الصبر على الابتلاء
الحقيقة أن الصبر من علامة المؤمن ومن الإيمان، لأن الإنسان إذا لم يصبر فلا دين له ولم يدخل الإيمان قلبه، وهو اختبار للنفس مابعده اختبار.
والمقصود هنا طبعا مطلق الصبر ليس فقط الصبر على المكاره كذلك الصبر على الابتلاءات، وبه يميز المؤمن وبه يعرف أصحاب الله من أصحاب الشيطان.
والصبر مفتاح الفرج وليس الفرج الدنيوي فقط، وإنما الفرج عندما تفتح لك أبواب السماء، والخير يأتيك من حيث ماشئت، فتلج الجنة.
والصبر طريق لمحبة الله ورضاه وطريق للدرجات الرفيعة، والله سبحانة وتعالى يحب العبد فيبتليه فيصبر على بلاء الله فيحبة اكثر ثم يبتليه فيصبر وهكذا، وخاتمة الابتلاءات هي خاتمة الحياة وهو الموت والعياذ بالله، فاذا أحبك الله تعالى جعل خاتمة حياتك هي الشهادة، فاذا أحببت الله تعالى في حياتك فإنه يحبك، فإذا أحبك ختم حياتك بما يحب هو.
وبالصبر يكون الإنسان في المجتمع واجهة للخير، وتحفظ صورته بأبهى مايكون دون قدح أو مس بها عند الغير في مجتمعه، وبالصبر على البلاء وصل بعض البشر إلى مقام أئمة يهدون بأمر الله، فالكرب العظيم والمصائب الجليلة التي وضعها الله في طريقهم لكي تبرز ما في بطونهم من تقوى وإيمان وعلوم، وأوصلهم إلى ذلك المقام الرفيع بأستحقاق ذاتي، لابتدليل وإنجاز عاطفي من الله لهم، إذا لم يصبر الإنسان على بلاء أو مكروه أو على حالة طلبها أمر حسن كما تقدم، فإن عاقبة عدم الصبر هذا تعتمد على مافعل من عدم الصبر، فقد يكون فعله المجسد لعدم الصبر هو فعل محرم فيعاقب عليه، أو مكروه فيتحمل تبعاته، وقد يكون أمرًا مباحًا، فإذا ما فعل من عدم صبره يترتب رد الفعل عليه، والحساب والعقاب عليه، إلا أنه على العموم يكون العقاب أهون من حالة العصيان في الحال الطبيعي.
فالصبر مفتاح للدرجات العالية، وإذا كان الصبر هو الدين فكيف أزود نفسي بهذه العزيمة، إن ذلك يتوقف على أمور أهمها ماذكرته الآية الكريمة: ﴿وكيف تصبر على ما لم تحط به خيرا﴾
فالإحاطة بجوانب الأمور الظاهرية وغير الظاهرية تعطي الإنسان الحصانة من التأثر بالأمر الظاهري، فإذا كان محيطًا أو ملمًا إلمامًا واسعًا بالحالة التي يواجهها، فإن هذا خير معين على التصبر، لأنه يرى ماوراء هذه الحالة.
ولهذا كان أئمة الهدى يفعلون العجائب
في صبرهم، ولهذا كان الإمام زين العابدين صابرا محتسبا لله على ما واجهه من مصائب، ولو لم يكن يرى ما لا نرى من عدل الله وحكمته لقتلت نفسه هذه الحالة الأليمة، فزيادة الإيمان هنا حصانة للإنسان في المصائب ومنبع للطاقة والرغبة في الطاعات.
والإيمان يعني حب الله وذكره على كل حال من أحوال الدنيا فهذا خير معين لتحمل البلاء والمكروه.
فيجب أيها المؤمنون أن نتحلى بصبر أهل البيت ومصائبهم الأليمة، فالتفاعل مع هذه المصائب يجعل الإنسان قريبًا لهم وفي حضرتهم، فيساعد الإنسان على إخراج حب الدنيا من قلبه وطاعته المطلقة لله سبحانه وتعالى، فيهون عليه نسي الدنيا.
والحقيقه أن الذي يجمع بين هذه الأمور كلها هو الإيمان فيصبح الصبر هنا هو الإيمان الحقيقي، فالصبر معونة على استجابة الأجر والثواب، واللهم أعنا على الصبر والإيمان إن الصبر مفتاح الفرج.