الغرف المظلمة
ظاهرة الاختلاف الفكري موجودة في كل عصر ومصر ومجتمعنا ليس بدعا من ذلك، فنحن نعيش باستمرار اختلافا فكريا نشطا موجود بشكل حيوي منذ مدة طويلة تعمل عليه وتغذيه وترفده جميع التيارات الفكرية في المجتمع بنحو إيجابي تارة وسلبي تارة أخرى بناء على من يمسك ويدير زمام المبادرة في موضوع الاختلاف.
هناك فئة من التيارات الفكرية تعمد إلى تحويل ثقافة التنوع والاختلاف إلى حركة خلاف ينطلق من زوايا غرف مظلمة يحسب أصحابها أنهم من أهل الشأن الثقافي والمعرفي وهم يفتقدون أبسط معايير آداب الحوار والتعامل مع الاختلاف ضمن دائرة أدبيات الإقناع والتأثير والنقاش العلمي الرزين المتعارف عليه عند أصحاب التخصص والخبرة لإثراء الفكر الإنساني لإيمانهم بأن الاختلاف هو ما يولّد الإبداع في حل المشاكل واتخاذ القرارات السليمة.
إنّ من أهم عوامل هذه الحالة السلبية وهي تحويل ثقافة الاختلاف إلى خلاف يكمن في عدم التخصص وضعف المعرفة وفقدان الخبرة والدراية لضعف الممارسة والبعد عن ساحة العمل والمناشط الاجتماعية والاكتفاء بوسائل التواصل الاجتماعي للغرق في الجدل الفكري والتصيد لأخطاء الآخرين الغير متعمدة في أبحاثهم ومحاضراتهم وكأنهم وقعوا على صيد ثمين لموائدهم كي تبدأ معركة الإسقاط الاجتماعي لكل من يخالفهم الرأي والدفاع المستميت عن فكرهم ومعتقداتهم التي تفتقد لأدنى معايير أدب النقاش وتعلوها لغة الصراخ وفرض الرأي والهجوم على الأطراف الأخرى.
إننا نتطلع لرؤية هذه الفئات السلبية في ممارساتها الفكرية، ضمن المجموعات المؤثرة إيجابا في حركة إدارة الاختلاف في المجتمع من خلال تواجدهم في النشاطات والبرامج الاجتماعية وتسخير ما لديهم من تجارب إيجابية لصالح وحدة المجتمع وبنائه وتطويره والعمل على رقي أوطانهم.