آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

رمضان بلا إيجار!

جهاد هاشم الهاشم

أحبتي جميعا بادئًا ذي بدئ وقبل أن ننطلق في نسيج هذا المقال المتواضع يجب أن نوضح للقارئ العزيز أن عنوان هذا المقال وهذه الكلمات التي هي بين أيديكم، والتي جاءت بهذا المسمى «رمضان بلا إيجار» هو ليس لكاتب المقال - خادمكم والعبد الفقير لله - إنما عنوانه يُنسب للناشط الاجتماعي الأخ العزيز الموقر السيد «تقي اليوسف» أكثر الله من أمثاله، لما يبذله من جهد جهيد بل ومنقطع النظير، ونراه جليا يعمل ليل نهار دون ملل ولا كلل في خدمة مجتمعه ومَن يحيطون به مِن أهله وذويه.

في واقع الأمر ومنذ اللحظة الأولى التي شاهدتُ فيها وسمعت عن هذه البادرة الطيبة، والتي تحمل في طياتها الكثير والكثير من المعاني السامية والخلق الرفيع والمبادئ الأصيلة تجاه ضعفاء الحال في بلدنا «سيهات» الحبيبة وصولا بقطيفنا المعطاء، وما جاورهما من قرانا التي تزخر بأناس قلوبهم طيبة ونواياهم حسنة وضمائرهم حية؛ لذا هي دعوة لأهل الخير والعطاء أهل الكرم والجود، أهل الرحمة والسخاء أهل المحبة والإحسان وبما تجود به أنفسهم من جزيل العطايا لأحبة لنا هم أحوج لمضمون تلك المبادرة الكريمة من تلمس حاجات المؤمنين والإحساس بهم، والشعور بمعاناتهم والتخفيف قدر المستطاع عنهم لما يتحملونه من صعوبة المعاش وما يثقل كاهلهم من كثرة المتطلبات في زمن أصبح فيه الغلاء ظاهرةً ترهق الكثير من أصحاب الأسر ذي الدخل المحدود.

إن هذه اللفتة الكريمة بمثابة واجب اجتماعي وأخلاقي لا يعرفه إلا أصحاب الخير. ومنطقتنا - والحمد لله - هي بمثابة أرض خصباء تزخر بهؤلاء الرجال الأوفياء، فهم أهلا للكرم والبذل والوفاء بل ومنذ زمن ليس بالقليل كانت تلك المنطقة وأهلها يُضرب بها المثل في الترابط والتراحم والألفة واللحمة المجتمعية بجميع أشكالها المختلفة، وما الأنشطة الاجتماعية التي نراها وواضحة للعيان كالأنشطة المتنوعة والتي تخدم العديد من أفراد المجتمع رجالًا ونساء، والتي تقيمها «جمعية سيهات الخدمات الاجتماعية» بل وعلى مرأى ومسمع من الجميع، إلا شاهد عيان على روح التعاون الذي يمتاز به غالبية أفراد المجتمع. وما هذا إلا دليل على أن هذا المجتمع بفطرته ودودٌ عطوفٌ يتمتع بمشاعر الحب والحنان تجاه بعضه البعض، وهذا لا شك من حسن الإيمان وسلامة القلب وطهارة النفس ومرضاةً لله - تبارك في علاه - ومصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [سورة الليل الآيات5 - 10].

فهنيئا لمجتمع أهله يتنافسون بالخيرات، ويتسابقون بالعطايا والإحسان. ونحن أحبتي على أبواب شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والغفران، شهر تتضاعف فيه الحسنات، شهر هو أفضل الشهور عند الله. وأنا أزعم جازما أن هذه المبادرة الرحيمة جاءت في وقتها لمن أراد أن يستثمر ذلك الشهر الكريم بالقرب من الله وأن هذه الأطروحة المباركة هي إحدى الاستثمارات التي نسأل الله أن يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الإخوة المؤمنين والأخوات المؤمنات، وأن تُحقق الهدف المنشود والمراد الوصول له وهو التخفيف عن كاهل المحتاجين ما أمكن من ذلك سبيلا. ولنعلم إخواني وأخواتي أن هذا العطاء - إن تحقق - إنما هو فوز لذات الشخص المقبل على البذل والعطاء قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ آلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ آلزَّكَوٰةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍۢ تَجِدُوهُ عِندَ آللَّهِ ۗ إِنَّ آللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. «سورة البقرة الآية 110».

فإن قلنا شكرا وأتبعناها بالمديح وبناء الجمل والمفردات فلن نستطيع أن نفي ونصف روعة تلك المبادرة الفريدة من نوعها لفئة من حقها علينا الإحساس بهم، وواجبنا الشرعي والأخلاقي الوقوف معهم كلٌ حسب استطاعته، وما تتفضل به يداه الكريمة من فيض العطاء المحاط بالحب، والمغلف بالود والاحترام. كما ندعو الجميع - ليس أمرا بطبيعة الحال - بل محبةً وتلطفا وكرما أن ينظروا لهذا الأمر نظرة ملؤها رحمة وتقربا إلى العلي القدير. فلا نبالغ إن قلنا هناك من يعيش حولنا وبين ظهرانينا من الآباء والأمهات من هم متعبون ومنهكون من الديون ويحاربون ويكافحون لتوفير ما يلزم توفيره لأبنائهم من لقمة العيش، ناهيك عن الملبس والمأكل وكذلك المسكن، بالإضافة إلى ما يتطلبه التعليم وغيره الكثير من متطلبات الحياة التي هي أقل ما يمكن أن نصفها أنها ضروريات مُلحة لسد حاجات العيش الكريم فشكرا لك أخي يا صاحب الفكر النير، أيها الرجل المعطاء! وتحية لإخلاصك الوافر فجزاك الله عن جميع أبناء مجتمعنا الأبرار كل خير وصلاح، كما نسأله جل شأنه أن يديم علينا تلك النعم العظام إنه نعم المولى ونعم المعين.