آخر تحديث: 25 / 11 / 2024م - 8:33 ص

القمّة ليست بعيدة

علي أحمد آل رضي

لعل من الحكمة أن نعطي جلّ اهتمامنا للناشئة والانطلاق بتركيز من مستخلصات تجارب الروّاد والناجحين في مختلف جوانب الحياة ومساندتهم ما أمكن في التفكّر بعمق لتحديد مسار كفاحهم في اختيار الأفضل والأنسب والأصوب في جميع مراحل حياتهم الإنسانية والروحانية والتربوية والتعليمية والفكرية والعملية والإنتاجية وتوفير الأدوات التي يرون أنهم بحاجة إليها - ومنهم ذوات المواهب والنوابغ - لمساعدتهم في تحقيق أهدافهم والوصول بأيسر السبل إلى القمّة والمراتب العليا.

مشاهد عديدة تمرّ أمامنا كل صباح ومساء بعنوان الطموح والأمل والحلم والهدف تحاول أن تتغلغل بينما سبقها في سالف الأيام والليالي لعل مصباح ينير أحدها ذات يوم خريفي، ويتكرر الدعاء في كل فرصة وزيارة ينتظر ساعة فرج برفع واعتماد هذه الخطة أو المشروع من أجل قص شريط احتفال البداية اللفظية لا سواها والحرص على تجهيز مقصّاً لامعاً يليق بالمقام والصور وبعدها يختفي الاسم عن العيون واندثر أو صادف السياج ذلك المسار وحطّ رحلة وأناره بمصباح خطر. لربما هكذا تخطو الكثير من الاحتياجات والمشروعات الكبيرة ويرجع الأمر إلى رموزها الثقيلة التي لا يمكن أن تحبو ولا تعدو ولا تسير وفي السجلّ أمثالها وأقرانها خفيفة رقيقة تسلك درب الماء لا تهاب أن يوقفها أي عسير. غالباً كل مشروع يمر بأربع مراحل مهمة وهي الخطة والميزانية والاعتماد والتنفيذ ثم خلال فترة الاستخدام تكون مرحلة التشغيل والصيانة، وقد يتطلب الأمر في بعض الظروف اعتماد أو تنفيذ مشروع طارئ لم يدرج ضمن الخطة ولا الميزانية، وما أنفعه عندما يخصص لمساندة الشباب، ولكن من غير المنطق أن يتعطّل تنفيذ مشروع معتمد ينتظره المجتمع.

أوراق كثيرة مبعثرة من النادر أن تقرأ أو تلمس بين كلماتها القمّة لأنها تُمرِض من يلمسها ويصيبه الحسد والقذف والركل والبهتان من أجل أن يتجمّد، كأنه غير مسموح له النظر إلى السماء والاكتفاء فقط متفضّلين بتنفّس الهواء، هكذا هو حال كثير من الشعوب والأمصار حين كافحوا كل جديد وكتّفوا طيران الرأي المغاير أو التميّز خوفاً أن يشير إليه مع الارتفاع كل البشر. الناجحون هم نماذج مضيئة حين وصلوا كانوا قد تسلّقوا حواجز وتخطّوا مصاعب وواجهوا جدران مرئيّة وغير مرئيّة ورفعوا رؤوسهم واستخدموا الموارد والأدوات المتاحة ونطقوا ”نحن وصلنا وحققنا أهدافنا وبنينا مستقبلنا وساهمنا في التأثير على حياة من حوالينا من المجتمعات والأوطان“ حيث كسبهم عمّ وخيرهم انتشر وأمسوا قدوة ومنارة للقريب والبعيد. ولا جدال أنه لا يمكن أن تخطو وتصل إلى القمّة دون أدوات وهمّة وعندما تقرّر تصل. علمتنا الحياة من الروّاد أن الإرادة والعزيمة لا يوقفها المصاعب الخارجية ولا المتاعب الجسدية ولا المنافسة والتثبيط.

مصطلحاتنا التي عاشت أيامنا من غير المنطق أن نعمّمها على سائر الشعوب ولا القبائل ولا حتى الفئات العمرية الأخرى بشكل عام، لذا كلام البالغين وكبار السن عن حياة الفئات الأخرى لن تكون مرضية ولا دقيقة والعكس كذلك لمحدودية المشتركات وغياب الكثير من الأحاسيس والمفاهيم مع رفع قيمة الركائز التربويّة من المختصين والملاحظات في أسبار العلوم الأخرى متى كانت باحترام وموضوعية ولكن، ينبغي أَلَا نسقط كل شاردة وواردة في قصص حوانيتنا ومجالسنا على اليافعين الذين لم يتاح لهم بعد الوقوف والسؤال والمشاركة وَلَرُبَّمَا الشرح والتوضيح. لذا علينا أن نحسن التعامل مع الفئات فالبالغين والكبار يمكن أن يتم قراءتهم قراءة سريعة ولكن الناشئة والشباب نحتاج إلى قراءة عميقة ومتأنّية لصياغة مادة الرسالة الثمينة والمساندة التي يستحقّونها للصمود والصعود بتألّق.

هكذا نكتب ونختار كلمات ومصطلحات من دنيانا، ولأن الأهم أن نهمس في أسماع القادمين إلى الحياة والأطفال عن ثواب الأخلاق والعبادات وعلينا أَلَا نعكّر مزاجهم بما في عصرنا من سلبيّات تعشعش كلماته في حركات شفاهنا وأناملنا، وإن استطعنا عدم إشغالهم بما يجري من ملوّثات عن أعينهم وأسماعهم فلنفعل حتى يكبروا بنقاوة وصفاء وفي كنف السعي نحو تحقيق ما يحددونه هم من أهداف وَتَطَلُّعَات واحتياجات بالجد والمثابرة الذاتية غير منضوين تحت بند التقاعس والاتكال وانتظار المآل. يبدو أن تعريف الطفل والكهل خضع إلى نظرة قاسية حيث يتم تقييمهما دون اعتبار لإمكانياتهما الواقعية وسحب منهما القدرات الظاهرة والكامنة بهدف الشلّ والتحييد والقناعة المفروضة وعدم المشاركة في صنع البيئة الحاضنة. ألا ليت الشباب يتحمل المسؤولية لتشتدّ المنافسة وإثبات الوجود والتميّز في مواجهة وصايا واجتهادات العتاهية.

احرص أن تكون دائماً رسالتك المحفّزة والمشجّعة للناشئة ورجال المستقبل، متى أعددت، واضحة ومتكاملة وفق مجال محدود كالزاوية الحادّة، وبعيدة عن انفتاح المعنى والشتات وواسعة التفاسير كالزاوية المنفرجة.