الأتيكيت
يصعب علىٰ مثلي فهم مصطلح «الأتيكيت»، ويستعصي علي الالتزام به؛ إذ إن هٰذه الكلمة تخص كبار الناس، ومن لعلهم بالفهم المقلوب اليوم ”يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف!!“، وأنا أجد نفسي مع الفقراء، حتىٰ إن رئيت في محضر من الأثرياء و«الأغنياء».
أستطيع أن أشتري - لو شئت - أشياء كثيرة من لوازم الأتيكيت؛ أستطيع أن أشتري طيبًا / عطرًا ملكيًّا، وشماغًا / غترة / غطرة /... ملكيًّا / ملكية، وقميصًا / ثوبًا / دشداشة /... ملكيًّا / ملكية، وحذاءً / نعلًا / نعلين / خفًّا / قندرة / مداسًا... وسراويل قصيرة وطويلة، وشعارات وغلالات / فنايل / فوانيل... كل أولٰئك ناعم ملكي خالص!!
أستطيع أن أتحدث وأكتب كلمات وعبارات كلها جميلة عذبة حلوة «رومانسية»، وأستطيع أن أترك الكلمات «المبتذلة / العامية / الشعبية»؛ ولعلي أعرض لهٰذه المصطلحات الموظفة لأفهام غلطية!!
أستطيع أن أتحرك وأمشي وأقوم وأجلس وأقعد في «أتيكيت»، وأغفل عن حول الله وقوته!!
ولٰكنني - عندئذ! - أفقد نفسي، وأبحث عنها طويلًا، فلا أجدها!!
وبتعبير المثقفين الكبار الذين لست منهم: أكون فاقد الهوية!!
س / ما هو الأتيكيت؟!
ج / الأتيكيت اسم لمصدر جاء مسموعًا من غير العرب، علىٰ غير المقيس المطرد، وهو - في أصله - عربي؛ إذ إن جذر الأتيكيت: ك/ت/ت، فهو من «التكتيك»، والأصل فيه: التخطيط، من خ/ط/ط، وخاء التخطيط كخاء «ميخائيل» الذي هو «ميكائيل»، وطاءاه كطاء «النقطة» التي هي نفسها: النكتة، وهٰذا معروف مطرد، عند أهل الاشتقاق الكبير.
هٰذا من حيث الاشتقاق!
وأما من حيث الاصطلاح، فهو: حالة نفسانية عميقة تنبعث وتخرج من الشعور الباطن إلى الشعور الظاهر، ويراعيها الإنسان عامدًا واعيًا ما يقوم به و«يؤديه» من لغة جسده ولسانه، وما يحاول أن يوحي إلىٰ غيره من معانٍ وهالة يحيط بها عبقريته وشخصيته، وقد ينطلي كل ذٰلك على الجاهل الذي مر ذكره في قوله تعالىٰ: ”يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف!!“؛ ولٰكن كل ذٰلك لا ينطلي على العارف.
وأما وزن الأتيكيت - عندي - فهو: الأتيفيل؛ فقد حذفت التاء الثانية، وعوض عن حذفها بياء - وهٰذا الحذف وهٰذا التعويض من لوازم الأتيكيت نفسه - فافهم واغتنم؛ فإن هٰذا مبحث عزيز، وبحث عميق، ومطلب تزل فيه الأقدام، فيؤخذ بها وبالنواصي.
أسأل الله لكم التثبيت منه، بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، إذا خففتو وخفيتو علينا شوي من الأتيكتيك والبريستيج، وخليتونا نعيش علىٰ بصاط أحمدي!!