آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 9:35 م

«مرثية رجل مهم».. المرحوم السيد طاهر آل درويش

جعفر العيد

المدرسة العالية الأداء التي تقوم على عمل الفريق هي المدرسة التعاونية. وينشأ الهيكل التعاوني عندما ينسق الأفراد، بين جهودهم لتحقيق أهداف مشتركة.
ديفيد جونسون، روجر جونسون ص 2:32

قيادة المدرسة التعاونية

مدارس الظهران الأهلية.

كان بيننا سراً خبئناه لمدة 15 عام.. اليوم وقد رحل عنا، قررت الحديث عنه.

لقد ودعنا قبل أيام المعلم الفاضل السيد طاهر آل درويش «ابو رضا» رحمة الله عليه.

الذكريات مع المرحوم ابو رضا كثيرة، فهو رجل صقلته التجارب الحياتية، فأصبح يتعامل مع شتى تفاصيل الحياة بلين وحكمة.

لقد جمعني العمل مع السيد طاهر في نادي سعد بن عبادة الصيفي لعدة سنوات، فكان السيد هو المحرك الواقعي للنادي، اضافة إلى انه يعمل معلما في نفس المدرسة.

وجمعتني مع المرحوم السيد ابو رضا، بعض الرحلات إلى المدينة المنورة، فكان حسن المعشر، ومؤنساً، وكريماً.

لا أود أيضاً الحديث عن الخدمات الخيرية التي قدمها السيد للجمعيات الخيرية.

ما أود تسليط الضوء عليه، هو ذلك الأمر الذي طويناه، وضممناه إلى أجل غير مسمى كبقية الأشياء الأخرى.

بدأت الفكرة بسيطة جداً.

الوقت كان في العام 1427/ 1428هج.. لقد بادر السيد بعمل دفترا، نجمع فيه اسماء وصور المعلمين، وتخصصاتهم، مبتدئين بمنطقتي سنابس وتاروت في جزيرة تاروت والمناطق المجاورة لها، ومع التداول مع بعض التربويين في المنطقة.

فاختلفت الآراء فمن المعلمين من رأى اقتصار جمع الاسماء على منطقة سنابس وتاروت، والاقتصار عليها، بينما وسعها البعض الآخر حتى تشمل اسماء المعلمين في المملكة العربية السعودية.

رتبنا مجموعة من اللقاءات المتتالية في مكتب الفنان الاستاذ عبد العظيم الضامن... والجلسة تتكون بشكل رئيسي من كل من «السيد طاهر درويش، جعفر العيد، عبد العظيم الضامن... اضافة إلى بعض المعلمات لا اتذكر اسماؤهم»

أنضجنا الأفكار وتوصلنا مع بعض إلى العمل على تكوين جمعية المعلمين السعوديين. وبدأنا نقرأ عن الموضوع، ونناقش فيه.

أهداف الجمعية تتمثل في:

1/ العمل على توطيد العلاقات بين المعلمين في المملكة

2/ توثيق التعاون العلمي والثقافي الفني والتربوي مع المعلمين في البلاد العربية والصديقة، وبلورة آراء المعلمين وتوحيد موقفهم من القضايا التربوية المختلفة وتبنيها أمام الجهات المعنية، والعناية بالمصالح المشتركة للأعضاء وتمثيلهم لدى الجهات المختصة،

3/العمل على رفع مستواهم العلمي والاجتماعي، بالإضافة إلى وضع وتنفيذ واقتراح البرامج الداعية لزيادة كفاءات المعلمين في الامارات، وتشجيع الابحاث والاجتماعية والعلمية سعياً لتنمية الكفاءات وتسهيل تبادل المعلومات والخبرات التربوية والاجتماعية والثقافية والعلمية بين المعلمين أنفسهم، وكذلك مع الجهات المعنية في البلاد العربية والصديقة.

4/ تنظيم الانشطة في مختلف النواحي الثقافية والتربوية، وتلبية الميول والاهتمامات المختلفة للمعلمين.

إصدار مجلة تعني بالقضايا التربوية، إلى جانب إبراز اسم المملكة العربية السعودية في المؤتمرات والمحافل التربوية على كافة المستويات بالصورة المشرفة والسعي لكسب التأييد للقضايا التي تهمها، والعمل على دعم مسيرة التعليم، بالتعاون مع الجهات المعنية، وتشجيع الجهود الاهلية الرامية لتحقيق ذلك، وإبراز دور المجتمع بفئاته المختلفة في إنضاج العملية التعليمية التربوية.

• كم كانت فرحتهم كبيرة؟

بعد نقاشات مستفيضة توصلنا إلى أننا يجب أن نناقش هذا الموضوع مع الناس الذين خاضوا التجربة فقررنا الذهاب إلى اخواننا وزملائنا في جمعية المعلمين البحرينيين. وأعتقد أن أحدنا كان لديه معرفة بأحد أعضائها، بشكل عام جمعية المعلمين البحرينية لهم مقر، وهم جمعية رسمية، وتتلقى دعما مناسبا من قبل حكومة البحرين.

وبالفعل سافرنا إلى مملكة البحرين، والتقينا بأعضاء الجمعية، وكانوا جدا لطفاء معنا، ورحبوا بنا.. طرحنا هواجسنا الأولية، والتي كنا غير عارفين فيها

كانت الأسئلة الحائرة لدينا، هي:

من أين نبدأ خطواتنا الاولى؟

ماهي شروط العضوية؟

من الذي يحق له الدخول؟

وماهو ظروف الخطاب الأول

لقد ازالوا الحواجز بيننا، بل لم يكن هناك حواجز احتضنونا بدفء، واعتبروا أن هذه الهواجس حقيقية، واجابوا عليها وفق خبرتهم، وابدوا استعدادهم التام لتلبية الدعوة لحضور الاجتماع الأول وانتخاب أعضاء ممثلي المعلمين في الجمعية.

... واتذكر اننا سجلنا جميع هذه التفاصيل، وكيفية دعوة المعلمين للاجتماع، وتكوين اللجنة التأسيسية في الاجتماع الاول لتمثيل جميع المعلمين.

وهنا وهو الأهم في الموضوع... ينبغي استبعاد المدراء والوكلاء عن تمثيل المعلمين. فقد تتناقض مع مصالح المعلمين.

أما عن المشاعر فحدث ولا حرج، أشعرونا بضرورة هذه الخطوة في المملكة العربية السعودية، وكانوا فرحين جدا، وشعرنا أن لهم اتصالات بجمعية المعلمين الكويتية، وجمعية المعلمين في دولة الامارات العربية المتحدة.

وفي اجتماع آخر ارتقينا بالنقاش عن ا لأفكار والطموحات التي لديهم، وأن تكوين تكوين جمعية المعلمين في المملكة العربية السعودية، وانضمامها إلى أخواتها في مجلس التعاون الخليجي إضافة مهمة.

كانت أحلامهم جميلة، ولم نكن قادرين على مواكبتها، ونحن مربكين في الخطوة الأولى، ولم يمنعنا ذلك من الاستماع لهم وهم يتحدثون عن الآمال «وبالنسبة لنا كنا نراها أحلام»

من أفكارهم الجميلة ضم جهود هذه الجمعيات وتنظيم عملها في خدمة التعليم وقضايا المعلمين في هذه الدول «دول مجلس التعاون الخليجي».

تكوين رابطة يكون من أهدافها دعم قضايا المعلمين في دول المجلس والدفاع عن حقوقهم ومتابعتها والعمل على تأمين مستوى معيشي لائق وكريم يتناسب مع شرف مهنة المعلمين ورسالتهم، وتجميع جهود هذه الجمعيات وتوجيهها نحو خدمة العمل التربوي والارتقاء به وتوحيد مساراته في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اضافة إلى رفع شأن مهنة التعليم والنهوض بمستواها وقواعد تنظيمها ومزاولتها في الدول الاعضاء، ودراسة الموضوعات والقضايا التربوية ذات الطابع المشترك، وتبادل الخبرات في مختلف مجالات العمل التربوي، بما يوحد الرؤية التربوية بين الاعضاء، بجانب تعزيز العلاقات بين المعلمين في دول مجلس التعاون والعمل على رفع مستوياتهم المهنية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وتقوية اواصر الاخوية والزمالة بينهم.

ومن اهداف الرابطة ايضا وضع آليات ومعايير لاختيار المعلمين وتدريبهم قبل الخدمة في مختلف التخصصات، ووضع نظم لاستمرار تدريبهم وتأهيلهم اثناء الخدمة بما يضمن تحقيق النمو المهني والعلمي للمعلم ويكفل ارتقاء مستوى ادائهم ومواكبة التطور العلمي والتربوي، إلى جانب تأسيس مراكز تدريبية وتأهيلية للمعلمين في الدول الاعضاء اضافة إلى وضع دستور اخلاقي لمهنة المعلم

• عندما ركنا أهدافنا جانبا!!

عندما أنبش ذاكرتي، وأصل إلى هذا المكان من التفكير، يصيبني الشلل الفكري.

السؤال.. كنا متحمسين جدا، وذاهبين إلى أبعد حد، وكان معنا من يساندنا من أخواتنا المعلمات، والجو التربوي كان فيه الكثير من المنغصات لا مجال لذكرها.

لماذا ركنا هذه الأوراق، وتخلينا عن هذا الهدف.. عصرت دماغي لم أتوصل إلى شيء الا مجموعة تخمينات.. سأذكرها لاحقاً.

وبعد وفاة السيد أبو رضا، وانتهاء فاتحته رحمة الله عليه، تواصلت مع الصديق والزميل والأخ عبد العظيم الضامن، وكان مشغولا ومسافرا، ولم أشأ التفرد، بالحديث عن هذا الموضوع بشكل منفرد... فأنعشت ذاكرته، وتذكر الموضوع، وذكر لي بعض أسماء الزملاء في جمعية المعلمين البحرينية.

أما لماذا تركنا الجسر؟، وغادرنا مواقعنا، ومسحنا أحلامنا؟.

ولماذا نحن «أتحدث عن نفسي، وأخي عبد العظيم الضامن» يصيبنا الصمم، أو الشلل، عن سبب تخلينا عن طموح تكوين جمعية المعلمين السعودية؟

1/ قد نكون قدمنا أو استشفينا الرأي في إدارة التعليم، فجوبهنا بالرفض.

2/ أو أن أحدنا سرب الخبر إلى أحد المدراء والوكلاء، وسرعان ما صعدها للمستويات الإدارية العليا.. وهذه بدورها أرسلت تهديدا مبطنا، أو صريحا.

3/لم تكن الاجواء ايجابية، على صعيد ادارة التعليم.

4/ لم يكن الجو في ذلك الوقت مواتياً لعمل الجمعيات للمعلمين، أو لغيرها.

5/ ويبدو لي ان جمعية المعلمين السعوديين صدرت في منطقة الرياض، دون الحديث عن ظروف نشوئها.. فشعرنا أن وزارة التربية والتعليم، تميل ناحية تكوين جمعية معلمين رسمية، أكثر منها شعبية.

جمدنا اوراقنا، وعملنا في هذا الخصوص، وتركنا الاوراق عند السيد ولا نعر ف ما إذا واصل السيد في الموضوع أو توقف.

اتوقع ان هذه الايام، المملكة أكثر قبولا لجمعيات المعلمين... من أي وقت آخر.

لتأخذ أجيال المعلمين المحترمين الحاليين زمام المبادرة، هذا حق من حقوقهم..