آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

كلام إنشائي!!

زكي بن علوي الشاعر

إن أخي الحبيب: الأستاذ عبد الباري إلدخيل لا..

.. يعطيك - من طرف اللسان - حلاوة

ويروغ عنك، كما يروغ الثعلبُ!!

بل ”ينطيك اياها في وجهك، ولا يرضاها لروحه يحش فيك، من وراك!!“.

دار بيننا حديث - في ”مستقبل“ حسينية الحاج سعيد المقابي، ولا تقل في ”استقبال“ الحسينية أو المستشفى / المشفى أو غير ذلك! - فقال ممازحًا: هذا كلام إنشائي؛ كلمني كلام علمي!!

حتى أنت يا عبد الباري؟!

... بعد أن عدت ورجعت إلى وطني الحبيب، قالت أم ولدي: إنت ليش ما تخلي عندك ديموقراطيه؟! وقال أحد من كان معي في السجن وهو عائد من المزار ”ولا تقل: الزيارة!“: اليوم أمي كانت لابسة ”بنطرون جينز“، فگلت ليها:

حتى انتين - امايي! - صرتي ديموقراطيه؟!

تلكم هي الديموقراطية، وذلكم هو الكلام الإنشائي!!

كل كلامنا إنشائي

الهدف من التخرج في المدارس والجامعات والمعاهد العلمية والحوزات الدينية هو تعلم شيئين اثنين هما القراءة والكتابة!!

وقد أعرض لهذين المصطلحين في المستقبل من الأيام؛ ولكن يكفي أن أقول الآن: إن القراءة تعني الفهم العميق لما ننظر فيه من مرسوم، أو نسمعه، وهي بكلمة غير جامعة أو مانعة: الدراسة والفهم.

أما الكتابة، فهي: إيصال ما فهمناه إلى غيرنا، والقدرة على تلخيصه، أو شرحه، أو البناء عليه.

وقد تشترك القراءة والكتابة وتتداخلان في قبول الأفكار والتصورات والتصديقات، أو ردها، أو تعديلها، ونحو ذلك.

المهندس - إن لم يعرف كيف يصل إلى ما يطور الهندسة أو شيئًا مما يسعد الناس ويريحهم أو يوصل ما استنتجه إلى غيره؟! - لم يتعلم القراءة والكتابة؛ وإنما احترف عملًا ومهنة، وعرف ”كيف يفك الخط؟!“؛ ولكنه ليس كاتبًا، وليس قارئًا.

إنه عامل، ذو مهنة، صاحب مكتب، موظف...؛ ولكنه لا يقرأ، ولا يكتب؛ إن القراءة والكتابة هما: منهج البحث العلمي، فإن دُوِّنَ البحث من مقدمته وبيان الغاية منه، إلى الخاتمة التي تحتوي على الخلاصة والتوصيات، فهي الكتابة.

أعود إلى ”الكلام الإنشائي“.. هذا المصطلح المغلوط، وقد يكون مصطلحًا مغالطيًّا!! شأنه شأن ديموقراطية أم ولدي، وصاحب السجن وأمه!!

كل كلامنا إنشاء، أي: تركيب وترتيب، وجمع وبناء، سواءً كان علميًّا أم أدبيًّا، وسواءً كان بالرجوع إلى المراجع والمصادر - وهي تشمل المكتوب والمسموع وغيرهما - أم لا!!

ومن هنا، فالإنشاء هو: الكلام، مكتوبًا أو منطوقًا.

لدينا مشكلة كبيرة هي أننا ندرس ”الإنشاء“، وقد نطلق عليه ”التعبير“، وهو: الإتيان بالعبارة / العبارات، وتأليفها، وصبها في قالب لفظي، أو كتابي / مرسوم.

ومصطلح ”كلام إنشائي“ إنما هو منسوب إلى هذه المادة / هذا الدرس المقرر؛ ومن هنا، فكل ما لا يؤخذ به - لضعفه وسخافته - منسوب إلى تلك المادة الدراسية.

نحن ندرس ونتعلم - يا أخي: الأستاذ عبد الباري! - سخافات؛ لأننا ننسب كل سخيف وتافه، إلى تلك المادة التي ننسب إليها كل ما لا نقبله، بناء على أننا علماء / علميون / أصحاب مناهج بحث علمية!!

أعرفت أين تكمن المشكلة؟!

يجب أن نستصدر قرارًا بمنع التفوه بهذا المصطلح المغلوط، وينبغي أن يحاسب من يدرك معناه ويستعمله ويوظفه؛ إنه مصطلح مهلك!!

يجب أن نقول: هذا كلام خطابي / أدبي / شعري / شعر / خطابة...؛ ولكنه ليس إنشائيًّا.

هل عرفت أن القارئ هو: العالم / الباحث؟!

هل عرفت أن الكاتب هو العالم / الباحث؟!

ومن هنا، فلنتفق على أن ليس كل من كتب في آخر صفحات منشورِه / كتابِه ثبتًا ب ”المصادر والمراجع“ أو رأيناه في ”التلفزيون“ أو غيره عالمًا أو باحثًا؛ لأنا رأينا على مكتبه كتبًا كثيرة أو قليلة، ك ”رشيد حمامي“، وغيره من الماسونيين.

أطلب من مجلس الشورى النظر في هذا المصطلح، والنصح بمنعه؛ لخطورته التي أوضحتها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.