آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

ما أحوجنا إلى أن نتصالح فنتصافح

سلمان العنكي

مِن أهم المقومات التي يتحقق بها الأمن المجتمعي التصالح والتسامح بين أفراده، الأرحام والجيران الخلطاء والأزواج ومختلف المذاهب والديانات وعند التعاملات التجارية ومتعلقات الحياة والتأقلم مع المُحترم من العادات أما إن خلا المجتمع من هذه وتلك ورُفعت شعارات التحزب الطائفي والمذهبي وكثرت النزاعات والأخذ بالثأر وقاطعت الأقارب بعضها ”وصارت عقارب“،تحولنا إلى حروب وقضايا أمام القضاء ليصدر فيها أَحْكَامًا ووقتها تُزرع الكراهية في الصدور والأحقاد في القلوب وزادت الفرقة وأشدها ضراوة بين الأقرب فالأقرب والخلان واختل توازن الأمن فساد الخوف وعمّت الفوضى. 

من هنا وحتى نتحاشى وقوع ما نكرهه ويفرقنا علينا جميعاً:

«أولا» أن نتغاضى عن بعض حقوقنا المالية والمعنوية وما بسببه تخلق العداوة ونرتفع بأخلاقنا. نترك مساحة محفوفة بالورود صفحاتها بيضاء نكتب فيها عناوين المحبة والتوافق على ما كنا عليه مختلفين.

«ثانياً» إن النفس لتسعد برؤية الأبوين فهما روضة جنان أين حلا. ما أجمل الجار أن تكون أولوية مشاعره وأحاسيسه آلام واحتياجات جاره ونسيان هفواته. ما أحلى اشتياق الرحم إلى رحمه وتقديم ما يلزمه دون سؤاله. حب الزوجين المتبادل يخلق جواً أسريا يرتع فيه الأولاد. وما أقدس عمل أو مال يقدمه أحدنا لمجتمعه دون مَنٍّ منه أو مللٍ وضجر كم يساوي تجمع المتعارفين في مجلس يتبادلون فيه أطراف حديث مفيد وتقبل الرأي.

«ثالثا» ما نراه اليوم من البعض أو نسمعه عنهم ليدمي القلوب ولد لا يسأل عن حال أبويه المقعدين في بيتهما القديم ابن أخ لا يحترم عمه ويعتبره منه بعيداً ولا كأنه بمنزلة أبيه وخال لا يعرف أبناء أخته التي نسيها لعقود إخوة يتنازعون على تركة والدهم يتفاقم بينهم العداء حتى لا يشارك بعضهم في عزاء من يموت. وجار قاطَع جاره على برميل قمامة نقله الهواء إلى بابه. امرأة تستغيث من زوجها الظالم ولا من مغيث. وزوج كلما قدّم لزوجته لا يرضيها منه شيء ولا هو من همها مستريح.

«رابعا» لماذا كل هذا ونحن ندين بالإسلام دين المحبة والتسامح والسلام؟ هل بعنا هويتنا الدينية والأخلاقية أم تنازلنا عنها أو راقت لنا الدنيا فركبنا سفينتها وابتعدنا عن مبادئنا وضيعنا قيمنا؟ ألا يجدر بنا كمجتمع أن ننتبه من نومة الغافلين ونصلح ما أفسدنا قبل أن تَفْسُد أجيال آتية بعدنا؟

«خامسا» من له أبوان أو أحدهما عليه أن يعرض عن عقوقهما إلى برهما يرعاهما يتفقد حاجاتهما يبذل قصارى جهده في توفير الراحة لهما يؤدي دينا لهما في رقبته قبل أن يحاسب عليه في آخرته. 

خلاف الجيران على شيء بسيط تنشأ منه صراعات تصل إلى عداوات لنتحمل بعضنا وننهي ما بيننا بالتفاهم والود والاحترام. 

الأرحام والأحباب من أخطأ وجاء ذراعاً يعتذر على الآخر أن يسعى إليه باعاً ويقبل اعتذاره وكأن شيئا لم يكن ويتفاهم معه على ما بقي.

الزوج عليه مراعاة زوجته الضعيفة وكما ليس له ولاية على معتقدها أيضا لا يحق له التسلط على أموالها ويكون إمساكه لها بالمعروف وعليها في المقابل أن لا تدع زوجها يرى أو يسمع منها ما يكره تقنع بالقليل وتقبل منه اليسير تواسيه في مِحَنه تقدر ظروفه يتناسى كل منهما لمم الآخر وما أمكن.

ما يخص الإخوان والأرحام لا يدققوا الحسابات بينهم خصوصاً إذا حضروا قسمة الميراث حتى يُقسم بسهولة ويأخذ الكل حقه لا يتحول إلى نزاع أو يحبسه الوصي وكأنه ماله الخاص. 

تعاملنا مع الآخرين وفي مقدمتهم الشركاء يجب أن يكون بإخلاص وحسن نية وطيبة قلب وحلو كلام. 

من أدرك منا الصباح لا يضمن المساء ومن أمسى لعله لا يصبح نحن هكذا دون إنذار أو تحديد أعمار نرى الجنائز تترى كل يوم تباعاً. إلى أين ذاهبون وكم لنا بعدهم من بقاء؟ يقول الشاعر «وإذا حملتَ إلى القبور جنازةً فاعلم بأنك بعدها محمول».