كتمان السر
المقصود بهذا العنوان المتعارف عليه عند الناس من حسن كتمان أسرار الناس وعدم إفشائها وإشاعتها، فهذا السلوك معروف ولا يحتاج تنبيه.
والإنسان إذا أراد أن يكتم سره فلا يفشيه لغيره، مطلق الغير، أما إذا أفشاه ونشره للغير فلا يلومن إلا نفسه، لأن هو لم يستطع أن يكتم سره، فهل يتوقع من غيره هذا؟
عمومًا المقصود هنا هو ما يوصي به أهل السلوك، فهم يوصون بكتمان السر، فماذا يقصدون بالسر وما هي أهمية كتمانه؟
كتمان السر هو خلق من الأخلاق العظيمة المتعلقة بالصبر ألا وهو: كتمان السر، والسر هو ما يكتم في النفس، وتعلق هذا الخلق بالصبر هو حبس النفس عن إظهار ما فيها من أسرار الغير، وكذلك فإن كتمان السر يعني: أن يحبس الإنسان نفسه ويصبرها على كتمان السر وعدم إفشائه.
فكتمان السر هو ضبط النفس ضد دوافع الإفشاء، وهذا لا يتم إلا بالصبر فهذا هو الخلق العظيم. الخلق أيضا متعلق بقوة الإرادة المستندة إلى صحة العقل وسلامة الرأي، وكتمان السر قد يقصد به: إنك إذا استودعت سرًا من شخص آخر أن تكتمه ولاتفشيه، فإن كتمانك لسرك ولسر غيرك هو المقصود في موضوعنا هذا وكلاهما داخل فيه.
وقد وردت أحاديث وروايات في حفظ الإنسان لسر أخيه المؤمن وعدم إفشائه له، كما في حديث الرسول ﷺ:
«المجالس بالأمانة»، أي حسن المجالس وتشريفها بأمانة حاضريها على ما يقع فيها من قول أو فعل، كما يحصل في بعض الديوانيات والمجالس والمواقع إفشاء الأسرار وإشعال الفتنة، فكان المعنى: ليكن صاحب المجلس أو الديوانية أمينًا لما يسمعه أو يراه.
وإذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة ولا شك أنه إذا استودع إنسان سرا من أخيه ثم فشاه فهي خيانة عكس الأمانة.
وإذا كان الحفاظ على السر واجب، فإنا إفشاء السر حرام، وأهل البيت بيت الرحمة يوصون صاحب السر بعدم إفشائه.
وإفشاء الأسرار من علامات النفاق، إذ أنه يدخل في خيانة الأمانة أو خيانة الصداقة.
اللهم اجعلنا ممن يحفظون السر ولا تجعلنا ممن يفشون أسرار الناس.