محاكاة الزمن
بين الفينة والأخرى، تجول في أذهاننا أفكار متعددة تحرك فينا الدوافع نحو بلورتها ونشرها على الصعيد الاجتماعي، ولكن سرعان ما نجد أنفسنا في حيرة من الأمر تنتهي بالتوقف عن إكمال الأفكار نتيجة لعوامل متعددة تجعلنا نقف مجددا لتقييم الوضع وطرح سؤال مهم وهو: ما هي آثار ونتائج هذه الأفكار لو قدر لها النشر في الوسط الاجتماعي؟ مقالة كانت أو منتجا ذا علاقة بالمجتمع؟
من الضرورة بمكان أن نضع في أذهاننا قاعدة مهمة وهي أنه لا ينبغي الحكم المبدئي على فكرة أي مشروع في بداية انطلاقته ومراحله الأولى بالنجاح أو الفشل! فإن هذه الخطوة ستمنع إعطاء فرصة حقيقية لدراسته وتحليله بشكل يتناسب وأهدافه.
من هذا المنطلق، تأتي أهمية إعطاء الوقت الكافي لكل فكرة مشروع للتحليل والدراسة والعرض الجيد، ولكي نعزز فرص النجاح لهذا المشروع لا بد من البحث عن بيئة حاضنة تستطيع من خلالها الأفكار الإبداعية أن تنشط وتقاوم المحبطات المحيطه بها، فعالمنا الاجتماعي يصعب عليه تقبل التغيير بسهولة نحو أفكار أكثر تطورا وهدفية لرفع الجودة، وذلك أمر يدخل ضمن دائرة ”مقاومة التغيير“.
إن إعادة القراءة لأفكارنا الإبداعية وترتيبها حسب الأولوية بناء على تطلعات وآمال المجتمع من جانب ودمج الأفكار المطروحة منهم تكون أكثر مقبولية ونجاحا وأبعد عن التعثر والاصطدام بالواقع الاجتماعي.
إن تحقيق هذا المطلب المهم بحاجة لمجموعة من المهارات الناعمة كحسن الإصغاء للآخرين والقدرة على تحليل ما نسمع ودمج الأفكار التي تتناسب وطبيعة الأهداف المرسومة لإثراء أفكارنا انطلاقا من الحكمة القائلة ”خير الناس من جمع عقول الناس إلى عقله“ وبهذا التوجه نستطيع أن نؤسس مشروعا جديدا للتغيير الاجتماعي يقبله أفراد المجتمع من أجل التحسين والتطوير.
ومن الأمور المهمة في حركة المشاريع الاجتماعية هي المرونة في قبول التغيير من أجل تحقيق الأهداف ومحاكاة الزمن والقدرة على التأقلم مع المتغيرات بحثا عن حلول مستقبلية تستلزم تغييرا في الاستراتيجيات والأدوات المستخدمة من أجل التطوير أو الابداع..
وهنا تكمن الرؤية حيث الإبداع والتفرد بالأفكار غير المألوفة ذات الأفق الخيالي الواسع الذي يتماشى مع العالم المتقدم الذي يسعى لتسجيل إنجاز فكري عالمي بعيد عن الرتابة التي تصيب العقل بالتصلب.
إنها متطلبات العصر الحاضر، لياقة ذهنية عالية ونشطة تجعلنا يقظين فكريا لحل مشاكلنا التي تواجهنا وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى تدريب متواصل لتصل اللياقة الذهنية لأفضل مستوياتها لتنتج الأفكار الإبداعية المتميزة.
إن إستراتيجية العصف الذهني تشكل أحد أساليب الإبداع والتحفيز للانطلاق نحو عالم الأفكار اللا تقليدية.
التجديد والتطوير مطلبان مهمان لتحقيق العيش ضمن الثورة الحضارية التي نعيشها لنكون جزءا من عالم التطور والإبداع للبشرية.