الوارث والميراث
الميراث كل ما تركه المُتوفى من ثابت ومنقول ويصدق عليه شرعاً أنه ميراث قابل للقسمة بعد استبعاد بعض بنوده بحسب المفهوم الشرعي في مقدمتها الدَين الثابت بأنواعه والوصية بشرط صحتها وأنا هنا لا أستعرضه من الناحية الشرعية ”لست من أهل الاختصاص ولا هو المستهدف“ أتكلم عن موقف الورثة منه ونزاعهم عليه عند تقسيمه وبحكم خبرتي الطويلة في هذا المجال مرت عليٌ مواقف لورثة «ما أكثرها» تنازعوا على إرث أخجل أن أذكر الأسباب خشية عدم التصديق «لأنها أقل من تافهة» خاصة بيننا كمؤمنين وأرحام من طبقة واحدة وبسبب ذلك خسرها الجميع وبقيت العداوة يتوارثونها جيلاً بعد جيل من هنا أقدّم لأبناء مجتمعي تنبيهاً ونصيحةً في هذا الموضوع علها تنفع ولو بعضاً.
أولا: التركة «الميراث» أشبه بكرة ثلج ملقاة في رمضاء كلما مرت الساعات والأيام أذابت الحرارة بعضها أو تلة رمال تتلاعب بها الرياح يميناً وشمالاً إلى أن تتلاشى بكاملها دون أن يُستفاد منها.
وربما سائلها أو غبارها أضر بالمكان واحتاج لإصلاح أو يفسد ما جاور كذلك هي التركة إذا لم تُقسم بين أول طبقة تنتقل للطبقة الثانية يصعب حلها أو لا تُحل فتنتقل إلى الطبقة الثالثة أو ما بعدها وقد كثر فيها الشركاء وتفشت الخلافات والعداوة بين مستحقيها أكثر وأكثر وقل نصيب الفرد فيتركها معطلاً للبقية أيضا تعدد القاصرين وفاقدي الأهلية من عوائق التقسيم أحيانا أو يستحوذ عليها البعض فتزيد المشاكل والمقاطعة بين الأرحام وحينها أصبح حلها مستحيلاً ولا يستبعد أن تمتد إليها أيادي غير المستحقين ومن يدعي حقاً فيها وهو ليس كذلك «وقد حصل».
ثانياً: التركة مالٌ حصلتَ عليه من تعب غيرك ومن يشاركك فيه أقرب الأرحام والتأخير يضر بالجميع والمحتاج أكثرهم ضرراً للضعيف سد حاجة لو قُسمت دون تأخير وما هو الضير لغير المحتاج من الورثة وحتى المحتاج أن يتساعد ولو ببعضٍ من حقه تنازلاً لوجه الله وحق الرحم وحفظ الود وتُقسم ”بدلاً من أن يقف حجر عثرة“ ليكن الكل مستفيداً هو عين الصواب والأصلح.
ولكن وللأسف بعض المتمكنين من الورثة يناور ويماطل وقت توزيعها ليستغل ويجبر المرأة والبسيط والمعوز ومن يكره التنازع أن يبيع أو يتنازل بثمن بخس ليستولي عليها كاملة أو جلها وهو للبقية ظالم.
ثالثا: ما أعلمه أن هناك تركات مضى عليها أكثر من أربعين سنة معطلة توفيت الطبقة الأولى من الورثة أو أغلبهم ولم تُحل وفيها عقارات كثيرة الدخل ولهم حقوق لذا الغير ولكن لخلافهم عُطلت وخسِروا ريعَها وخُربت هذه النتيجة.
رابعاً: يلجأ بعض الورثة إلى الجهات الشرعية للمطالبة بحقه وهذا يكلفه الكثير من الوقت وطول المدة التي تمتد لسنوات أو يُنيب من يمثله أمام القضاء ببذل مال لماذا؟ إلا أن يكون مجبراً لو تنازل عن بعض حقه لما احتاج إلى ما فعل.
ومع ذلك لا يضمن أن تكون النتائج لصالحه لان الفقهاء لهم آراء مختلفة في بعض المسائل المتعلقة بالميراث ما يراه هذا لا يراه ذاك وكل له حجته ودليله الشرعي في إصدار حكمه وربما كان هو الخاسر وإن كسبها حكماً.
وأيٍ كان هذا أو ذاك فقد خَلَقَ عداوة بينه وبين أخيه وأخته وأقرب رحمه أو ألغى العمل بوصية المُورِث لأن في بعضها ما لا يقر وغير بعيد أن يحوّل وقفاً إلى ملك أو الدفع لغير مستحق لعدم شرعيته عند البعض أهذا جزاء مورثك؟
خامساً: اليوم مورَثون وغداً مورِثون نصيحتي للجميع ومن واقع خبرة أن يُترك التنازع ويُسارع في توزيعها يَتنازل كلُ طرف عن بعض حقه أن رأى المطالبة بكاملها يعطلها حتى لا يتعرض الجميع للخسارة بسبب النزاع ولا يسمحوا لنشوب خلاف وقطيعة رحم.
ويُريحوا المُورث في قبره برضاهم مع بعضهم وهذا لصالح الجميع دون استثناء. وقتها يحسُ الكل بلذة الإخوة والرحم متحابون حانون على بعض تسود الألفة بينهم.
أرجو أن يحتكم الورثة لهذه النصيحة ويعملوا بما تجمعهم نتائجها ويتركوا ويبتعدوا عما يفرقهم سائلاً من الله تعالى التوفيق والهداية للجميع.