سوق جزيرة الأسماك والبداية المقلقة
الجزيرة كما نعرف ودرسنا هي تلك الأرض التي تحيطها مياه البحر من كل الجهات، في الخليج هناك تسمية أخرى للجزر القريبة جداً من الساحل تسمى «حالة» وهي التسمية الأكثر انطباقا على جزيرة الأسماك بالقطيف.
البداية لهذه السوق التي بدأ تشغيلها قبل عدة أشهر يبدو أنها تريد أن تبدأ من الصفر رغم عملية الانتقال الكاملة التي حدثت من السوق القديم إلى السوق الجديد بجزيرة الأسماك. فالكثير من تاريخ وأعراف سوق السمك بالقطيف لم تنتقل بعد للسوق الجديد.
مع انتقال إدارة تشغيل السوق من بلدية القطيف إلى شركة خاصة بدت كأنها مطلقة اليد بشكل واسع وبدون أي قيد أو حدود معلنة أو معروفة لمدى صلاحياتها في السوق، افتتحت الشركة عهدها برفع قيمة إيجار المحال والمفارش بنسب عالية جداً مقارنة بالسابق حتى عبر أحدهم بأنه ”وقع في الفخ“ نتيجة استئجاره مفرش بمبلغ سنوي يصل إلى المليون ونصف المليون ريال، بدأت الشركة بعدها بوضع شروط مختلفة على المحال التجارية زادت فيها الفاتورة الإيجارية بعدة أشكال، كما وضعت بعض الإجراءات التي تعيق انسيابية حركة البيع بين أصحاب المحال والمتسوقين بعد أن أجبرت أصحاب المحال على عدم تنظيف الأسماك لدى المشترين إلا عبر شركة خاصة تابعة لها. أما على مستوى أصحاب المزادات والمشترين من المزاد الذين لديهم عمالتهم الخاصة بنقل الأسماك، فقد حصرت عملية نقل الأسماك من وإلى المزاد عبر عمالة خاصة بها مقابل رسوم جديدة باهضة رغم صعوبة تأمين العدد الكاف من العمالة خلال فترة قصيرة وكذلك تعطيل عمالة المشترين الذين كانوا يقومون بهذه المهمة كجزء من عملهم وبالطريقة التي يريدها رب العمل.
هذا التسلسل يكشف لنا أن اتباع الاستراتيجية السهلة والسريعة لتعظيم الإيرادات التي تتبعها عبر الإيجارات المرتفعة وفرض الرسوم بشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة يبدو أنها حجزت التفكير عن الكثير الطرق الإبداعية التي تحدث قيمة مضافة للسوق وللمنطقة عموماً، فسوق الأسماك الأكبر في المملكة والخليج عموماً الذي يتداول فيه يومياً إلى ما يزيد عن 120 طن من الأسماك يومياً هو بحاجة إلى أسواق صغيرة بالقرب منه تؤمن له تصريف مزيد من الأسماك أو تباع وتحفظ تلك الأسماك التي قد لا تباع في أيام معينة في تلك الأسواق الصغيرة وفي ثلاجتها وليس في ثلاجات السوق الأكبر. لقد أصبحت سوق جزيرة الأسماك أكثر قلقاً حتى من سوق أسماك صغير مختلف في كل شيء تقريباً عنها ولا يبيع أكثر من نصف طن في اليوم مقابل 120 طن أي أقل مما نسبته نصف في المائة!!
أسواق الأسماك عموماً هي سلسلة متتابعة تحتاج إلى الاستقرار كما تحتاج إلى إدارة ميدانية، وأصحاب المزادات «المفارش» هم الأقرب الأقدر على تلك الإدارة ومعالجة ما يستجد أولاً بأول، لكن المعالجات الاستباقية الوقائية غير حاضرة حتى الآن، بل السائد هو طريقة الإطفائي الذي يأتي بعد كل تأزم في الموقف وإرباك للسوق والعاملين والصيادين والشركات التي تأتي من خارج المملكة ولا يوجد لديه معالجة سوى تأجيل تطبيق بعض الرسوم!!
دون النظر إلى اعتبار أن دعم الشركة المشغلة هو قضية وطنية على حساب السعودي الذي يعمل في قطاع الأسماك في القطيف، أعتقد بأن الشركة المستثمرة بحاجة للدعم لإنتاج حلول عملية تساعد على الحفاظ على السوق وسمعة سوق الأسماك الأكبر في المملكة والخليج وعدم الإضرار بلقمة عيش مئات الشباب السعودي الذي يعيل أسرته عبر العمل في سوق وصيد الأسماك والمهن المساعدة، والتي تعمل وزراة البيئة والزراعة والمياه على زيادة أعدادهم بمختلف الأساليب.