شهر رجب والشهود التام للحق
الفهم الروحي والمعنوي للاستغفار:
قال النبي الأكرم محمد ﷺ: «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم وليلة سبعين مرة».
يرتقي السالك إلى الله في شهر رجب المرجب في السير الباطني من خلال البرامج المعنوية النهارية والليلية بجناحي العقل والنفس.
جاء شهر رجب بتراثه المعنوي من الصلوات والأدعية والزيارات والإستغفار ليكون وقت الإنسان ملكا لله تعالى
ترق روحي للسالك في سره وخارجه، فتظهر لوامع البرق على جوارحه، ويطهر من ملوثات الذنوب، ويتكامل باطنا في سيره المعنوي وما يسمى لدى العرفاء مقام الوصول.
لا يشاهد بجوارحه أو جوانحه إلا عالم البقاء الأبدي، فناء في عالم الملكوت والروحانيات.
تربي برامج شهر رجب وشعبان وشهر رمضان السالك إلى نبذ الأنانية والملكات الرديئة والطباعات الشهوانية والأخلاق السقيمة فلا يرى العبد حينها إلا الوحدانية والعبودية الخالصة لله تعالى.
ترابط عميق بين الروح والبدن، لسان لهجا بالاستغفار والذكر الروحاني اللطيف، وقلبا يعرج بالحركة التوحيدية للحضرة القدسية.
إقبال على الله بكمال العبادة، وكمال التعلق بأنوار الحق وفيوضاته ولطفه بإتعاب البدن والروح حتى المكث والبقاء في عالم الملكوت والجبروت.
بمعنى أوضح إعراض عن الملاذ الحيوانية والشهوات الحسية، وعكوف واعتكاف بأحوال أهل الله وخاصته.
نشأة روحانية ونفس إنسانية تنزهت عن الخطايا وهامت ظاهرا وباطنا في عالم النور.
تسبح في عالم الاستغفار والرجاء والدعاء والخشوع والخضوع، وكسب الإخوان اللذين تيموا بعشق الحبيب وهو الله تعالى.
شهر رجب مع زاد الاستغفار يجرد النفس من النوم إلى عالم يقظة العقل والقلب، وخروج شمس الروح بدركةعالم انجذاب الأرواح بنور النفس الناطقة المنقادة للحق تبارك وتعالى.
واستعملني بما تسألني غدا عنه؛ هذا مفاد الأزمنة والأمكنة وخاصة زمان شهر رجب وشعبان وشهر الله شهر رمضان وبقية النفحات الزمانية والمكانية.
بلوغ الروح وسمو النفس إلى مقام الشكر والعشق للقاء الحبيب رب العالمين.
والارتفاع بمرتبة النفس الإنسانية، ومنتهى مراتب أهل الحقيقة في القرب الحقيقي.
حضور القلب بعبودية ناجمة عن سلوك وقصد حقيقي للكمال المطلق برؤية وعبودية خواص الخواص.
عبودية خواص الخواص لا طمعا في دنيا ولا حبا لنعيم الآخرة إنما مرادهم عشق الله والذوبان في رؤية المحبوب بتمام الخلوص.
كما في الحديث القدسي:
«من طلبني فقد وجدني، ومن وجدني فقد عرفني، ومن عرفني فقد أحبني، ومن أحبني فقد قتلته، ومن قتلته فعلي ديته، ومن علي ديته فأنا ديته».
كمال في العبودية
وكمال في الربوبية.
نختم هنا بكلمة قيمة ذكرها الشهيد مطهري قدس سره:
«إن تصفية النفس والإخلاص والابتعاد عن أهواء النفس لا يقتصر أثرها على إضفاء الصفاء على القلب
بل إن لها أثراً أعلى وأرفع من ذلك وهو أنها تفجر العلم والحكمة في داخل الإنسان».
الإنسان الكامل: الشهيد مرتضى مطهري.
وهبنا المولى بلطفه وفيض عنايته التوجه الدائم للحرم الحقيقي وللبيت المعنوي بالاستغناء عما سواه.