حمار الحكيم.. وأدوات التواصل
قرأت مقطعا من رواية ”حمار الحكيم“ ورأيته ينسجم مع ما يدور في أروقة أدوات التواصل، فبات الواحد يلبس كل قبعات العالم والتخصصات في ساعة واحدة، ويتجول في أقسامها. بالطبع هي فرصة رائعة للاطلاع وتنويع الثقافة والحصول على زهرة من كل بستان وسياحة افتراضية في عالم التخصصات وسوقه السوداء، لكن لماذا يمارس البعض دورا لا يتقنه ويقيم صرحا من التعاملات ويصر على فهم أحادي الخلية.
لا تهدف هذه المقالة للاستخفاف والسخرية بأحد، وأدرك تماما أننا نقع فريسة الأخطاء هنا وهناك، وإنما استعرض هذا المقطع من رواية ”حمار الحكيم“ على طريقة ابن المقفع في تعليم الحكمة وتلقين الوعي على لسان الحيوانات. وأجد من الضروري التنبيه لتفعيل أيقونة ”فتبينوا“ و”وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا“
رواية ”حمار الحكيم“ ألفها توفيق الحكيم عام 1940 وتمتاز هذه الرواية ببساطة أسلوبها وتصويرها أحداث واقعية بطريقة لا تخلو من الطرافة والمتعة، ركز توفيق الحكيم في روايته على ذكر أحوال الريف المصري وما فيه من الفقر وقلة الاهتمام بالصحة العامة والنظافة عند أهل الريف، فهم بحاجة إلى توعية وإرشاد.
المقطع المشار إليه يتماشى مع اقتحام البعض كل الأبواب المفتوحة دون أن يعطي نفسه فسحة للتأمل والتفكير في ما يكتب وما يقال، ومراجعة المصادر والتحقق من صحة المنقولات أو حتى سؤال أهل الاختصاص إن لم يجد إجابة شافية. بالتأكيد أهل الاختصاص ليسوا بمنزلة سوى في معارفهم ومتابعاتهم وايجادتهم للفنون، لهذا فاختيار الأكفياء مسؤولية تقع علينا كي لا تنون كما في الرواية ”لم يخنك الأمين، ولكن ائتمنت الخائن“
”ذهب الحكيم ليشتري زجاجة حليب من الأجزجي كما يسميه توفيق الحكيم فطلب منه رضاعة تناسب الجحش الصغير فأعطاه زجاجة كبيرة في طرفها ثدي من مطاط وعندما عاد الحكيم وصعد إلى غرفته وجد بابها مفتوحا وتذكر أنه تركه مفتوحا سهوا عند ذهابه وعندما اتجه إلى الحمام لم يجد الحمار لكنه سمع ضحكات رقيقة تنبعث من إحدى الحجرات فمشى نحو الصوت فوجد الحمار واقفا أمام مرآة طويلة لخزانة ملابس يتأمل نفسه إلى جانب فتاة شقراء تضحك وأخبرته كيف أن الحمار كان يتجول في الطابق ويدخل كل حجرة يجد بابها مفتوحا“