آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

هل نتقبّل الفشل؟

الدكتور مصطفى المزعل * صحيفة مال

ذكرت في المقال السابق، بعنوان ”السياسات.. هي قطعاً أهم ممكنات ريادة الأعمال!“، أن عنصر السياسات يأتي في المرتبة الخامسة ضمن خمسة عناصر في منظومة ريادة الأعمال، وبنسبة أهمية تُعادل %14,4، هذا المقال سيتطرق للعنصر الذي يتفوّق بقليل في أهميته وتأثيره على السياسات، وهو عنصر ”الثقافة والدعم“ والذي تشير نتائج البحث على أنه رابع العناصر أهمية بنسبة %16,2، يأتي هذا المقال ضمن سلسلة مقالات عن منظومة ريادة الأعمال، وكيفية قياسها بناءً على نتائج بحثي للدكتوراه.

المقصود بعنصر الثقافة هو مدى فهم وتقدير وتفاعل المجتمع مع ريادة الأعمال، والدعم هنا جُمع مع الثقافة لدواعي مرتبطة بمنهجية البحث، حيث أن الدعم يشمل نواحي متعددة، كحاضنات ومُسرّعات الأعمال، والجامعات، والمؤتمرات، والرّقمنة، إلا أن تركيز هذا المقال، ينصبُّ في شق الثقافة، والطِّباع المجتمعية فقط، هذه الطِّباع والعادات تُعدّ بمثابة قوانين غير رسمية تحكُم سلوك المجتمعات، والثقافة المجتمعية ضرورة لنجاح ونمو منظومات ريادة الأعمال، حيث نرى أن بعض المدن تُوفر بيئة جاذبة، ومشجعّة، ومقدّرة لرواد الأعمال، بل وتساهم في رفع طموح الأفراد، بتوفير أرضية خصبة، إيجابية، ومتفهمة، ومتصالحة مع ثقافة الفشل، ذلك لأن احتمالات الفشل كبيرة عند الدخول في مَخاطر، وإن كانت مدروسة، والسير في هذا الطريق يحتاج لِحِسّ المغامرة، والإقدام، الذي يُعدّ جزءاً من الممارسة الريادية.

هذا الحِس المُغامِر ضروري للإبداع والابتكار، اللذان يُعدّان من مرتكزات الثقافة الريادية، حيث يبادر الفرد بانتهاز الفرص الحالية، والتنبؤ بحاجات السوق المستقبلية، كل ذلك ينبع من حِسّ المبادرة الذي يَشعر عبره الفرد بأن مبادرته ستترك أثرا في محيطه، وتُقدم ما هو جديد، غير أن هذا ليس بالأمر الهيّن.

الناس تخشى الضغوطات الاجتماعية، واحتمالية تصدّع صورتهم ومنظرهم العام ما إذا فشلوا في أعمالهم الخاصة، حتى أن هذه المخاطرة قد يعتبرها البعض، أشد وطئاً من المخاطرة المالية، لذلك الإقدام على هذه الخطوة هو أمر صعب للغاية في البلدان الغير متسامحة مع ثقافة الفشل، حتى وإن توفر الدعم المادي، بينما يهون الأمر بعض الشيء وسط المجتمعات التي تتبنى ثقافة متصالحة مع الفشل.

التجارب الناجحة أينما كانت تقدم حافزاً وإلهاماً للآخرين لتحقيق أحلامهم ومشاريعهم الخاصة، واهتمام المجتمعات وتقديرهم لرواد الأعمال، يقدم حافزا اجتماعيا، حيث يسعى الفرد لاكتساب قيمته ومكانته الاجتماعية بإضافة قيمة معينة عبر شركته الناشئة، فكأيّ مهنة، احترام المجتمع وتقديره لها، يجعلها جاذبة وغاية لمن يرى في نفسه المؤهلات الذاتية، ولديه الشغف، ولكنه بحاجة لبيئة محفّزة ودافع خارجي إضافي.

العديد من السمات الشخصية اللازمة لرواد الأعمال تتشكّل من الثقافة العامة في محيط الفرد، وقد يؤثر المحيط الاجتماعي في الفرد تارة - سواء بالسلب أو الإيجاب - وقد يشُقُّ الفرد طريقه في حالات استثنائية، معاكسا الثقافة العامة.

برأيك، هل يتقبل محيطك الاجتماعي فشل الأفراد في مشاريعهم الخاصة؟ كيف هي النظرة تجاه هذا الفشل؟

وأخيرا، ما هو بنظرك العنصر الثالث في منظومة ريادة الأعمال والذي يفوق عنُصرَيْ ”السياسات“ و”الثقافة والدعم“ أهمية؟

دكتوراه الإدارة الهندسية التكنولوجية