المصاب الأليم في رحيل رجل العلم العظيم..!!
قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [سورة المجادلة 11].
أصعب ما على الإنسان أن يتحدث أو أن يكتب عن رجل هو أكبر منه وبمراحل كثيرة.. أو يسعى لأن يسطر ما يمكن عن شخصية كبيرة في كل مجال وفي كل اتجاه.. ذلك هو نفسه الحديث عن رجل عظيم بحجم سماحة العلامة الوقور فضيلة الشيخ/إبراهيم بن عبدالله الخزعل.. أحد رجال الدين الكبار وأحد العلماء على مستوى الأحساء، والمنطقة والذي عرف عنه التدين وحسن الخلق والتواضع والوقار والالتزام منذ صغره..
- وفي الحديث الشريف: «إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء» م/الخصال.
فقد وفقه الله تعالى لأن يكون أحد عمالقة رجال العلم والفضل.. في محافظة الأحساء خاصة والمنطقة بشكل عام، ووفقه أيضاً أن يكون أحد خدامهم فقد ألف عدد من الكتب والأشعار في حق «آل البيت » حيث كان دائم القراءة والبحث والاطلاع على تراثهم العظيم..
كما أنه جعل منزله المبارك محط رجال العالم وطلبته فقد كان مفتوحا للجميع في كل يوم صباحا للضيافة العلمية وعلى مدى سنوات طويلة..
ولذلك كان رحيله المؤلم خسارة كبيرة للعلم والعلماء، والمجتمع والذي يصعب تعويض غياب أمثاله..؟
والحديث حول سماحة الشيخ يحتاج كتب وليس مقالة عابرة من تلميذ بسيط جدا في مدرسته والتي تعلمنا منها الكثير، والكثير مما يصعب حصره..
ولكن سوف نوجز الحديث عنه في عدد من النقاط المهمة والتي كان للشيخ دوراً بارزاً ومهماً فيها..
وهذه النقاط هي:
1 - المنبر الحسيني والذي تشرف بالارتقاء له قبل «60 سنة» تقريباً منذ كان طفلاً صغيراً في عمر «15 سنة» ومنه علم الناس منزلة «آل البيت » والمحبة لهم وكان يقرأ في اليوم ما بين «8 - 10» مجالس لشدة تعلقه بالإمام الحسين .. كما علم طلبة العلوم الدينية فنون وأشكال الخطابة.
2 - تعليم الصلاة والأحكام الفقهية فقد ساهم في تعليم المجتمع كيفية أداء الصلاة الصحيحة منذ زمن طويل، وكان يطرح الكثير من المسائل الشرعية في الصلاة، والصيام، والخمس على وجه الخصوص وغيرها من الأحكام.
3 - فريضة الحج فقد كان ساعياً، وحريصاً على أداء فريضة الحج لبيت الله الحرام، وتعليم الحجاج جميع الأحكام رجالاً ونساء لم يكل، ولم يمل ولآخر أيام حياته كان من الموفقين لأداء الفريضة.
4 - عقود الزواج التي عقد فيها على أغلب شباب البلدة وما جاورها من القرى فقد كان له الفضل في الجمع بين كل زوجين على سنة الله ورسوله.
5 - تعليمه القراءة والكتابة لعدد كبير من الشباب صغار وكبار، وحتى آخر حياته وفي كهولته حيث كان يسعى لمعالجة الأمية ومحو آثارها في البلدة.
6 - تدريسه لعدد كبير من طلبة العلوم الدينية حيث كان يدرسهم كتاب قطر الندى والرسالة العملية والمنبر الحسيني.. وقد تخرج على يديه الكثير منهم.
1 - كان حريصا على لم الوحدة الاجتماعية والبعد عن الشتات والفرقة وطوال سنوات خدمته اجتماعيا لم يسجل له موقفاً سلبياً واحداً رغم حصول عدد كبير من المشاكل الاجتماعية؟
2 - كان إيجابيا مع جميع الناس، وكان يجتهد ويسعى في حل مشاكلهم العامة والخاصة ومع مختلف الطبقات دون ميل أو تحيز لأي لأسرة أو شخص أو اتجاه معين..؟
3 - لا ننسى أنه كان أحد المؤسسين لصلاة الجماعة في «مسجد سليم».. حيث انطلق بالصلاة جماعة من بيته مع مجموعة من الشباب ثم اتجه للمسجد وأحياه بالصلاة فيه وطرح عدد من المسائل الشرعية لمدة «40 سنة» تقريبا.. وكان من حرصه يرجع يصلي بالنساء جماعة في بيته أيضا..
4 - كذلك كان من المؤسسين لحسينية «آل البيت ع» بإنشائها والقراءة فيها.. وكان له الدور الكبير في إرساء قواعدها.. حيث نقل الناس من خلالهما من الجهل إلى نور العلم وكم تعلم على يديه الكثير من الرجال والنساء من خلالها فجزاه الله تعالى خير الجزاء..
5 - كما نذكر له هنا بعض الأدوار الاجتماعية المهمة حيث لم يكن من المؤيدين لإقامة صلاة الوحدة في البلدة لكي لا يحرم بعض المؤمنين من صلاة الجماعة... أما لبعد مسافة أو عدم رغبة البعض في الصلاة خلف أحد الأئمة.
6 - كان يقف مع المؤمنين في كل موقف فيه مصلحة دينية واجتماعية.. وكان يتصدى لكل من يسيء للمؤمنين عموماً بكل جدية وحزم مهما كان ذلك الموقف ومن يقف وراءه وهناك شواهد كثيرة على ذلك يصعب حصرها..
7 - كما كان حريصاً على الاهتمام بالمسجد، والحسينية رغم انقطاعه عنهما لظروفه الصحية وكان أيضاً حريصاً على السؤال عن جيران المسجد وعدم إيذائهم حتى أنه رفض إقامة دورات المياه عندما علم بانزعاجهم منها ووقف معهم مسانداً لهم رغم حاجة المسجد لها ولكن إنشاءها تؤذي الجيران..؟
وقد حظي سماحة الشيخ الفاضل/إبراهيم باحترام الجميع بدءاً من أكبر رجالات الحوزة العلمية، ولأصغر طالب علم وكذلك جميع أفراد المجتمع على اختلاف توجهاتهم..
وعاش سماحته عزيزاً تقياً ورعاً مؤمناً..
ورحل إلى الرفيق الأعلى وفي نفوس كل المؤمنين «الحسرة والألم على فقده فقد ترك سماحته فراغاً كببراً يصعب ملؤه».. ورحل ولم يترك له حق أو طلبة مع أحد من الناس.. لذلك من يسعى لأن يختصر فضيلة الشيخ في كلمات بسيطة فهو واهم لأن إنجازاته هي من تتحدث عنه.. وآثاره هي من تحكي عن جهوده العظيمة.
فقد اختاره الله تعالى «يوم الأربعاء 20 شعبان 1443» هانئا سعيدا بعد رحلة كفاح طويلة عامرة بالجد والاجتهاد في طلب العلم وفي مسيرة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين حشره الله تعالى معهم ومع من أحب من الأنبياء والصالحين..
رحمه الله برحمته الواسعة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين.
والسلام خير ختام.