكأنه قرار إداري متعلق بنقل موظف من قسم إلى آخر، وليس قرار يمس شريحة عزيزة من المجتمع ويغير نمط سائد من حياة مئة ألف نسمة من سكان جزيرة تاروت.
أحد الأصدقاء وهو طبيب نبهني إلى أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يؤثر سلباً على إقبال الناس على أكل السمك وهذا معاكس تماماً لجهود وزارة الصحة الخاصة بالتشجيع على أكل اللحوم البيضاء وخصوصاً الأسماك، وقال آخر متهكماً أن مثل هذا الإجراء ربما يستهدف تحويل أصحاب المحال التي تبيع الأسماك في السوق إلى أسر منتجة يعتمد دخلها على ملاحقة مواسم المهرجانات المحلية!!
إن وجود قلعة تاروت وحي الديرة التاريخي ومشاريع هيئة تطوير المنطقة الشرقية المنتظرة في جزيرة تاروت كلها تحتاج إلى سوق نفع عام كان موجوداً منذ عقود عديدة، ولأن هناك مساحة واسعة لتطبيق أفضل الممارسات بهذا الخصوص ومشاركة الأهالي والوصول إلى أفضل النتائج إن شاء الله، فالأمل كل الأمل أن تنظر البلدية نظرة بانورامية واسعة للفوائد الكثيرة في بقاء سوق النفع العام بجزيرة تاروت بما فيه سوق السمك والمزاد الذي يتم بالقرب منه، وتغليب المصلحة العامة، وأن تكون إرادتها في تطويع أي إجراءات خدمة للمجتمع بإبقاء وتوسعة السوق وليس إلغائها.