آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

زينب الكبرى: كعبة الأحزان

نداء الأحمد *

المقدمة:

نعزي الإمام المهدي الموعود عجل الله فرجه الشريف بمناسبة ذكرى وفاة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى .

السيدة زينب محبوبة أهل البيت، لها من الألقاب تسعة وأربعين لقبا، ونحن نقف إجلالا في دراسة سيرتها الكاملة في كلامها وخطبها وفي مواقفها الفذة والتي أثنى عليها نبي الإنسانية ﷺ واهل بيته ، فقد كانت لهم طريقة خاصة في تعاملهم مع عزيزة البيت الهاشمي.

كانت في عبادتها وبلاغتها وفصاحتها ومحاسنها وشيمها الكثيرة كأبيها المرتضى وأمها الزهراء .

من مفاخر العقيلة :

أكرمها رب العزة بالجمال الإلهي والجلال القدسي إذ كان أخيها الإمام الحسين يقوم إجلالا لها عند زيارتها إياه.

وكما ينقل السيد جعفر آل بحر العلوم الطباطبائي:

«يكفي في جلالة قدرها ونبالة شأنها ماورد في بعض الأخبار من أنها دخلت على الحسين ، وكان يقرأ القرآن، فوضع القرآن وقام لها إجلالا».

ربيبة بيت العصمة حوت كل الأوصاف الجليلة، والفضائل الطاهرة، فصارت روح تحج إليها القلوب، واسمها يلمع في سجل الخالدات.

عرفت بكثرة العبادة والتهجد، شأنها شأن أبيها ولي الله وأمها خير النساء وجدها سيد الأمة، وشأنها شأن أهل بيت العصمة والطهارة.

شخصية ذات خصال حميدة، تربت في ظلال أصحاب الكساء، فحق لها أن تنال سمو المنزلة العلمية في خدمة القرآن وفي حفظ أحاديث جدها النبي ﷺ.

تغر العلم غرا كيف لايكون هذا مقامها وقد نزل القرآن وآيات كتاب النور في بيتها.

لها محافل ومجالس لتعليم الفقه والتفسير فهي العالمة اللبيبة وعلمها لدني.

جانب التبليغ الرسالي وقع على عاتقها مقتدية بسيدها الإمام الحسين وهذا ما نلحظه في مواقفها المختلفة منها في كربلاء، والكوفة، والشام، كما هو في إحدى كلماتها في خطبة الكوفة:

«أفعجبتم أن تمطر السماء دما، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار، ولا يخشى عليه فوات الثأر، كلا إن ربك لبالمرصاد».

تحلت بدرجة الصمود وقوة الوعي ووضوح الهدف فضربت لنا أروع المواقف في الذب عن إمام زمانها بكلامها ومواقفها وخطبها التي تحكي صورة أمير المؤمنين وأمها سيدة النساء، فنالت نيابة خاصة عن الإمام الحسين وابن أخيها الإمام زين العابدين عليهما السلام.

استجيب دعاء السيدة زينب في يوم عاشوراء مرات عديدة فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.

مع الإمام الحسين في وادي الطف:

إن بقاء الإسلام مرهون بمسيرة العقيلة زينب والحسين ، فكانت كلها مسؤولية وجهاد كبير مما لا نجد لها نظيرا على مر التاريخ.

يكفي قصة وحادثة عاشوراء، أحداث لايمكن للقلم ولا للروح البوح بعمق الكرب والبلاء.

تحدثت كتب التاريخ عن مواقف مشرفة للحوراء زينب تنم عن البطولة، والصبر على البلاء، والفداء، فهي التي كانت تمرض العليل، وتراقب أخيها الإمام الحسين ، وهي التي تكفلت العيال والأطفال، وبها لاذت عيال الحسين وحريمه.

اختارت صحبة إمام زمانها أخيها الحسين على البقاء مع زوجها، وزوجها مسرور بمسيرتها وتفانيها في العقيدة والدين.

السلام على الحوراء التي دارت عليها الكوارث والرزايا، تعجب لصبرها ملائكة الأرض والسماء.

فأصبحت للبلايا قبلة

وللرزايا والأحزان كعبة.

فقدت جدها وأمها وأبيها وأهليها، كما شاهدت محن جدها وأبيها وأمها ومحنة الطف، قتل أخيها الحسين وقتل ولديها عون ومحمد مع الإمام أمام ناظريها، لكنها كانت روح تعكس الصبر وقوة الإيمان، «ما رأيت إلا جميلا».

هي سيدة الجمال والجلال لها إدراك قلبي ووعي كله سمو نحو المحبوب رب العزة والإكرام سبحانه وتعالى.

حق لنا في هذا اليوم التوجع ولبس السواد بمصاب حفيدة الرسول التي ناصرت الحق ومزقت روح الظالمين.

محطات أحزان كثيرة مرت على فخر المخدرات من جملتها السبي والأسر بعد شهادة أخيها الإمام الحسين .

مع أن المرأة تمتاز برقة مشاعرها وعواطفها الجياشة إلا أنها في ظل المحن كانت أنشودتها الحسينية: «إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى».

فصارت مشعلا وثورة أمام فضاعة الرزايا والمواقف القاسية

«فوالله لا تمحو ذكرنا..».

ختاما:

ذكر ابن طاووس: «أن الحسين خاطب النساء وفيهن زينب وأم كلثوم فقال: «انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا، ولا تخمشن علي وجها، ولا تقلن هجرا».

مقتل الحسين : 34

بكالوريوس علم اجتماع
ماجستير في علوم القرآن الكريم