آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

غادر بصمت

يعيش الإنسان ضمن منظومة تحكمها قواعد العيش المشترك لا يستطيع التخلي عنها بسهولة، إلاّ أن بعض المواقف التي يتعرض لها الإنسان تجبره بنحو أو بآخر لتغيير سلوكه مع الآخر بطريقة تختلف عن الممارسات السلوكية في دائرة قواعد التعامل في الحالات الطبيعية مما يتطلب منا أسلوبا للتعامل مع الموقف يتناسب مع طبيعته وحجمه.

فعلى سبيل المثال، أولئك الذين لا يقبلوننا بكياناتنا الشخصية لسبب أو لآخر فيعمدون إلى التقليل من ذواتنا والنظر بدونية لقدراتنا وتصرفاتنا! فما هو الموقف والسلوك المطلوب حيال هذه الفئة من الناس؟ هل نسعى لتبرير

ما نقوم به من أجل إرضائهم أو نعيش حالة خيبة أمل وإحباط جراء مواقفهم تجاهنا؟

من الحكمة في مثل هذه المواقف أن نغادر بصمت ونعمل على هجر كل ما من شأنه أن يتسبب لنا بأذىً نفسي، إن تقدير الذات ووضعها في المكان المناسب لها مع أولئك الذين يكنون لنا كل احترام وتقدير ويقفون إلى جانبنا عند الحاجة إليهم هو السلوك العقلائي الذي ينبغي أن يتمثل في مثل هذه المواقف.

لا تقلق حينما تغادرهم وترحل عنهم، فهذه النماذج السلبية والمحبطة تسعى دوما لجذب الآخرين إلى حيث يعيشون هم من الفشل والإحباط في دوائر علاقاتهم في الحياة.

وكما يقول بيت الشعر، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر! فدعهم فالأيام كفيلة ببيان الحقائق.

إن البقاء مع أناس يرون وجودك وعدمه بمرتبة واحدة هو في الحقيقة ظلم للنفس وعدم تقدير للذات، وسندرك بعد حين مع مرور الزمن أن موقفنا من هؤلاء السلبيين بالابتعاد عنهم قد ساهم حقا في تغيير مسار حياتنا وأعطانا

القدرة على التغلب على مثل هذه المواقف وعدم إعطائها أكبر من حجمها.

إن وضوح الرؤية وتحديد الأهداف في الحياة هما عنصرا النجاح في بناء الشخصية المستقلة وتعزيز الثقة بما لا يدع مجالا للأفراد المحبطين لأخذنا حيث شاءوا.

وفي الختام، لا نسمح لأحد من الناس أن يرسم مسار حياتنا ومستقبلنا ويجعل منا أداة لتحقيق ما يصبون إليه من فكر سلبي ومحبط.

مهما كان موج البحر عاتيا وقساوة الحياة صعبة سندرك أن الثبات والنجاح في الحياة لا يكون إلا لمن أبعد عنه هيمنة التأثير السلبي للآخرين وآمن بقدراته في بناء ذاته فهجر ما يؤذيه وغادر بصمت عالم المحبطين.