التعامل مع الأزمات.. «ما حدث في صفوى مثالاً» وجهة نظر سوسيولوجية
يوم أمس الماضي قمنا جميعاً، بتشييع ودفن ضحايا حريق صفوى المعروف، الأمر الذي قد يخفف من الألم، وقد يثير آهات ولواعج الأقارب والمحبين لأسرة بيت الملا الكرام.
نحتاج إلى الكثير من الهدوء والتروي والحكمة، في معالجة مثل هذه الأحداث بدل الاندفاعات الغير مدروسة، وهنا أطرح رؤية بسيطة أرجو من الله أن تكون مفيدة.
بداية دعونا نقول بأن ما جرى في صفواء يصنف عند علماء النفس والاجتماع على حد سواء بأنه «أزمة».
إذا اتفقنا على أنها أزمة، فإن الأزمة تصيب كل من الأفراد، والجماعات، والمجتمعات.
ولها شروطها وشواهدها التي سنسلط الضوء عليها.
للأزمات في العادة مجموعة من المراحل هي:
1/ الصدمة/في هذه المرحلة يصاب الإنسان بالتبلد الانفعالي، وصعوبة التواصل مع الآخرين وشعور بعدم القدرة على عمل أي شيء، يخالطه شعور بالدهشة، والامتناع عن الكلام «الصمت الاختياري».
2/الإنكار.. يتضمن حالة تشبه الخيال بحيث أنك لا تصدق أن ذلك قد حدث، ويسير المصابون في برنامجهم اليومي، وهم غير مصدقون ما حدث «الفاقد قد يجلس يومياً» ويطرق الباب، وهو يعرف أن من بداخل الغرفة قد رحلوا... يخالطه عدم الاستيعاب لما حدث.
3/الغضب/ في هذا المرحلة يقوم المصابون بالأزمة بلوم الذات، وشعور بالذنب، ثم لوم الآخرين «الأقارب، الجيران، المسؤولين».
4/الحزن / تنتابهم مشاعر الكآبة، ومشكلات في النوم ووجود الكوابيس، إضافة إلى مشكلات في الأكل «فقدان الشهية، أو قد يحدث العكس الشراهة في الأكل»
5/التكيف./في هذه المرحلة يحاول المصابون بهذه الأزمة العودة إلى الحياة الطبيعية «بشكل تدريجي»، ومحاولة التوافق مع الظروف المحيطة.
هكذا صنف علمياً، وخطورته تكمن في أنه لا يتضح إلا بعد مرور فترة الشهر أو أربعين يوماً، وقد تتأخر لكنها لا تتعدى فترة 6 أشهر.
وهناك مقاييس لهذا الاضطراب يمكن استخدامها، وقد يشخص الأخصائي المتمرس الحالة من آثارها.
وهذا ما نحث على الالتفات إليه بالنسبة للقريبين من هذا الحدث، وقد سررت لما قرأت باستجابة سمو أمير المنطقة الشرقية العاجلة بالعناية، بذوي الضحايا الذين سقطوا، وأعتقد أن هذا القرار يعني العناية «الصحية والنفسية».
ومن أعراض هذا الاضطراب «نوبات مفاجئة من القلق والتوتر، والحزن والبكاء، وكأن الحدث للتو قد وقع، وتتعطل حياة الفرد وظيفياً واجتماعياً، إضافة إلى اضطرابات نفسية متعددة، أحلام مزعجة، خوف من المستقبل، فقدان الاهتمام بالمناسبات والأنشطة، خصوصا تلك الأنشطة التي تذكره بالصدمة، ومخاوف من تكرار الأزمة مرة أخرى.
مايطمننا في هذا الموضوع أن نصف الحالات التي درست يستطيعون استعادة حالتهم الطبيعية، نسبة بسيطة منهم قد تمتد معهم الحالة لسنوات طويلة.
إضافة إلى وجود المجتمع الصفواني والقطيفي بشكل عام «مجتمعات إسلامية» مسالمة ومساندة في نفس الوقت سيخفف من وقع الحدث بحول من الله وقوته.
في النهاية نحن نتكلم عن الحالات الإنسانية، لذلك لا يمكن الجزم بأن كل التفاصيل بالحرف ستحدث، لكنها الأقرب، ذلك يعتمد على قدرة الإنسان على التحمل وتجربته الحياتية، واطلاعه وثقافته في كيفية التعامل مع الأزمات... والله الحافظ.