العارف وجنة لقاء الله
لطائف ومقامات العارفين:
العارف الرباني آية من الآيات الأنفسية الكبرى، ارتشف من نور الثقلين بحر الحقيقة حيث سار بالهجرة الحقيقية من بيت النفس المظلم، بيت الأنا وحب الدنيا إلى الله ورسوله ﷺ.
يسير العارف الرباني بالعرفان النظري والعرفان العملي طبقا لشريعة القرآن ونهج أهل البيت الوضاء.
ألطاف وأسرار تحيط روح العارف السالك إلى الله تعالى يتنعم بها في الدنيا والآخرة بقية الوصول إلى لقاء الله تعالى.
أن نكبح هوية النفس الأمارة هو ما تدعونا إليه رسالة الأنبياء والأوصياء والتي يطوف حولها العارف السائر السالك إلى الله.
في تشخيص العارف وبعض علاماته:
فكيف كان وقد ذكرنا ما يكفينا للمقام إلا إن المهم هو تميز العارف عن غيره، وقد ذكروا لعلامة العارف أموراً لا بأس بالإشارة إلى جملة الكلمات في ذلك، حتى يتضح المقام ويعرف العارف إن ما يصنع به هل ينفع في عرفانه أم لا؟
قال إبراهيم بن ادهم: من علامات العارف، أن يكون أكثر همّه التفكر والعِبر، وأكثر كلامه الثناء والمدحة، وأكثر عمله الطاعة والخدمة، وأكثر نظره إلى لطائف صنع ربّ العزة ويبقى العارف في رياض القدس يرتع، وفي بحار الشوق يسبح، وعلامة ذلك أن يكون جميع شغله في الله، وقراره مع الله، وسروره من الله، وأنسه بالله، ومفّره الى الله، وحبّه لله، وشوقه إلى الله،......
كتاب حديقة العارفين
ص 177 - 178
للعلامه محمد حسن المازندراني
النفوس الجاهلة والغافلة عن رحلة السير الإلهي لا يتسنى لها الدخول في الحياة المليئة بالروحانية والعرفان.
بلوغ المعنويات حيث السفر من الخلق إلى الخلق بالحق بمنازل الكرامة والسعادة في نشر حقائق ومعارف الثقلين.
التوحيد العملي هو مايجب أن يسعى العارف لتنميته في باطنه وفي ظاهره حنيفا مسلما لله رب العالمين.
كما يجتهد العارف لنشر معارف التوحيد وصقل النفوس وري عطشها عملا حتى تصل إلى حيث الطمأنينة أن لا مؤثر إلا الله تعالى.
التزكية والتهذيب صمام ضمان لانفتاح الروح بأنوار العلم الإلهي.
﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾
محاسبة الإنسان نفسه ومدى تقصيرها في حق الله تعالى سبيل للتهذيب حيث التوبة من المعاصي والدخول في ساحة الرحمة والرضوان الإلهي.
كي يعيش المرء منا تائبا من سيئاته وخطاياه لابد من توجيهها حيث العلم النافع والعمل الصالح المتقبل قبل حلول المنية وفوات التعويض بالحسنات.
تقوية الشجرة الطيبة شجرة التوحيد جسر لعبور الصراط المستقيم.
صراط الذين أنعمت عليهم بلقاء الله تعالى ذو الجلال والاكرام.
غاية العارفين الطالبين الدخول إلى حيث مساكن أهل الجنة ونيل الرضوان الأكبر إنه ولي الفضل والإنعام.
نختم بهذا المقطع النوراني من أدعية الصحيفة السجادية:
«سيدي إليك رغبتي، ومنك رهبتي، وإليك تأميلي، قد ساقني إليك أملي، وعليك يا واحدي عكفت همتي، وفيما عندك انبسطت رغبتي، ولك خالص رجائي وخوفي، وبك أنست محبتي، وإليك ألقيت بيدي، وبحبل طاعتك مددت رهبتي.
يا مولاي بذكرك عاش قلبي، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني، فيا مولاي ويا مؤملي ويا منتهى سؤلي، فرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك، فإنما أسألك لقدم الرجاء لك، وعظيم الطمع فيك الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة، فالأمر لك وحدك والخلق كلهم عيالك وفي قبضتك، وكل شئ خاضع لك، تباركت يا رب العالمين.
إلهي ارحمني إذا انقطعت حجتي، وكل عن جوابك لساني، وطاش عند سؤالك إياي لبي، فيا عظيما يرجى لكل عظيم أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت فاقتي، ولا تردني لجهلي، ولا تمنعني لقلة صبري، وأعطني لفقري، وارحمني لضعفي.
سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي..»