الإبداع الصامت
كل ما في داخلي أستشعر لهيب حرارة الصحراء في منتصف يوماً صيفياً حارق، ولسعت جلدي لفحة هواء باردة جاءت مع سقوط الثلج في شتاءً قارس، وتشبعت أنفاسي عطراً فاح بين أزهار الربيع واخضرار العشب وصوت العصافير، جمال البحر مع نسيم الصباح وغروب الشمس وزرقة الماء وبعد الأفق، وذاكرة الطفولة في تقاسيم وجوه الأطفال وابتسامتهم وشقاوتهم البريئة، وعبق الماضي في تجاعيد الوجوه ومشقة العمل في تقاسيم الكفوف، وسحر التراث بما يحمل من عادات وطقوس واعتقادات وأثار جميلة في مختلف الدول، وسحر الأصدقاء وألفه الجيران وترابط الأهل والأحبة، دموع الفرح وسكرة العشق وحنين الاشتياق ووجع الفقد ولحظات الترقب ووقت الخشوع والتعبد.
عشت كل تلك المشاعر والأحاسيس المختلفة، في ربع ساعة، وأنا جالس بمكاني، اتصفح صور مذهلة في حساب ”إنستغرامي“ لمصور محترف. يسافر آلاف الأميال ليعيش تجارب مختلفة يجسدها بصورة تجعلنا نعيش معه اللحظة بفضل مهارته في تصوير الحدث، لم يركز على عدد الصور بل اهتم بقيمتها، يحول الصور لشيء ذو قيمة، ولكل صورة قصة وهدف، صور صامته لكنها تتكلم برسائل ترى لا تكتب، فنرى كلمه «أحبك» في نظرة وكلمة «وجع» في دمعة التقطت بمهارة بالتوقيت الصحيح.
ليس كل من يملك كاميرا يستطيع إيصال هذا القدر من التفاصيل، تلك موهبة، ومجال علمي يدرس ليرتقي صاحبه لحد الإبداع. لذلك أدوات التصوير لا تنفع ولا تفيد إذا لم يرافقها خيال العقل وحب العمل والإخلاص فيه.
وأنا استمتع بمشاهدة تلك الصور الاستثنائية، أدركت أنها انعكاس لشخصية صاحبها، الذي بات اسمه يذكر في ساحات الفن، ويكرم في المحافل المحلية والعالمية، شاب متواضع، كان شجاع لاتباعه شغفه منذ صغره، يحمل احساس مرهف، يتلمس إبداعه كل من يرى صوره، حول هوايته الى الاحتراف، مبدع بلا حدود، مما جعله يحصد الجوائز، لديه سجل حافل بالإنجازات والميداليات والمعارض الفنية، كَتبت عنه المجلات والجرائد وأصبح عضوا في العديد من اللجان والجمعيات، دخل في دروب التنافس وفاز بجدارة بالمراكز الأولى دائماً.
وأنا اليوم أقف إعجاباً وافتخاراً كون هذا المبدع هو «المصور حسين سعيد آل هاشم» سعودي الهوية أنجبته الأوجام لينقش اسمها عالياً مما يجعلني أتأمل اسم الأوجام الذي يتربع في سيرته وانجازاته مما يشعرني بالفخر كونه ابن قريتي.
يحمل أجهزته وعدساته، يحلق بموهبته، صور العالم بلقطات تشرح لنا الحياة، بطريقة مختلفة ملهمة، مبهجة، محفزة، فعرفه العالم وكرم انجازاته، لكنه مازال مجهول المكانة في قريته، حان الوقت لتهبه الأوجام ميدالية، لأن جهده وإنجازه يستحق أن يعتز به أهل منطقته، ووطنه. وأبسط شي ممكن أن نقدمه له هو دعمنا وتشجيعنا له بكلماتنا البسيطة، لذا أنا أدعو نفسي وأدعوكم للدخول على حسابه في الإنستغرام « husain38@ » ليجد منا تعليق لجهوده وموهبته ليدرك أن الأوجام تفخر به وتقف مساندة معه بدروبه ومستقبله، حتى إذا ما سئل يوما عن من يقف وراء إبداعه؟ يضع لأبناء قريته نصيب في إجابته.
نحن لا نستطيع إعادة الزمن أو إيقافه، لكنه بموهبته وتصويره يمكنه أن يحتفظ بجمال المشاعر والذكريات لتبقى موجودة دائما. وأنا أدرك أن الكثير ممن سيرى موهبة هذا المبدع سيطلب منه أن يكون الشاهد لهم لتصوير مناسباتهم ولقطاتهم المهمة.
لكل إنسان في هذه الحياة رسالة وشغف، سواء كانت موهبة أو عطاء، معلن أو مخفي، فليبحث كل منا عن شغفه وأنا مؤمن أن حسين سعيد سيكون إلهام لمن حوله وسيواصل حمل أحلامه فوق كتفه والتأمل بمن حوله باحثا عن التقاطة جديدة، والأوجام التي ولد منها حسين ما زال بإمكانها أن تلد من رحمها مبدعين آخرين.