نشرت خبر كسبها لقضيتها العمالية
أنشأت المملكة في نوفمبر 2018 المحاكم العمالية بعد أن كان اللجان العمالية التابعة لوزارة العمل حين ذاك هي المعنية بالفصل في القضايا العمالية، وخلال العشر سنوات الماضية تم إجراء ستة تعديلات على نظام العمل الصادر في عام 2004م. ومنذ سنوات عدة تشهد المملك حراكاً تشريعياً كبيراً على مستوى تطوير الأنظمة والقوانين كافة، ففي عام 2009 دشنت وزارة العدل مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء، الذي شمل تطوير الأنظمة والقوانين وآليات عمل القضاء وتطوير اختصاصات المحاكم بدرجاتها الثلاث بما في ذلك تفعيل قضاء التنفيذ وتطوير آلياته. كما تم توظيف التقنية لتطوير آليات العمل الرقابية واعتماد التقاضي عن بعد وإدارتها ضمن آليات إدارة الجلسات القضائية.
أحببت البدء بهذه المقدمة التي لابد منها وذلك لربطها بخبر نشرته إحدى موظفات القطاع العام عبر حسابها في تويتر عن كسبها للدعوى العمالية التي أقامتها لدى المحكمة الإدارية بدرجتيها الأولى والثانية واكتسب الحكم القطعية للتنفيذ. صياغة الخبر في تلك التغريدة القصير كانت كاشفة عن مدى الحبور والفخر بالنتيجة التي حققتها بكسب القضية أولاً - ويحق لها ذلك، ثم كسب حقوقها التي ما كانت لتحصل عليها لو لم تُقِم الموظفة - مضطرة - هذه الدعوى ضد جهة عملها.
رأيت في هذا الخبر أيضا أنه دعوة لكل من هُضم حقه من جهة عمله إلى إزالة الحاجز الوهمي والأعذار الواهية التي قد يتعذر بها أو يتردد بسببها بعض الموظفين دون التقدم بالمطالبة بحقوقهم، وهنا دور مهم للسادة المحامين لتبيان مثل هذه الأمور وتعزيز الثقافة القانونية كعامل مكمل لجهود تطبيق الأنظمة والإجراءات التي تلزم أرباب العمل في الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص لتعريف وتثقيف الموظف الثقافة القانونية بالحد الذي يضمن إحاطته بحقوقه وواجباته الوظيفية والمزايا التي يقدمها نظام العمل للموظف.
ذيلت الموظفة تغريدتها بمعلومة مهمة وهي أنها استطاعت كسب القضية دون الاستعانة بمحام، وهنا أكثر من نقطة نحتاج الإضاءة عليها، أولها أن مثل هذا القرار يرجع لتقدير الموظف نفسه ومدى كفاءته وأحاطته بالجوانب القانونية، ثانياً أن هناك أمكانية لكسب الموظف دعواه المحقة دون الاستعانة بمحام، وثالثاً أن للمحامي دور كبير ليس فقط في كسب الدعوى وتجنيب الموظف خسارتها ليس بسبب عدم عدالة مطالبته، بل بسبب جهله ببعض الأنظمة والأعراف القضائية حتى الشكلية منها، وأيضا قد يكون جل تركيز الموظف منصب على ما منع أو سُلب منه لكنه قد يغفل عن التعويض الذي يستحقه جراء مثل هذا المنع، وهنا يبرز دور المحامي في إيضاح ما يستحقه الموظف من حقوق إضافية ربما يجهلها أو لم تخطر في ذهنه، وأيضا قد يكون للمحامي قدرة أكبر في إنهاء وكسب الدعاوى في فترة وجهد أقل مما لو ترافع الموظف عن نفسه نظراً لمعرفته وخبرته في عمله.