آخر تحديث: 4 / 12 / 2024م - 9:38 م

تأملات نفسية «1»

لماذا تنبسط النفس أحيانا وتنقبض أخرى؟

لماذا يصاب البعض باكتئاب أو قلق قد يؤدي لا سمح الله إلى الانتحار؟

ما هو دور الوراثة والتربية على سلوك الإنسان، وهل هو محكوم بجيناته الوراثية أو عاداته الاجتماعية، أو أنه يملك كامل الحرية في صناعة شخصيته الخاصة به؟

ما هو دور الدماغ البشري على حالة الإنسان النفسية؟

ما هي الشخصية وكيف يتم تكوينها، ولماذا تختلف من شخص إلى آخر؟

لماذا يحقق البعض إنجازات متراكمة بينما يعجز آخرون؟

لماذا يتكامل البعض ويسمو نحو الفضيلة بينما يهوي الآخر في وحل الرذيلة؟

بعض هذه الأسئلة تم نقاشها عبر ثلاث مراحل تاريخية:

1» فلسفيا في الحضارات الشرقية الهندية والصينية والفارسية والمصرية والحضارات الغربية اليونانية، ودينيا في الرسالات السماوية والحضارة الإسلامية،

2» مع ثورة العلوم الطبيعية الحديثة، وشيوع المنهج التجريبي، ولد علم النفس الحديث في القرن التاسع عشر على يد الكثير من العلماء، ومنهم Wilhelm Wundt الذي أسس أول مختبر لدراسة السلوك في عام 1879م، فيما سمي بالمدرسة البنائية حيث تم الاستفادة من الاستبطان «introspection» كوسيلة لفهم الإدراك الحسي والمشاعر النفسية. ويكون ذلك من خلال تدريب مكثف للفرد، ثم يتم إجراء تجارب مختبرية يتعرض فيها الفرد لظواهر حسية سمعية أو بصرية، يتم معها تسجيل وقت تفاعله معها ووصف الشخص بالتفصيل لأفكاره وشعوره النفسي وذاكرته، وهكذا يتم تكرار ذلك مع عدة أشخاص في محاولة علمية لفهم أثر الإدراك الحسي على الشعور النفسي والأفكار العقلية،

3» تطور علم النفس ليصبح علما مستقلا في القرنين التاسع عشر والعشرين. فقد ولدت نظريات التحليل النفسي لفرويد وكارل يونغ، ثم النظرية السلوكية لواتسون وبافلوف وسكنرز وأخيرا النظرية الإنسانية لماسلو وكارل روجرز. وأصبح علم النفس زاخرا بفروع كثيرة في أغلب جوانب الحياة البشرية كالمعرفية والصناعية والبيئية والاجتماعية.

يظن البعض مخطئا أن علم النفس يتخصص فقط في دراسة وعلاج الحالات النفسية المضطربة، غافلا أن النفس كنز عظيم لازال العلم في بداية مشواره الطويل لمعرفة أسراره. في الحقيقة، النفس تشبه قصرا كبيرا فيه نوافذ وأبواب كثيرة يمكن الإطلال منها لمعرفة بعض جوانب هذا القصر دون الإحاطة بكل جماله. فتعالوا معنا في مقالات لاحقة، لنرى داخل هذا القصر الجميل من خلال هذه النظريات النفسية. فكل نظرية تحاول فهم النفس بطريقة خاصة قد تكمل النظريات الأخرى، والحمد لله رب العالمين.

رئيس جمعية مهندسي البترول العالمية 2007
والرئيس التنفيذي لشركة دراغون اويل سابقا.