آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

سنة سعيدة لكم ايها الاصدقاء

زكي أبو السعود *

تفصلنا عن السنة الجديدة ساعات معدودات. ومهما كان ترقبنا لمنتصف الليل حينما تعلن الساعة انقضاء هذا اليوم وبداية يوم جديد وسنة جديدة، فأن الساعات ستبقى هي على ما عليه دون تغيير، فلا الساعة ستزداد دقائقها أو تنقص بسبب هذا الانتظار وهذا الترقب، وحينما تنتهي الساعة الثانية عشر وتبداء أول دقائق العام الجديد فلن نشعر بالفرق في الزمن وان عام آخر من اعمارنا قد انقضى وولجنا في سنة جديدة، لا نعلم كيف ستمضي وبماذا ستنتهي؟. هذا الجهل بالمجهول لا يمنعنا من التمني، ووضع الاماني المختلفة. من بين هذه الاماني ما يخص الشخص نفسه، أي انها مقتصرة عليه لوحده، ويكون هو الفاعل فيها، أما بسلوكه الذاتي أو في علاقاته بآخرين، وأخرى متصلة بالعام، والتي حينما تتحقق فهي تمسه كما تمس غيره من الناس. في مثل هذه الظروف التي تحاصر فيها الكورونا ومتحوراتها البشرية جمعاء، مطبقة عليها الخناق، لا يمكن لأي إنسان سوي إلا أن يتمنى نهاية هذا الحصار، وأن تتمكن البشرية من الفكاك من قبضة هذا الفايروس، والعودة للحياة الطبيعية. هذه امنية عامة حينما تتحقق فأن الشخص نفسه سيستفيد من تحققها، ولكن نحن لسنا جميعاً علماء أو أطباء قادرين على اختراع واكتشاف الادوية التي يمكن ان تقضي على هذا الفايروس إلى الابد، ولكننا كافراد يمكننا أن نلعب دوراً في هذه المكافحة حينما نلتزم بقواعد وشروط السلامة والحذر وناخد اللقاحات اللازمة، وهنا يكون الفرد نفسه فاعلاً في الفضاء العام. امنية الخلاص من هذا المرض يمكن لها أن تتحقق حينما يقزم المال امام صحة وسلامة الإنسان ولاتكون جني الارباح محرك المختبرات واكتشافات العلماء والباحثين عن الدواء.

في عالم لا يسوده العدل بين الأمم ويحتكر الثروات فئة قليلة من الناس ويتسع يوم بعد يوم الفروق بين فئات المجتمع في البلد الواحد وتهيمن على العلاقات بين الناس الانانية وحب الذات، تصطدم هذه الامنية وغيرها من اماني لحياة بشرية بدون اوبئة بهذه الحواجز التي لا يكون الفرد فيها فاعلا، ولكنه حينما يتمنى ان يتحقق ذلك، ويعبر عن امانيه بكل جوارحه حينها سيكون من الفاعلين في تخطي هذه الحواجز. لذا لنتمنى سوية أن يكون العام القادم عاماً نرى فيه البشرية تتقدم في هذا المضمار وتفوز في هذا الصراع.

أحد اسباب المشاكل الصحية لإنسان هذا العصر هو القلق والخوف من الغد، فحينما تتلاعب به اخبار الصراعات بين الدول وتحاصره التوترات والخلافات بين الحكومات القريبة منه أو البعيدة عنه، فأن امنه الذهني واستقراره النفسي يصبح مهزوزاً متأرجحا، ويبعده عن التفكير والتخطيط للمستقبل الذي يشترك هو وغيره من بني الإنسان فيه، فكوكبنا لم يعد ذلك العالم المتباعد بين اجزاءه، وما يجري في أي بقعة فيه تمس كل شخص مهما كان موطنه أو جنسه، ولذا كي نكون اصحاء جسماً ونفساً، نحن في حاجة للأمن والسلام واخماد بؤر التوتر والحروب وارجاع الحقوق لكل الشعوب التي تتعرض للظلم والبغي من القوى الغاشمة وخاصة الشعب العربي الفلسطيني، الذي بقاءه دون حقوقه المشروعة التي انتزعها الاسرائيلون منه، سيبقى سبباً من اسباب بقاء المنطقة في حالة من عدم الاستقرار والامان الذي تحتاجه كل شعوب الارض لتبني لنفسها حياة كريمة. لنأمل أن لا تكون السنة القادمة مثل سابقاتها، وأن نشهد قبولاً عربياً واقليمياً وعالمياً بأهمية استرداد الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه وأن نرى علم الدولة الفلسطينية يرفرف على كل فلسطين، وأن يسود العدل والسلام كافة ارجاء المعمورة.

اتفق سياسيو العالم خلال 2021 على برنامج لانقاذ أمنا الأرض من ما لحق بها من تلويث ودمار بيئي. هذا التعهد يخص الحكومات بالدرجة الأولى، ولكن مصير الأرض ليست فقط مسؤولية الحكومات انها مسؤولية مشتركة لكل أهل الأرض، فلا يجوز لأي منا أن يستمر على القيام بكل ما يلوث الأرض ويدمر حياتها الفطرية وكأن الأمر لا يعنيه. لنضع على انفسنا جزءا من هذه المسؤولية لخلق حياة اقل تلوثاً، وكوكباً انظف وانقى.. فذاك يحيلنا إلى فاعلين، ولنتمنى أن يكون في استطاعتنا فعل شيئا ما بهذا الخصوص، يجلب لكل منا الفخر بما قام به في نهاية 2022.

كل عام وانتم بخير.. متمنياً لكم جميعا ايها الصديقات والاصدقاء سنة جديدة تفاجئكم بكل ما يسركم وتحققون فيها كل ماتتمنون.

بكالوريوس في القانون الدولي، ودبلوم علوم مصرفية. مصرفي سابق، تولى عدة مناصب تنفيذية، آخرها المدير العام الإقليمي…