العودة الحضوريّة في التعليم
بلا شكّ أثبتت التجربة مدى قوة وزارة التعليم في مملكتنا الحبيبة على مواجهة كافّة التحدّيات التي تضمنُ تحقّق التعليم لكافة طلاب المملكة، بالإضافة إلى عزيمة قيادتنا الرشيدة في مغالبة الصعوبات التي تعترض مسيرة النمو للفرد والمجتمع وقدرتها على إدارة الأزمات على مستوى العالم، في حين نشاهد فشلاً ذريعاً في كثير من دول الغرب في التصرّف مع هذه الأزمة المتعلقة بوباء كورونا.
وها نحنُ الآن نخطو أول خطوات التعليم الحضوريّ للطلاب في المرحلة الابتدائية وفي رياض الأطفال.
وتتطلب عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة من المعلمين وكافة العاملين في المدرسة عدة أمور تتمثّل فيما يلي:
أولاً - تهيئة الطلاب للعودة الحضوريّة نظراً لصعوبة تكيّف بعض الطلاب مع هذه العودة، فهنالك طلاب لم يجرّبوا التعليم الحضوريّ في المرحلة الابتدائية وفي رياض الأطفال، وفي المقابل هنالك مجموعة من الطلاب تعلّموا حضورياً، ولكنّ الانقطاع عن الحضور المباشر لفترة ليست بالقصيرة أدّى لظهور بعض المشكلات النفسيّة، التي تتطلّب بدورها تهيئة من الموجّه الطلابي والمعلمين وكذلك الإدارة المدرسيّة، بالإضافة إلى ضرورة التدرّج في إعطاء المحتوى التعليميّ وإضفاء جوّ من الألفة ليشعر فيها الطلاب بأنهم في منازلهم.
ثانياً - الاستعداد لمواجهة بعض المشكلات التعليميّة المتعلقة بالمستوى الدراسيّ الفعليّ؛ حيث سيجد المعلمون بعض الطلاب ممن حصلوا على الدرجات العليا يظهرون بمستوى أقلّ؛ لأنّهم كانوا يعتمدون على مساعدة الأهل في المشاركة وحل الواجبات أو الاختبارات، وفي مقابل تلك الفئة سيبرز بعض الطلاب المميّزين ممّن لم تسهم ظروف التعليم عن بُعد في إبرازهم مثل: ضعف الشبكة العنكبوتية، وعدم القدرة على التفاعل في التعليم عن بُعد مما يقلّل الدافعيّة، بالإضافة إلى الظروف المادية الصعبة، أو كثرة عدد أفراد الأسرة، ونحو ذلك مما يساهم في إعاقة الطالب عن التحصيل العلميّ المناسب.
ثالثاً - الاستعداد لاكتشاف مشكلات تعليمية لا تُكتشف إلا نادراً في التعليم عن بُعد مثل: صعوبات التعلّم، وبطء التعلم، ومشكلات النطق والتخاطب، وطريقة الكتابة ومسك القلم، ونحو ذلك.
رابعاً - المساهمة في بناء شخصية الطالب بشكل مباشر في التعليم الحضوري كبناء السلوك التوكيديّ والثقة بالنفس، وتدريبه على مواجهة المخاوف والقلق.
خامساً - التصدّي لتعديل السلوك؛ إذ سيواجه المعلمون والموجّه الطلابيّ الكثير من المشكلات السلوكية التي لم تظهر في ظلّ التعليم عن بُعد مثل: التنمّر والعدوان والهروب ونحو ذلك، وهذا يتطلّب وضع خطة سلوكيّة وقائيّة وعلاجيّة ونمائيّة، كما يتطلّب التعريف بقواعد السلوك والمواظبة وإعلام أولياء الأمور باللائحة السلوكية وتوقيعهم عليها.
سادساً - الحرص على تنفيذ كل الخطوات الصحيّة التي تحافظ على أرواح أبنائنا الطلاب، وعدم التهاون في تطبيق الاحترازات التي تقيهم من هذا الوباء، مع عدم إثارة الهلع في نفوس الطلاب، وعدم المبالغة في الحرص، ممّا يعدّ سلوكاً وسواسيّاً يضرّ بصحتهم النفسيّة ويزيد الطين بلّةً، ويكونون بذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار.
سابعاً - مراعاة الظروف البيئية والأسرية والاجتماعية والاقتصادية، فطلاب المدينة يختلفون عن طلاب الهجرة، والطلاب الذين يعيشون مع أسرة غنيّة أو شابّة أو متعلمة يختلفون عن الطلاب الذين نشؤوا في أسرة فقيرة أو غير متعلمة أو ممن يتجاوز فيها الآباء سن الشباب.
وأخيراً يمكن القول بأنّ على جميع العاملين في المدرسة تهيئة الظروف المناسبة لأبنائنا الطلاب، مع الاستعداد لمواجهة مختلف المشكلات التعليميّة والنفسيّة والسلوكيّة والاجتماعيّة والصحيّة، كما يمكن القول - بضرس قاطع - بأنّ كل تلك الأمور لا يمكن تحقيقها على يد فردٍ واحدٍ في المدرسة، بل سيتطلّب ذلك تضافر جهود الجميع من أجل عودة حضوريّة آمنة.