الأدعية قناديل حياتنا
قال تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
خلقنا الله سبحانه وتعالى على فطرة حبه والتعلق به والاعتماد عليه والرجوع والتوجه إليه سبحانه وتعالى، في حالاتنا الروحية والنفسية والبدنية كحالات الفرح، أو الحزن، أو الخوف، أو المرض، وطلب الأرزاق، وطلب الحاجات التي تتعسر علينا ولا نستطيع الوصول إليها حتى من أكبر الماهرين أو المبدعين وحتى أقوى الأقوياء، مؤمنين بأنه الله جل جلاله القادر على كل ما نعجز وتعجز عنه البشر مجتمعة، فتتجه أرواحنا لاإراديا إلى جهة النور والرحمة إلى خالقها الكريم سبحانه وتعالى، فأحياناً نرفع أبصارنا إلى جهة السماء، أو بهمسات القلب حتى بأدنى الشعور إذ لا نحتاج إلى مكان مخصوص ولا وضع محدد، فيرانا الخالق سبحانه وتعالى ويسمعنا ويجيبنا وفي الشدة يستنقذنا حين نتوجه إليه بأصدق كلمات المحبة من القلوب بالرجاء والدعاء أو المناجاة فيغيثنا ويفرج كرباتنا ويسكن الطمأنينة في أرواحنا والراحة في أنفسنا.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إن تخصيص الدعاء لطلب الحاجات من أعظم العبادات التي أمرنا الله جل وعلا بها مؤكداً وعده سبحانه بالإجابة عليها لأنه المطلع العالم بالسرائر ويعلم بضمائر الصادقين الموقنين به فيبعث رسائل السكينة والهدوء بأن ما سألناه قد قضاه وأنه سيقضي ما تأخر بأفضل وأجمل ما قد تصورناه فهو الأمان والسلام والمغيث والمنقذ لنا، قال تعالى: ﴿وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى آلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
وقد أنزل سبحانه وتعالى لنا كتاباً سماوياً خالداً تشع منه الأنوار الإلهية والألطاف الرحمانية وأعظم البركات حين نرتل آياته أو نسمعها فتستقر بنا الأمواج مهما كانت عاصفة أو مضطربة بداخل أنفسنا ونتعافى ونشفى.
ومن أهم وأكرم ما وهبنا أن لدينا أعظم مخزون في العالم من الأدعية الكريمة الواردة عن نبينا الأعظم رسول الرحمة والإنسانية ﷺ وأهل البيت الأطهار ، وقد رويت عن أصدق الخلائق وأرفعهم شأناً ومقاماُ وهي أضخم مكتبة في العالم تشتمل على الأدعية والمناجاة وهي دروس تساعدنا في طرق التوجه من أخلص العارفين والعالمين والمحبين الوالهين في توحيد وتقديس وتمجيد الله سبحانه وتعالى، إن الدعاء حبل متين يرفع من الأرض إلى أبواب السماء فتفتح برحمة الله جل وعلا وألطافه قد خص بعضها أدعية للساعات وللأيام أو الشهور وأهلة الشهور وتتنوع، فمنها القصير أو الطويل وأيضا بحسب ما نحتاجه في أي حالة تمر بنا وهي دروس أطهر وأنقى وأشرف الخلق ترسم لنا الدروب الواضحة المستقيمة وهي من أروع الثقافات العبادية والروحية العقائدية التي ننهل من معينها الصافي النقي، ونتوقف قليلاً عند نعمه الطيبة وفضائله العظام سبحانه وتعالى فمن خلال الأسبوع يوجد لدينا يوم الجمعة المملوء بأطيب البركات والإشراقات الرحمانية وفيه ساعة يفتح فيها بابه الكريم للحاجات المتعسرة، وأيضاً من أهم الفرص أن منحنا وتفضل علينا خالقنا الرحيم خلال العام الواحد والذي عدد شهوره أثناء عشر شهراً ثلاثة أشهر تتفتح فيه أبواب السماء ويحيط بالكون نفحات نورانية ونسمات ورائحة من طيب الجنة وهي من أكبر الفرص للسعي والاجتهاد بالتوجه والانقطاع إلى رب العالمين وأن نخصص قليلاً من الساعات لنوقد أنواراً في أرواحنا، مصابيحاً نهتدي بها إلى الله سبحانه وتعالى، لنضيء لأنفسنا دروب الحياة ووحشتها فلا نتوه أو نتخبط في ممرات الحياة ودهاليزها ومتاهاتها فتبحر سفننا وأشرعتها أدعية ترفع إلى عنان السماء.
وتبدأ رحلة الأشهر المباركة وتسير القافلة تظلنا الرحمات بشهر رجب الأصب حيث يصب الله سبحانه وتعالى المغفرة والرحمة ونبدأ تدريجياً بالسير في روضات ألطاف الله في شهر شعبان حتى نصل إلى الشهر الكريم شهر رمضان المبارك وكأننا نصعد سلم الكمال الروحي خطوة بخطوة في دروب الوالهون العاشقون متمسكون بنور حبل الله المتين سبحانه وتعالى إلى سماءه الواسعة، جبار السماوات والأرضين خالقنا الرحيم نسير ما بقينا تغشانا ألطافه ورحمته ومحبته وسلامه وبركاته سبحانه وتعالى طوال حياتنا كلها، [يَا مَنْ يَعْلَمُ مُرَادَ الْمُرِيدِينَ، يَا مَنْ يَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ، يَا مَنْ يَسْمَعُ أَنِينَ الْوَاهِنِينَ، يَا مَنْ يَرَى بُكَاءَ الْخَائِفِينَ، يَا مَنْ يَمْلِكُ حَوَائِجَ السَّائِلِينَ] «من دعاء الجوشن الكبير».
ربي لك الحمد الدائم على نعمك التي لا تنقطع عنا ولك الحمد وعظيم الشكر حين تجبرنا بكلمة واحدة ﴿يا رب﴾.