هل تغير السياحة وجه القطيف؟
في الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت القطيف تمثل منطقة جذب سياحي.
فقد كان موظفو «شركة أرامكو» من الأمريكين والأوربيين والآسيويين يجوبون المحافظة.
حينها كان اللون الأخضر يكتسيها، واللون الأبيض والأسود يتدفق من باطن أرضها، كان بياض مياه العيون المتدفقة في كل مكان، وخضرة النخيل التي تعانق زرقة مياه الخليج، تشكل لوحة جميلة تمتع البصر وتبهج النفس.
أما اللون الأسود، فكان هو الذي قلب الموازين، وغير ملامح تلك اللوحة، فرغم أن ظهور الذهب الأسود نقل المنطقة ودول الخليج عامة إلى مرحلة من النمو الاقتصادي «الطفرة الاقتصادية» إلا أن النهضة العمرانية وشق الطرق وزيادة السكان صاحبه تلاشي العيون وانحسار شديد في الرقعة الخضراء بطبيعة الحال.
فهل يمكن أن تغير السياحة اليوم وجه القطيف؟
لا شك أن السياحة والتنمية «توأمان»، بحيث يمكننا القول أن السياحة عبارة عن تنمية استثمارية، أو استثمار في البنية السياحية، وهذا الاستثمار يعود بموارد مالية تساهم في نمو الاقتصاد الوطني، كما أنه يخلق فرص وظيفية جديدة.
بقيت القطيف بما حباها الخالق بمقومات طبيعية، جاذبة للسائح، فقط تحتاج لجرأة مستثمر، وعقل مخطط بارع، ويد صانع متقن، وإرادة وقرار؛ لتعود اللوحة الفنية زاهية من جديد تستقطب الزائرين.
والبلاد وبفضل توجيهات قيادتها الحكيمة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده «أيدهما الله» وجهود الجهات الحكومية المختلفة تشهد تطورًا ملموسًا واهتمامًا كبيرا بنمو السياحة في المملكة بمناطقها المختلفة.
ومحافظة القطيف حظيت باهتمام من المسؤولين في المنطقة الشرقية وعلى رأسهم سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف «أيده الله».
والقطيف بموقعها ومقوماتها السياحية تتطلع لمزيد من المشاريع الحيوية التي تنعكس إيجابا على أهالي المحافظة والمنطقة.
تتميز محافظة القطيف بتاريخ عريق موغل في القدم
، وتحتوي على آثار تاريخية كثيرة، مكتشفة وغير مكتشفة، ولا تحتاج سوى عرضها للزائرين بشكلٍ جاذب ومنظم، وبمستوى راقي، يضاهي الدول السياحية في العالم، ويمكن ذلك بإنشاء متحف يختص بآثار المنطقة.
كما تتميز أيضًا بموقعها وخليجها الهادئ الذي يمكن استثماره في النقل السياحي بين الجزر، أو التنقل بين المدن المجاورة بواسطة القوارب، وهذا سيخفف من ازدحام الشوارع بين القطيف والدمام، ويضفي صورة جمالية حضارية مشرقة للمنطقة الشرقية.
وهذا ليس جديدًا على المحافظة فقد كان السواح الأجانب سابقا يتنقلون إلى جزيرة تاروت عبر القوارب الخشبية، أو «القواري» [1] .
أما الآن فهناك السفن السياحية، وغيرها من قوارب صغيرة، أو كبيرة وهذا الجانب الواعد يستحق الاستثمار فيه.
أيضًا اشتهرت القطيف بسوقها القديم «سوق الخميس» كعامل جذب للمتسوقين، من مختلف المدن بل وحتى من دول الخليج المجاورة، لذلك أرى إنشاء سوق شعبي، يحتوي محلات تجارية، ومقاهي ومطاعم شعبية وحديثة، ونقل كل ما كانت تتميز به سوق الخميس إلى هذا السوق.
كما يمكن إضافة ديوانية ثقافية، ومسرح ثقافي ضمن السوق، خاصة وأن القطيف تتمتع بموروث ثقافي مشترك مع دول الخليج، ومليئة بالطاقات الأدبية والشعرية، فيمكن أن تعقد ندوات شعرية، وثقافية، ومسرحية وغيرها.
كما يجب تشجيع رجال الأعمال بالاستثمار السياحي، كإنشاء على سبيل المثال «شاليهات» على الشواطئ، وتأجير المستثمرين أراضي لإقامة مشاريعهم السياحية وتشجيعهم على إقامة مشاريع تساهم في زيادة الرقعة الخضراء وأماكن الترفيه الحضارية.
الأفكار كثيرة، وتزدحم بها عقولنا، وبالعمل الجاد والهمة والإخلاص لهذا الوطن والإرادة والتخطيط السليم تتحول هذه الأفكار وغيرها إلى واقع ملموس، حينها نكون قد مضينا قدما لتغيير وجه القطيف، بل لتغيير المنطقة الشرقية ككل، فكل الانجازات لم تك يوما سوى مجرد أفكار.