سوسيولوجيا المرأة السعودية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية
”البناء الاجتماعي: هو مجموعة ثابتة نسبياً من العلاقات النموذجية بين الوحدات ن ولما كانت وحدة النسق الاجتماعي هي الفرد في قيامه بحدث معين، أصبح البناء الاجتماعي عبارة عن نسق من نماذج العلاقات بين الأفراد. ويتميز بناء النسق لأي حدث اجتماعي بأن الفرد في معظم علاقاته لا يشترك فيها ككيان مستقل، وإنما على أساس أنه جزء مختلف عن الحدث.“
عالم الاجتماع الأمريكي
تالكوت بارسونز Talcott parsons
المرأة والرجل كل واحد منهما يشكل نسقاً من الأنساق، الذي بتفاعل، ويتداخل ليشكل البناء الاجتماعي، ولأننا في شهر مارس الذي يحفل بيوم المرأة العالمي، وكذلك اليوم العالمي للأم، الأمر الذي أتاح لنا مجالاً للحديث وتسليط الضوء على معاناة المرأة في بلادنا، والإنجازات التي تحققت، مسلطين الضوء على الجهود الحثيثة والكبيرة التي بذلت من أجل التغيير في وضع المرأة الثقافي والاجتماعي، ليكتمل ما كان ناقصاً في مسيرة التنمية في مجتمعنا.
هل ثمة معاناة واجهتها المرأة في بلادي. سؤال لا محل له من الإعراب إذا ما عرفنا، أن المجتمع بأسره كان يتحمل المعاناة.
من الضروري هنا أن نذكر بأن الحديث عن مناطق المملكة لا يمكن أن يتم بوتيرة واحدة، وبمقياس واحد.. وإذا كنت «شخصيا» أزعم بعض المعرفة عن مجتمع المنطقة الشرقية، إلا أنني لا أعرف إلا لماماً عن المناطق الأخرى، أو أعتمد على ما يتوصل إليه كتاب ومؤرخون آخرون.. لذا التمس المعذرة من القارئ الكريم لو كانت أمثلتي ترتبط بالمنطقة الشرقية أكثر من غيرها.
ذلك أن مجتمع الجزيرة العربية يحمل في طياته تنوعاً من المجتمعات المحلية، فمجتمع القطيف والمنطقة الشرقية يقترب في بنائِه الاجتماعي، وتركيبته الثقافية، وعمقه التاريخي، ونظامه القرابي من المجتمعات المجاورة لساحل الخليج العربي، بينما يشكل مجتمع الحجاز تركيبة وخلطة ونكهة أخرى مغايرة، وكذلك مختلفا «نوعا ما» في العادات والتراث الثقافي، ويقترب نوعا ما من المجتمع المصري، مع وجود بعض التمايز والفوارق بينهما.
ويقترب مجتمع الشمال «نوعاً ما» من مجتمع الشام، ويتداخل مجتمع الجنوب من تراث اليمن القديم.
فقبيل سيطرة الملك عبد العزيز على الحكم في واحتي الأحساء والقطيف «1913م 1914م». كان الفلتان الأمني يأخذ مأخذه من سكان الحواضر.
وعلى خلاف أصقاع الجزيرة العربية باستثناء الحجاز، كانت القطيف والأحساء تعيش بحبوحة اقتصادية ضمن الاقتصاد الأولي ضمن الفترة المستقرة، التي سبقت عصر النفط، وعصر اكتشاف اللؤلؤ الصناعي في اليابان.
حيث كانت تعتاش على تجارة اللؤلؤ، والمنتوجات الزراعية والبحر، لكن هذا لا ينفي التخلف الموجود في المنطقة، والأمية الضاربة بجذورها في أعماق المجتمع.
الأرطاوية [1] .. اسم مهم في تاريخنا الاجتماعي، وتعتبر الأرطاوية مركزا وسطا بين المدينة والصحراء لقد دعمت منطقة «الأرطاوية» وتوفرت الخدمات فيها «1330م 1333 ه» لتوطين الوجوه القبلية خصوصاً من قبيلة مطير، وتعودهم على الحياة المدنية. وأكملت خطط التنمية المتتالية، في استقطاب الكثير من البدو إلى المدن والأرياف وقطعت المملكة مسافة طويلة في طريق التمدن والتحضر والتعليم.
ولا يمكن أن نضع كفة واحدة لقياس المستوى الاقتصادي في مناطق المملكة العربية السعودية، خصوصا إذا ما انطلقنا من نقطة «الصفر» المعتاد في البحوث السوسيولوجية.
ونقطة الصفر الفاصلة هنا هي المرحلة التي سبقت سيطرة الملك عبد العزيز على كافة مناطق المملكة وتوحيدها تحت مسمى المملكة العربية السعودية في العام 1351 هـ.
في أواخر الحكم العثماني لها
كان الوضع الاقتصادي في الأحساء والقطيف، جيدا نهايات العهد التركي، كون المنطقة تستقي من رافدين حيويين «البحر والزراعة». لكن الوضع الأمني كان مهلهلاً إلى درجة كبيرة.
لأن سياسة الأتراك غير العادلة أدت إلى تدهور خطير في الواحتين «الأحساء والقطيف» من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، ومن خلال الاستقراء التاريخي والاجتماعي لتاريخ المنطقة، كانت العلاقات بين الوجوه القبلية والحضر يسودها الاستقرار، وتسودها الثقة، فالبدو كثيرا ما يؤمنون بيوتهم، وأمتعتهم لدى الحضر، بهم الحياة ويحتاجون إلى بعض السلف من إخوانهم الحضر، وكثير من الخلافات تحل ضمن المجالس المحلية الحضرية، ولم تكن الحياة في القطيف بعيدة عن البداوة بمسافات كثيرة، فالقطيف تصنف بأنها ريف أكثر منها مدينة، لوجود الزراعات الكثيرة، وتجارات السمك واللؤلؤ.
لكن هذه الحياة سرعان ما انقلبت، وتصادمت جميع القوى ببعضها، بالنظر إلى الابتزاز المالي الذي قامت به السلطات العثمانية، فأصبح الكل ناقم على الكل، فقلت الموارد، وقبائل البدو كانت تهاجم بدافع الجوع، وبدافع مقاومة الحكومة العثمانية، وفي كثير من الأحيان لا يفرقون بين ما هو حكومي، وبين ما هو لإخوانهم الحضر، وسكان الحضر كانوا يفكرون بالخلاص من هذا الوضع المتأزم.
لقد أصبح الأمن منفلتا في نهاية الدولة العثمانية، مما سهل الأمر على السلطة السعودية، من ضم هذا الإقليم المهم ونشر الأمن فيه.
يقول الدكتور محمد القريني صاحب كتاب «الإدارة العثمانية في متصرفية الأحساء» [2]
«إن السياسات التي مارسها العثمانيون خلال ما يقرب من أربعة عقود من وجودهم في الأحساء والقطيف وقطر، وعن أنظمتهم والتدابير التي لجؤوا إليها لتثبيت وجودهم.
ففي بداية استيلائهم على المنطقة أعطوا السكان وعودا، ورفعوا شعارات كانت تتركز في تحقيق الأمن أولا، وأخذ الحقوق الشرعية العامة فحسب.... ولكن واقع الأمر كان غير ذلك طوال المدة.
حيث شعر السكان خلالها بأن ما وعدوا به لم يتحقق، فالأمن قد أصبح مضطربا أكثر بكثير من السابق وعجزوا عن نشر الأمن في ربوع المتصرفية.
بل أظهروا عجزا وضعفا في مواجهة القوى القبلية، إضافة إلى الهيمنة البريطانية».
وتقول إحدى الدراسات الصادرة من جامعة الكويت [3] تغطي نفس الفترة بالقول:
«كانت العلاقة بين طبقة التجار والقبائل غير مستقرة، ويعود ذلك إلى هجوم البدو المستمر على قوافل التجار في الإقليم، وذلك راجع إلى الانتقام من السلطة العثمانية في الإقليم التي تهاجم البدو بقواتها العسكرية، إضافة إلى طبيعة البدو وتمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم وفقر البيئة الصحراوية وقلة مواردها الاقتصادية مما جعل هؤلاء البدو يهجمون على قوافل التجار للحصول على المواد الغذائية حيث رضخت الدولة العثمانية أحياناً لمطالب البدو.
كانت أعمال البدو هذه مؤقتة تزول بزوال الأسباب المحيطة بهم لتعود القبائل إلى طبيعتها الفطرية في التعامل الحسن مع الناس. وفي بعض الأحيان كانت القبائل تتحالف مع بعضها البعض لتشكل قوة تربك مخططات الدولة العثمانية في لواء نجد «الأحساء» لحماية القوافل التجارية. وهناك العديد من الوقائع البارزة التي تدل على أن الأوضاع الأمنية كانت في تدهور مستمر.»
السؤال المحوري / أين كانت المرأة في هذا الوقت؟؟؟
نقول إن المرأة في الجزيرة العربية، كانت تكابد هذه الأحوال، وتتقاسم الصعوبات جنباً إلى جنب مع الرجل، بل إنها كانت سنداً عظيما للرجل.
لا بد أن نعترف بأن بلاد العربية السعودية، كانت تحيا وتعيش تحت بحبوحة الاقتصاد البسيط والمهن البسيطة والأولية، ومنها الغزل والطبخ، وصناعة الأجبان والألبان، ومنتجات النخيل في الخليج العربي، نزيد على ذلك ففي القطيف والأحساء راجت مهنتي تجارة اللؤلؤ، وتجارة السلوق وتصديره إلى الخارج، وهذا بحد ذاته أعطى بعض الأسر، التطلع للتعلم والتقدم لما هو أبعد من الوفرة المالية، فكانت هناك بعض الأسر التي اخترقت هذا الجانب، وأرسلت أولادها إلى البحرين أو الكويت، أو الدول الأخرى، ناهيك عن علماء الدين وهؤلاء بدورهم يتصفون بالعلم والمعرفة والثقافة، ويقودون حركة التوعية في المجتمع. أما بقية الأجواء فكانت تسودها الأمية.
اليوم تشهد المرأة السعودية نهضة تربوية، وتقدماً في المستويات التعليمية والمهنية، هذه الصورة لم تأتِ من فراغ، إنما جاءت نتاج جهاد ونضال وكفاح وإصرار على تغيير الواقع البائس والسابق للمرأة في بلادي.
عندما نتأمل في رأي المتحفظين والمتخوفين من تعليم المرأة، ومنهم من كان في سدة المسؤولية المجتمعية «نتحدث هنا عن بدايات تأسيس الدولة السعودية الثالثة»، نجد أنفسنا متأرجحين بين متفهم لهواجسهم، وبين منتقد لها خصوصاً ما يتعلق بردود فعلهم الشديدة تجاه تعليم المرأة، وتشاؤمهم من هذه الخطوة، واعتبارها واحدة من خطوات الرذيلة والفساد.
فلا الناس كانت متقبلة لتعليم الفتاة، والحكومة لم تكن متأكدة من نجاح مثل هذه الخطوة، ولقد كانت حركة إعلامية قوية مطالبة بتعليم المرأة في السعودية، وعندما تم إقرار تعليم البنات في السعودية حتى جاءت الممانعة القوية، وقد أكدت الرئاسة العامة لتعليم البنات، أن هناك من اعترض بقوة على مبدأ فتح الدولة مدرسة للبنات في مناطقهم.، وأصروا في مطالبتهم على الأمير فيصل يوم كان وليا للعهد بإغلاق المدارس بحجة أن الأهالي جميعهم لا يريدونها.
إن خطوة تعليم البنات، هي خطوة جريئة واجهتها الكثير من المتاعب في وجه الحكومة.
وعن سبب تأخر تعليم البنات يقول عبد الملك بن دهيش «لقد تأخر تعليم البنات عن البنين نبع قرن كي يستوعب المجتمع فكرة تعليم البنين، وقد أتاحت حركة الإعلام المطالبة بتعليم البنات تمهيدا للحكومة لإقراره، وحين إقرار تعليم البنات، حدثت الممانعة القوية، ولم تمض هذه الفتنة سريعة وعابرة لا ذيول لها كما يسطر ذلك بعض الراصدين، ولعل هدفهم تمرير الأمر دون إعادة القضية. [4]
إن وصف معارضة «تعليم الفتاة» بالقوة والقسوة وربما العنف، هو قول يصف حقيقتها، ويصف الجهد الكبير الذي قامت به الحكومة، والحرج الذي كانت تعانيه، فقد حدث في بعض المدن التي تقرر افتتاح مدرسة لتعليم البنات فيها أن شرع بعض الممانعين بالفوضى والشروع في التعدي ورمي سيارات الرئاسة بالحجارة.
إذ «يكفي لندرك معنى الخطوة الجريئة في تعليم الفتاة أن نعرف أن بعض المدن في العربية السعودية قد عارض بشدة في هذا النوع من التعليم، وأن الدولة قد فرضته فرضا من فوق، وفي بعض الحالات افتتحت المدارس بحماية القوة العسكرية» [5]
لم يكن بالأمر الهين الحصول على مثل هذه الحقوق «الحق في التعليم»، فبينما سجل بداية التعليم الرسمي للرجال وأسست أول وزارة للتعليم في العام 1344 هـ، تأخر الاعتراف بضرورة تعليم البنات إلى العام «1379/1380 هـ».
ما نود قوله إن جميع مناطق المملكة كان لها محاولات لكسر ما هو مفروض على المرأة، ولا بد أن نعترف بأن الحجاز في هذا المضمار كانت الأسبق، وبعبارة أخرى كانت هناك مدارس أسستهن نسوة وقطعت شوطا كبيرا في التعليم قبيل سيطرة الحكم السعودي عليها. كالمدرسة المعجونية 1322 هـ، المنديلية 1339 هـ، والصولتية 1292 هـ والصولتية هذه كانت مشهورة جدا وقد ركزت في البداية على تعليم الأولاد، لكنها في العام 1340 هـ بدأت بتعليم البنات أيضا.
كما اشتهرت في المدينة المنورة كتاب الشيخة «الخوجة» فاطمة هانم بنت يوسف الشامية والتي أنشئت في العام 1341 هـ والشامية هي امرأة قدمت من سورية، بعد أن توفي زوجها وندرت نفسها لتعليم بني جنسها «وفي هذا الكتاب كان يعلم الكتابة الإملاء والخطابة، وإلقاء القصائد، ونظم القصائد، وكتابة الشعر، إضافة إلى القرآن الكريم».
لا ننسى أن منطقة الحجاز كانت مفتوحة على كل المذاهب، والبعض من هذه المذاهب لديه وقوفات، موقوفة على التعليم في أرض الحجاز.
وتأتي المنطقة الشرقية «الأحساء والقطيف» عقيب الحجاز بمرتبة في الجهود المبذولة لتعليم الفتاة.. ولا نود هنا الإطالة [6]
وذكر الكاتب المرحوم السيد علي العوامي في حفل أقيم في مزرعة البيات بجزيرة تاروت بالقطيف، احتفاء بالشيخ عبد الكريم الجهيمان بتاريخ 15/ 3 / 1422 هـ «6/ 6/ 2001م» أنه وأصحابه رفعوا برقية للملك سعود بن عبد العزيز آل سعود في العام 1374 هـ «1954م» تطالب هذه البرقية بفتح مدرسة للبنات في القطيف.
وبعد أيام أرسلت شرطة القطيف لجميع الموقعين على البرقية، وأبلغتهم نص الرد الملكي وكان عن طريق أمير الشرقية حينذاك «الأمير سعود بن جلوي». وقالت الشرطة لنا «العوامي» إننا نبلغكم الرد، وتوقعون على أنكم تبلغتم، ولن نقبل منكم أي تعليق أو مناقشة.
وكان نص الرد «المرأة تتعلم في بيتها، والمدرسة أول خطوة في طريق الفساد». ووقعنا وخرجنا، ولكننا لم نسكت فقد كتبنا خطابا مطولا شرحنا غيه وجهة نظرنا، ولم نتلق أي رد على خطابنا، بعدها قمنا باستئجار محل، واتفقنا مع بعض زوجات مدرسي الأولاد الأجانب، يومها لم يكن ثمة مدرسون سعوديون، إلا أفراداً قلائلاً، وأحضرت كل طالبة كرسيها من عندها، والأجرة شهريا 10 ريالات عن كل طالبة، واستمر الوضع هكذا حتى صدور قرار فتح مدارس البنات في المملكة.
وتأسست أول مدرسة بنات في القطيف عام 1379 هـ، واستمرت عامين، ثم سلمت إلى مندوبية تعليم البنات، وقتها بدأت الخطوات جدية في تعليم المرأة. [7]
وبلا شك أن الدعوة إلى تعليم الفتاة لاقت من الصدود الكثير، إلا أننا هنا باختصار يمكن أن نذكر بعض النجوم التي أضاءت سماءنا.
وهنا لا بد أن نشير إلى تاريخ الشخصيات التي رفعت الصوت مطالبة بتعليم المرأة، وعندما نذكر هذه الشخصيات لا ننفي غيرها، ولأن الأمر كان مخيفا في البداية لأن فيه تعدي على العادات التي درج عليها المجتمع، ولتصور البعض أن الدعوة إلى تعليم الفتاة بمثابة الدعوة إلى الخروج عن المبادئ الدينية، أو أنها تتضمن الدعوة إلى السفور، لذلك سنلاحظ أن كثير من الشخصيات قد اختبأت خلف أسماء مستعارة طلباً للأمان.
والحقيقة أنني اعتمدت في إدراج أسماء بعض هذه الشخصيات، من الدراسة التتبعية التي قام بها الكاتب محمد عبد الرزاق القشعمي، والذي تتبع مقالات الصحافة، ودعواتها، أو لنقل نضالها لنصرة إرساء موضوع تعليم المرأة فنجد من الرجال تبرز لنا الأسماء التالية «محمد حسن عواد، سمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن آل سعود، عبد الله القصيمي، عبد الله صالح الوشمي، عبد سراج، إبراهيم فلالي، محمد علي رضا، عبد الملك دهيش، أحمد السباعي، محمد سعيد المسلم، علي العوامي، عبد القدوس الأنصاري، الشاعر «ح. ع. س»، محمد سعيد عبد المقصود، محمد راسم، محمد أحمد باشميل، أحمد عبد الغفور عطار، عبد الله شباط، يوسف الشيخ، سعد البواردي، عبد الكريم الجهيمان» [8]
أما بالنسبة للأصوات النسائية فنجد من الأسماء التي برزت في ذلك الوقت «إحدى الفتيات، صوت الحجاز «ر. ع»، متعلمة، الدكتورة السيدة أم مي، نبيلة عبد الهادي خليل، فوزية القاضي، سميحة أحمد، أم همام، سعاد، الخبر «ف. ع فتاة»، الدمام «م. ق» [9]
ويلاحظ القارئ الكريم قلة الأصوات النسائية المدافعة عن تعليم المرأة مع أن القضية تخص المرأة كما يتصور، وحسب الإحصائية التي استقيتها من دراسة الكاتب القشعمي فتبلغ الأصوات الرجالية ثلاثين اسماً «لم يذكروا جميعهم لأسباب أوضحها لاحقاً»، بينما بلغت الأسماء النسائية إحدى عشر اسماً معظمها أسماء مستعارة، أو متخفية، وعلى هذا يمكن أن نلاحظ أن نسبة المدافعين الرجال في حق تعليم المرأة كان يشكل ما نسبته 73% من العدد الكلي، بينما بلغ أصوات النساء المدافعات عن حق تعليم المرأة 27% تقريباً... مع عدم الثقة من أن هذه الأسماء النسوية المستعارة يقف خلفها نساء حقيقيات، فقد يقف الرجال خلف هذه الأسماء المستعارة. خصوصاً إذا ما عرفنا أن كثير من الكتاب الرجال في بلادنا، بدايات العمل الصحفي والصحافة، والنضال من أجل التعليم أولاٌ، ثم تعليم المرأة ثانياً، كانوا يستخدمون أسماءً مستعارة، لأسباب متعددة، فنجد الأستاذ سعد البواردي يوقع اسمه «س. ب»، ونجد الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود يوقع مقالاته «الغربال» [10] ، أما الكاتب السيد علي العوامي، فقد عثر على كثير من مقالاته وقعت بأسماء مثل «الجزيرة العربية - عربي، قطيفي - بالظهران، القطيف - أبو منى، عيسى الماحوزي، الخبر - ابن البلد» وهكذا [11] .
ونجد الأستاذ أحمد السباعي استخدم خمسة أسماء جميعها نسوية مثل «فتاة الحجاز، سمراء الجزيرة، خديجة، فتاة، متعلمة حجازية» [12] .
ولا تعد النسبة المئوية مستغربة، ذلك أن الرجل «السعودي» لم يعتبر المشكلة مشكلة المرأة لوحدها، إنما هي مشكلة مجتمع، واعتبر تعليم المرأة يصب في صالحة كرجل يشكل جزءً كبير من المجتمع.
وهو الأمر الملفت في سوسيولوجيا المرأة السعودية، ففي هذا هي تختلف عن المرأة في دول أخرى والتي قد لا تلاقي مثل ما تلاقيه المرأة السعودية من قبول واحتضان في جميع الأهداف والتوجهات العامة والمصيرية.
ويعتبر الكاتب محمد حسن عواد هو أول كاتب دعا إلى تعليم المرأة عندما وضع كتابه «خواطر مصرحة» في العام 1345 هـ.، وفي واحد من مقالات الكتاب دعا الكاتب الفتيات لتغير وضعهن عبر التعلم، مع اعتراف ضمني بأن هذا الحديث سيغضب الجد والجدة والأبوين، لكنه سيرضي الإخوة، وسيرضي الزوج، وهكذا أكمل العواد رسالته للمرأة. [13]
أما من الأسرة المالكة فهو الأمير مساعد بن عبد الرحمن وزير المالية والاقتصاد الوطني فيما بعد، وذلك في رسالته الثانية «في التربية والتعليم» المتضمنة في كتابه «نصيحتي إلى إخواني في الدين والنسب» دعا فيه إلى افتتاح مدارس، ومعاهد للمعلمات، وأخرى للمرشدات. [14]
واليوم وحيث تتبوأ المرأة السعودية مكانتها، ينبغي لها ولنا أن نتذكر مثل هؤلاء الذين سعوا، وحوربوا من أجل ألا تبقى المرأة جاهلة مهمشة، إنما هي شريكة عظيمة وهامة في مسيرة تنمية بلادي العربية السعودية.