آخر تحديث: 14 / 11 / 2024م - 6:34 م

كيف ينحرف العمل التطوعي عن مساره؟

أمين محمد الصفار *

لا شك أن العمل التطوعي هو عنوان عريض للمدينة ومعيار دقيق للتقدم الاجتماعي في أي مجتمع، لقد سنت المملكة وعدلت الكثير من الأنظمة المتعلقة بتنظيم العمل التطوعي ضمن استراتيجية وطنية عبرت عنها رؤية المملكة 2030 لدفعه إلى آفاق أوسع من تلك الأطر التقليدية الضيقة التي كانت تطوق تطبيقات وأساليب العمل التطوعي.

ما زلنا نشاهد في القطيف تحديداً - وهي مدرسة عملية للعمل التطوعي لم أر مثلها على مستوى المملكة - بعض تلك الأساليب والتطبيقات على الواقع التي لا تعكس فهم صحيح للعمل التطوعي بل تخدش من قيمة ومكانة العمل التطوعي سواء في إبقاءه وحصره في الأعمال الخيرية فقط أو بحرفه عن مساره الصحيح وجره للأسفل عبر استغلال أكبر قدر من الطاقات والكفاءات لأداء مهام هي من صلب أعمال مقاولين لجهات حكومية، فيتم - وهذا مثال فاقع - توجيه واختزال الطاقات والكفاءات الجاهزة للعمل التطوعي نحو أعمال بسيطة لا يمكنها أن تغير الواقع بدلاً من أن يتم توجيهها نحو متابعة أعمال تلك الجهات وسد الثغرات التي تشوب الأداء لتحقيق قفزات نوعية في الأداء، أو أن يتم عنونة المهام التي تطلبها جهة حكومية معينة من بعض موظفيها بأنها ضمن الأعمال التطوعية.

أن تشويه وحرف عن مفهوم العمل التطوعي فيه تبعات سلبية عديدة، لذا نجد أن التشريعات الأخيرة نظمت العمل التطوعي بشكل أفضل ووضعت العقوبات على من يستغل المتطوعين من أية جهة كانت حتى لو كانت إدارة حكومية، فينبغي توجيه طاقات العمل التطوعي والكفاءات المجتمعية لسد تلك المهام والمسؤوليات المسماة اصطلاحاً بالمناطق الرمادية عبر شراكة حقيقية قادرة على التغيير. أننا اليوم بحاجة لحصر الاستفادة من المتطوعين عبر التنسيق مع جمعيات تنظم شؤون المتطوعين وتكون صلة الوصل بين المتطوعين وطالب الخدمة التطوعية كي تحفظ حقوقهم التي أقرها نظام العمل التطوعي، وليس تلك الصورة التي تحصر العمل التطوعي في مستويات هامشية أو في أعمال هي من صلب أعمال المقاولين الذين تدفع لهم الدولة مقابل مالي كبير.

الجانب الآخر هو أهمية إشراك جمعيات أهلية متخصصة للمشاركة في صنع القرار من خلال البحث والتشخيص واقتراح الحلول كي تثمر الجهود الكبيرة التي تبذلها بعض الجهات بدلاً من أن تذهب سدى. وهنا يمكننا أن نأخذ كمثال: مستوى النجاح الذي حققته خدمة بلاغاتي البلدية ومبادرة أصدقاء القطاع البلدي، حيث كلاهما لم يستطع - رغم الجهود الكبيرة - تحقيق أي تقدم يذكر على مستوى الخدمة البلدية في القطيف، بل حتى المبادرات التي قام ويقوم بها الأهالي تطوعاً لم تستطع أيضا تغيير الواقع أو تحسينه، فالمشكلة ليست في عدم وجود بلاغات أو نقص في كوادر مقاولي النظافة أو غيرها وإنما في مكان آخر نحتاج فيه للبحث والتشخيص. وهنا لا بد لنا أن نشيد ببعض الجمعيات الخيرية في المنطقة التي بادرت وقامت تشكيل مجالس استشارية تطوعية من كفاءات المجتمع لتقديم المشورة لمجالس الإدارة وليس لأداء مهام بسيطة.

لذا أعيد طرح اقتراحي السابق الذي ذكرته في مقال سابق قبل أكثر من أربع سنوات بعنوان «الجمعية الأهلية للتنمية البلدية بالقطيف» بشأن دعم البلدية لإنشاء جمعية أهلية للتنمية البلدية كي تمثل نموذجاً مهنياً للتطوع المؤسسي وخلق شراكة إيجابية منتجة مع البلدية ترفدها بالحلول المناسبة وتقدم للبلدية التقارير الدورية بكل احترافية.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
لا للاستغلال
[ القطيف ... ]: 5 / 3 / 2022م - 12:56 م
فعلا استاذ..ما تفضلت به هناك اعمال كثيرة هي اعمال مقاولين تم استغلال الشباب تحت مسمى الاعمال التطوعية فعلا هذا ما حصل ... وغير هذا ايضا ان هناك من الجهات ادرجت الاعمال التطوعية حتى يحسب لك في الترقية .! ايضا مع الاسف حتى في هذا تم تدخل المحسوبيات وواسطات في الانضمام في الاعمال التطوعية الخاصة بالجهات الحكومية وايضا يتم ادراج اسماء ويتم احتساب لها ساعات تطوعية وهي في الاصل لم تحضر ولا يوم في الاعمال .... غير انه يتم تضخيم الاعلام للعمل التطوعي بشكل خيالي وبعدد الاشخاص والحقيقة هي مختلفه تماماً ... كل هذا الان لا يوجد جهة نظامية بل هي اشخاص وكلت لهم الامور وهم بعيدين كل البعد عن مفهوم العمل التطوعي ..