آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

مدن ألف ليلة وليلة... المكان والثقافة والمجتمع والحضارة والعمران. كتاب جديد الدكتور محمد يونس

جهات الإخبارية

مدن ألف ليلة وليلة... المكان والثقافة والمجتمع والحضارة والعمران
تأليف: الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن يونس
نائب رئيس جامعة ابن رشد للشؤون العلمية، التعليم عن بعد
مدير تحرير مجلة جامعة ابن رشد الأكاديمية المحكمة
الناشر: النادي الأدبي بمنطقة الباحة، الباحة/ السعودية.
مؤسسة الانتشار الأدبي، بيروت، لبنان
الطبعة الأولى: 2021م.
300 صفحة من القطع الكبير.

ثلاث سنوات من العمل وأنا منهمك في إعداد هذا الكتاب، قرأت فيها كتاب ألف ليلة وليلة ثلاث مرات. وعدت فيها إلى «125» مرجعا ومصدرا، في التاريخ والثقافة والنقد الأدبي والحضارة والعمران وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والأنثروبولوجيا البنوية، والميثولوجيا، والجغرافيا والأدب الشعبي، والتراث العربي القديم، ومصنفات وكلاسيكيات الباه التي كتبها بعض شيوخنا الأدباء الأجلاء، والدراسات الأجنبية الحديثة والقديمة، وآمل أن يشكل كتابي هذا حقلا جديدا من الحقول المعرفية التي كتبها زملائي الباحثون في العام، التي تناولت هذا السفر الحكائي المدهش والعجائبي المتميز الذي لم يسبقه أي سفر حكائي آخر.


الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن يونسإهداء الكتاب: إلى روح والدي ووالدتي اللذين تركا روحي صحراء سوداء بعد رحيلهما وإلى أرواح أصدقائي وأساتذتي:

ميهوب محمد مرهج، وعبد المعين الملوحي، ومحمود أحمد زينة،
ومحمد أحمد زينة، وعلي إسماعيل يونس، والأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي،
والأستاذ الدكتور علي جميل السامرائي، والدكتور أسد محمد،
وحسين أحمد حيدر، وأحمد الخيّر، وسمير عامودي،

عليهم واسع الرحمة والمغفرة.

أقدم هذا الكتاب بطاقة شكر

أشكر أخي وصديقي الأستاذ الشاعر محمد حسن الزهراني
رئيس نادي الباحة الأدبي، بمدينة الباحة السعودية، وجميع

أعضاء الهيئة الإدارية لنادي الباحة على تفضلهم بطبع

كتابي هذا ضمن منشورات نادي الباحة الأدبي، فلهم مني

بطاقات احترام وتقدير، وعربون وفاء وشكر


ما من عمل أدبيّ شعبيّ نال شهرة واسعة في آداب المجتمعات الإنسانيّة أكثر من ألف ليلة وليلة. وكثيرة هي الدراسات التي تناولت هذا العمل في جوانبه المتعدّدة، بوصفه نتاجاً معرفيّاً وحضاريّاً لكثير من الأمم والشعوب. ويمكن القول: إنّ حكايات ألف ليلة وليلة تعبّر عن مخزون الذاكرة المعرفيّة الجمعيّة للمجموع الإنسانيّ عبر رحلته التاريخيّة والحضاريّة، هذه الذاكرة التي عايشت تاريخ المجتمعات، وعاداتها وأحوالها، والتحولات الفكريّة والسياسيّة لهذه المجتمعات في تطوّرها الحضاريّ. ومن هنا فإنّ السرد الحكائيّ في ليالي ألف ليلة وليلة ليس سرداً بعيداً عن الإيديولوجيا الّتي تشكّل خلفيّة معرفيّة، يؤسّس عليها الرّواة مقولات أبطالهم الفكريّة، وحركة هؤلاء الأبطال، وما يقومون به من أفعال، وليس هذا السرد بعيداً عن التاريخ والسياسة. وكل محاولة لدراسة حكايات ألف ليلة وليلة بعيداً عن بنية المجتمعات التي تتحدّث عنها اللّيالي ستفرض علينا اعتبارها عملاً تخيليّاً صِرْفاً، وبالتالي ستفقدنا المتعة الكامنة في السرد الحكائيّ المرتحل في مدن هذه المجتمعات، وفضاءاتها المتعددة، وعلاقاتها الإنسانيّة والطبقيّة الّتي يمكن أن تكون علاقات قد قامت فعلاً، في زمان تاريخيّ معيّن، وفي فضاء مكانيّ معروف.

وقد حاولت دراستي في هذا الكتاب  مدن ألف ليلة وليلة  المكان والثقافة والمجتمع والحضارة والعمران  أن تتبيّن الملامح الرئيسة لمدن ألف ليلة وليلة الواقعيّة، منطلقة من بنية نصوص الليالي، باعتبارها نصوصاً منفتحة على التاريخ والسياسة، والعلاقات بين الحاكم والمحكوم، في المدن العربيّة الإسلاميّة، وغير العربيّة، إلاّ أنّ هذه الدراسة لم تركّز على نصوص الليالي باعتبارها عملاً تخيّلياً صرفاً، بل تعدّها عملاً يمكن أن يكون معبّراً  في كثير من جوانبه  عن الواقع الحقيقيّ المعاش للطبقات الاجتماعيّة والسياسيّة في أزمنتها وأمكنتها، فاعتبار مدن ألف ليلة وليلة مدناً متخيّلة لن يساعدنا على فهم العلاقات القائمة، سياسيّاً واجتماعيّاً، بين سكان المدينة في ما بينهم من جهة، وبين السلطات القائمة فيها، وبين أفراد الشعب من جهة أخرى.

وقد لاحظت، من خلال كثير من الدراسات حول ألف ليلة وليلة، والتي استطعت الاطلاع عليها، سواء أكانت مترجمة إلى اللغة العربيّة أم مكتوبة بها، أنّ هذه الدراسات لم تدرس موضوع المدينة في ألف ليلة وليلة دراسة مستقلّة ومستفيضة، ولا موضوع السلطة، سواء أكانت سياسيّة أم دينيّة أم تجاريّة، داخل هذا الفضاء المكانيّ المتشعب من واق الواق وجوهر تكني، إلى الصين والهند وخراسان، وإلى أبعد مكان تخيّله الرّواة، وأضفوا عليه هالة أسطوريّة وخرافيّة، وإلى أقرب أمكنة واقعيّة بدت هي الأخرى ممزوجة بالسحر والغرابة، ومن هذه الأمكنة: دمشق وبغداد والبصرة القاهرة والإسكندرية وصنعاء وحلب، وخراسان وسمرقند، وفاس ومكناس وغيرها من المدن الكثيرة، فمعظم الدّراسات التي اطّلعت عليها لم تولِ المدينة في حكايات ألف ليلة وليلة، بقصورها ومنازلها، والعلاقات القائمة في هذه القصور والمنازل، وأسواقها وحمّاماتها وبساتينها ومشافيها، الأهميّة التي تستحقها، ولم تول هذه الدراسات السلطة بسلوكها واستبدادها وعلاقاتها مع شعوبها، أهميّة كبرى أو رئيسة أو مستقلّة، ولهذه الأسباب مجتمعة كان اختياري لموضوع يعد جديدا في الدراسات المعاصرة وهو موضوع المدينة ألف ليلة وليلة  المكان والثقافة والمجتمع والحضارة والعمران.

وقد حاولت في كتابي هذا التركيز على أهمّ ملامح بعض المدن الواقعيّة في ألف ليلة وليلة، وهي: بغداد والبصرة والقاهرة ودمشق، والإسكندرية، ومدن ثانوية أخرى كثيرة، وعلى أهم ملامح الكثير من مدن ألف ليلة وليلة التخيلية والجزر العجائبية التي كان يصل إلها السندباد البحري، معتمداً بالدرجة الأولى ما تُقدّمه نصوص ألف ليلة وليلة الحكائيّة من خطابات فكريّة وإيديولوجيّة، وعلاقات متناقضة ومتداخلة ومعقّدة ومنسجمة في آن، ومستفيداً أيضاً، إلى حدّ بعيد، من ملامح المدينة الإسلاميّة في العهدين: الأموي والعباسيّ، كما تشير إليها المصادر والأدبيات التاريخيّة، والكلاسيكيات الأدبية التي ذكرت المدينة العربية الإسلامية وعلاقاتها، وقيمها الثقافية والمعرفية.

ويبقى أهمّ مصدر رئيس اعتمدته في دراسة الموضوعات الرئيسة والفرعيّة، هو: ألف ليلة وليلة «بأجزائه الأربعة، طبعة دار مكتبة الحياة، بيروت». غير أنّ هذه الطبعة ليست الوحيدة التي اطّلعت عليها، فقد اطّلعت على الطبعات الآتية من ألف ليلة وليلة: «طبعة المكتبة الشعبيّة، بيروت، د. ت، بأجزائها الأربعة»، و«طبعة دار مكتبة التربيّة، بيروت، بأجزائها الأربعة الطبعة السادسة، 1412 هـ /1992م»، و«طبعة دار صارد بيروت، الطبعة الأولى 1999م»، وطبعة المكتبة السعيدية بمصر، وطبعة محمد علي صبيح وأولاده بمصر، وطبعة دار الخلود للنشر والتوزيع، والطبعة المهذّبة التي أعدّها رشدي صالح «دار الشروق، القاهرة، جزءان»، وهي طبعة ناقصة، وبالتالي كان طبيعياً أن لا يعتمدها هذا البحث.

أمّا سبب اعتمادي طبعة دار مكتبة الحياة؟ فإنّه يعود إلى مقارنتي بين الطبعات الأربع «مكتبة الحياة  المكتبة الشعبيّة  مكتبة التربية، دار صادر»، فبعد هذه المقارنة وجدت أنّ الفروق بين هذه الطبعات طفيفة جداً، وأنّ هذه الطبعات تكاد تكون متطابقة تماماً: في الحكايات، والأحداث، والمدن الواقعيّة والمتخيّلة، والأبطال من الملوك والخلفاء والنساء والتجّار. من هنا بدا طبيعياً أن أختار نسخة رئيسة أعتمدها في هذه الدراسة، وهي طبعة دار مكتبة الحياة، ونسخة فرعية أخرى، كان رجوعي إليها قليلا جدا في الفصل الموسوم ب «المدن الخيالية في ألف ليلة وليلة» وهي طبعة المكتبة الشعبية، فقد اضطررت للرجوع إليها عندما اكتشفت أن قليلا من أوراقها فيه بعض الزيادات عن طبعة دار مكتبة الحياة، ولعلّ السبب الرئيس في اختيار هذه النسخة الرئيسة، دار مكتبة الحياة، هو ببساطة: أنّ الخط الطباعي الذي طُبعت به هذه النسخة أكثر وضوحا من خلال كثافته اللونيّة، مقارنة بخط الطبعات الأخرى. وهذا الخط، كما أرى، مريح للعينين، ويجعل من القراءة فعلاً ممتعاً وجذّاباً، أكثر مما لو كان الخط الطباعي غير واضح.

وأخيراً آمل أن تكون هذه الدراسة قد شكّلت لبنة جديدة مساندة لمجموعة الدراسات التي سبقتها، وأضافت إليها كثيرا من الآراء الجديدة، وأن تكون قادرة على إثارة مزيد من القضايا التي طرحتها حكايات ألف ليلة وليلة، ومحرّضة على كتابة مزيد من الأبحاث عن هذا العمل الخالد، الذي يعدّ من أهمّ الأعمال التي أبدعها العقل الإنساني في تاريخ الحضارات الإنسانيّة، والذي هو بحاجة إلى مزيد من الأبحاث والدراسات الجادّة، ولاسيما أنّ هناك قضايا وجوانب كثيرة فيه لم تتناولها هذه الدراسات بعد على الرغم من كثرتها. وآمل مستقبلاً أن أستطيع إنجاز المزيد منها.


ويقول ناشر الكتاب عن هذا الكتاب:

يُعدّ هذا الكتاب رحلة معرفية عميقة في طبيعة المسكوت عنه في حكايات ألف ليلة وليلة، إذ يدرس بالتفصيل أهم مظاهر المدينة العربية والإسلامية والخيالية في متن حكايات ألف ليلة وليلة، سياسيا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا وعمرانيا وسحريا وعجائبيا، وهو يحاول أن يسلط الضوء على أدوار المرأة في بناء حكايات ألف ليلة وليلة، وقدرتها على تشكيل أحداث الحكايات، وعلى التأثير على قرارات الحكام في قصور ألف ليلة وليلة، من خلال قدرات جسدها الجمالية والجنسانية. إنه يعنى تحديدا بالمدينة في ألف ليلة وليلة موضوعا ودراسة وتحليلا أكاديميا.

ومؤلف هذا الكتاب هو الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن يونس، الأستاذ في عدة جامعات عربية وأجنبية، وهو من الباحثين المتخصصين في دراسة حكايات ألف ليلة وليلة، في معظم جوانبها المعرفية.

ينطلق مؤلف هذا الكتاب من رؤية نقدية أكاديمية عميقة تتجاوز البنى السطحية لحكايات الليالي، وذلك من منظور تاريخي واجتماعي وحضاري وأنثروبولوجي، معتمدا منهجا علميا يفيد من عدة مناهج نقدية، منها الوصفي والتاريخي والاجتماعي والإيديولوجي والاستقرائي والثقافي. وقد عمد إلى التوثيق الدقيق والأمين لما جاء في كتابه، حيث توفرت فيه الأمانة العلمية على نحو شديد الوضوح، من خلال استيفاء البيانات الخاصة بالمصادر والمراجع هذه المصادر الغزيرة الممتدة التي تنهل من ثقافات العالم وحضاراته، سواء أكانت عربية أم أجنبية، قديمة أم حديثة، والتي تجاوز عددها مائة وعشرين مصدرا ومرجعا.