آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

نحو يقظة فاعِلة بين القيادةِ والعَلَمْ...

جهاد هاشم الهاشم

إن من المسلمات الفطرية التي لا يستطيع أحدٌ عزلها أو فصلها عن مشاعر البشر بشكل عام، هي حب الإنسان لوطنه ومسقط رأسه. فهذه غريزة تولد مع الفرد منذ تكوينه وتستمر معه حتى مماته، بل ويعتبر حب المواطن لبلده من سلامة الفطرة وقوة الإيمان. ويصنف حب الشخص للمكان الذي ينتمي له بمرتبة حبه لأبنائه وماله وعرضه بل وحتى نفسه!

إن الحديث عن الإحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه المحافظة على المقدسات والثوابت والقيم الدينية والمبادئ العليا، وكذلك النسيج المجتمعي والذي قد يُنذر بدوره في حالِ عدم مراعاته والحفاظ عليه إلى خسران الهوية الوطنية.

وبما أننا - كسعوديين - نحتفل هذه الأيام بمناسبة سعيدة علينا جميعا، وهي عيد التأسيس بتوحيد مملكتنا الغالية المصونة مملكة الخير والعطاء على يد مؤسسها وموحدها - المغفور له بإذن الله تعالى - «الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود» - طيب الله ثراه - ومن بعده أبناؤه البررة، وصولا إلى العهد الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين «الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود» وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي «الأمير محمد بن سلمان» - حفظهما الله جميعا - وبلادنا تعيش تطورا ملحوظا وعلى جميع الأصعدة المختلفة اقتصاديا وثقافيا وعلميا وأدبيا. وغيرها الكثير حتى باتت دولتنا من مصاف الدول المتقدمة التي يشار لها بالبنان، بل أصبحنا محط أنظار العالم كله لما وصلت إليه بلاد الحرمين المُقدسَين من تقدم وازدهار ورخاء وأمن وأمان، ينعم به المواطنون والمقيمون على حد سواء. وهذه من النعم التي لا يستطيع وصفها لسان بشر ولا كلمات قلم.

وأهم ما يميز المملكة العربية السعودية المكانة الدينية الإسلامية باعتبارها قبلة المسلمين كافة في أرجاء العالم قاطبة، وكذلك حَوت القبر الشريف لرسول الرحمة للبشرية جمعاء «محمد بن عبدالله» - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - وزد على ذلك اللُحمة الوطنية ووحدة الصف ونبذ التعصب، ورفض النعرات الطائفية وروح الترابط المجتمعي الذي يمتاز به الشعب السعودي الأبِي، فهذا الشعب من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه مجتمع واحد تجمعه ثوابت عليا وقواسم مشتركة، لا يحيد عنها أبدا. وهذا هو ديدنه منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى يومنا هذا فالمواطن السعودي في هذه الدولة - ولله الحمد والمنة - يعيش بحقوقه كاملة، ويتمتع برعاية فائقة. له حقوق وعليه واجبات، والكل يُعامَل تحت معايير مبنية على أسس متينة متأصلة تحت رعاية رجال أوفياء مؤتمنون على مصالح ذلك الشعب الوفي تحت قيادة مُخلصة تاريخها مليءٌ بالعدل والمساواة، والاحتكام لكتاب الله - جل في علاه - وبما تقتضيه المصلحة العامة وتحقيق الأهداف الكبرى.

أما حب الوطن والدفاع عنه وصيانة أراضيه والدفاع عن وحدته، لا يتجلى فقط في الشعارات الرنانة والأصوات العالية، فهذه كلها لا تسمن ولا تغني من جوع! إنما الفائدة الحقيقية هي بناء العقول والنمو بها تجاه رفعة البلاد والعباد من خلال السير في طريق التحصيل العلمي في مجالاته المتعددة وفروعه المتنوعة، فالأوطان لا تعتلي ذُروة المجد، ولا تسمو في طريق النور والإبداع والتألق إلا بمواطنيها الأوفياء المخلصين، والذين من خلالهم تتلألأ مصابيح الدُجى، ويشع نور البصيرة، وبعدها تصبح مملكتنا وحدة واحدة يحيطها أبناؤها الذين يبذلون الغالي والنفيس، ولا يبخلون عليها مهما كبرت المهام وثقلت الأوزان.

فالوطن والقيادة هما البيت الكبير يحوي الجميع، ويسكنه الرعية، مما يتطلب من الجميع التعاون المثمر البنّاء. فالوطن والقيادة أمران مرتبطان والشعب ثالثهم، فتلك العناصر الثلاثة هم من رفعوا مكانة الوطن، وتشرفوا بخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والمحافظة على الدعوة إلى الله. وكذلك خدمة الحرمين الشريفين ورعاية قدسيتهما، فهذا شرف لا يناله إلا ذو حظ جميل، من قِبَل الخالق - تبارك وتعالى -. اللهم احفظ البلاد والعباد وأدِم علينا نعمة الدين والأمن والأمان. اللهم احفظ ولاة الأمر الكرام. وفي ختام هذه السطور المتواضعة، نسأل الله العلي القدير أن يحرس بلادنا من كل سوء وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين ذخرا للوطن، إنه نعم المولى والقادر عليه، وكل عام ومملكتنا عالية، وكل عام ورايتنا خضراء مرفرفة، وكل عام والشعب والمليك بصحة وعافية.