آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

هل ستقيم هذا التحدي في منزلك؟!

الدكتور فؤاد السني *

حسنا، يبدو أنك قد أفطرت هذا النهار، فيمكنك العودة لقراءة هذه الأسطر، قبل إفطارك غدا..

في كل الأحوال، ما عساك أن تقدمه على الآخر: إطعام جائع، أم إفطار صائم..

وانت تتموضع للجلوس على مائدة الإفطار وتختلس النظرات لمعرفة ما جهز وما لم يجهز من أطباق، وما وصل من بيت الجيران والأهل والأصدقاء، وبعد أن تنهي قراءتك هذا المنشور، تفكر في أي من هذه الأطباق هو ضرورة، واي منها جهز بكمية ما تحتاجه، وكم من كل هذا سيكون مصيره الإهدار.

وكأننا في هذا الجزء المهدر، سعاة بريد ندفع من أموالنا وأوقاتنا وجهدنا تكلفة نقل مادته الأولية من الأسواق وبذل الجهد في تجميعها من أماكن مختلفة، وبذل الطاقة والجهد في المطبخ وصرف الوقت فيبرد ويجمد ويسخن ويغلى ويعجن ويفرد ويخلط ويشكل ويقلى ويغلى ويشوى، لنفتح في النهاية له برميل النفايات واسعا بعد أن نجد أن لا مجال لاستهلاكنا إياه!!.

نعم وانت تتموضع للجلوس على المائدة، هل كنت لتقدم من سفرتك بعض أطباق لن يضر الاستغناء عنها، ولكنها ستشكل فرحة العمر لفقير محتاج ستقدم ما يزيد عن إطعامك لمحتاج، حالت الظروف بينه وبين توفير متطلباته البسيطة، ما يسد رمقه، على إفطارك لصائم امتنع عن الطعام طاعة للرحمن واحتراما للشهر ورغبة في الثواب؟!.

كان متوقعا أن يكون العالم مختلفا بعد الكورونا، عن ما كان قبلها!! وتوقعت أن يشمل ذلك ما يتم إهداره من أطعمة، وخصوصا في رمضان!!.

أمنيتي تلك، في تقديري، لم تتحقق وان تحققت فليست بشكل واضح وجلي أو بمستوى مهم!.

كنا في الخليج بشكل عام، وحسب أرقام منظمة الفاو حينها، من أعلى الدول إهدارا للطعام سنويا، مما يعني إن إمكانية التحسين بتقليل الإهدار متاحة بشكل كبير. فالاهدار يتجاوز عدة مليارات دولارات سنويا!!

ليتنا نرتقي لمستوى نعكس فيه وعيا متقدما في كل اتجاه: حمدا لله وشكره على نعمه، وحفاظا على الأموال من إهدارها في غير محلها، وتقنينا في استهلاك الجهد والمال الذي تتطلبه المزارع، ومساهمة في المحافظة على البيئة بالتقليل من حرق الوقود والطاقة المطلوبة لتوفير المواد الغذائية وطبخها، ومشاركة في تخفيض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية المصاحبة لها.

رمضانكم مقبول وأنتم تستحضرون أن هناك ما يقارب عشر سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر، وسيتقلص أعدادهم عند استشعارنا أهمية التقليل من إهدار الأطعمة وتنفيذ ذلك، في رمضان وعلى مدار العام.. أنها بمثابة إفطار جائع لم يجع باختياره، بل لقلة حيلته وبافطارك إياه ترفع عوزه وتكون من المعطائين للبشرية فتشعر بالرضا.

نعم في إفطارك لصائم ثواب لك بأكثر مما فيه عونا له، فلعلنا نسعى ونقرن إفطار الصائم بإطعام المحتاج للطعام، لنكون من المعطائين ونفوز بإطعامه بالأجر الذي نسعى إليه، وسنجني الأجر أيضا نتيجة توفيرنا في إهدار الطعام.

هل ستبدأ تحد في منزلك، أن يكون مقدار إهدارك من الأطعمة خلال شهر رمضان «صفر».. أعمالكم مقبولة

رئيس قسم هندسة النظم السابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن