الْعَلَاقَة السامية
منذ أن بدأ الإنسان يعيش في هذه الحياة راح يبحث في المحيط الأسري والمجتمعي عن رفقاء يشاطرونه اللعب والفكرة وأشياء أخرى، تجارب يستقيها من أقرباء أو أصدقاء دراسة خلال المرحلة الدراسية، معارف وتجارب مختلفة حسب المراحل العمرية المختلفة التي تتميّز بها عن الأخرى، في العلاقة الإنسانية التي تعكس البيئة والمحيط الطبيعي الذي يعيش ويسكن فيها الإنسان، المؤثرة في تشكيل شخصية الإنسان نفسه، مما تساهم في تعزيز السلم النفسي والاجتماعي للمراحل القادمة التي تشكل النواة الأولى في العلاقات، مع المفاهيم المتطابقة أو غير المتطابقة.
في بداية الأمر سوف ترصد عيناك وفؤادك جميع الاختلافات والمشتركات حسب الانعكاس النفسي والروحي لكلّ شخص في المراحل الأولى واللاحقة، حيث تتوالد التطبيقات المعرفية بين البشر والشروع بالاندماج برغم الاختلاف في المقاصد الشخصية التي من الجائز أن تكون من صفات: الطمع، الحقد، الحسد، الاستغلال. إنّها مراحل نفسية لا تتوقف بسبب التغيرات التي تحدث في كلّ لحظة وفي كلّ مرحلة، برغم أنّ البلوغ الحقيقي الذي يصل في سنّ الثامنة عشرة، وهنا نعرف هذا البلوغ المرتبط بالتغيرات الجسدية، مع الشك أنّ البلوغ العقلي ”النضج العقلي“ لا يتوقف إلّا عندما يتوقف الإنسان عن الحياة.
تجارب الحياة هي العامل الأهم التي تشكل شخصية الإنسان في الخروج من الأزمات التي يتعرّضون لها بأقلّ الخسائر، مما تترك بعض البصمات في الحياة بين الأصدقاء المختلفين في الآراء والسّمات الشخصية.
تتعدّد أنواع الأصدقاء، فمنهم من يحمل عقلًا راجحًا يتميّز به في مجتمعه، لكنه لا يستطيع تقديم الكثير لهم برغم قدرته، ومنهم من يحمل معنى الإنسانية والوفاء في طيّاته، يحمل مشاعر جميلة كالثقة والاطمئنان، وصنف ثالث تستطيع أن تثرثر أمامه وأنت متيقّن أنك لن تسقط من عينيه أمام المشاكل العائلية، العاطفية، النفسية، المالية.
إنّها خارج التشابهات في مجملها لكنّها تحمل الكثير في الثقة والصدق والاحترام والتواجد إن وجدت، لكن هناك بشرى في الحياة، لا يمكن استرجاعها في الحياة وهي الصدفة، حالة غير اختيارية في بعض جوانبها، فرُبّ صدفة خير من ألف ميعاد، تتعدّد الدقائق حين تحمل في طيّاتها العديد من الإضافات القوية في التوافق الفكري والمعرفي والاجتماعي التي تلائم المرحلة العمرية.
الصديق الحقيقي هو الطبيب الافتراضي النفسي الذي لا يقدّر بثمن؛ لأنه قادر على تذليل الصّعاب حتى لو كانت كالحجر الصّلد، وتلك الصعاب تعزّز الصحة العقلية والجسدية في مواجهة الحياة.
أما الفشل الحقيقي للصداقة مع شديد الأسف فغير معروف في بعض حالاتها، خاصة عندما تختفي بدون سبب مبرّر، وراءه الكثير من الأسئلة والحزن الشديد تاركًا الفراق الذي لا يفهم سببه، وأعتقد من أهم أسبابه أحيانًا، إحداث تغيير في التوافق الفكري أو الثقافي، أو انقلاب في الحالة المادية، عندما يكتشف الآخر بأنّ المصلحة انتهت، مما ينبّهنا إلى أنّ الصداقة الروحية عقد غير موثّق بين رجلين أو امرأتين تتكئ عليهم أثناء دورة الحياة المؤقتة، لكن تذكر هذه المقولة: إذا اختبرت إنسانًا فوجدته لا يصلح أن يكون صديقًا، فاحذر من أن تجعله عدوًّا.