آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

تقنيات ميركل

برير السادة

ثمة مرتكزات في صناعة النجاح لابد للأفراد والمجتمعات من توفيرها في سعيها للنجاح واللحاق بركب الحضارة. في هذا المقال جمعت أربع تقنيات مما كتب في الصحف عن حياة ميركل السياسية بصورة مختصرة جدا، أملا في الاستفادة منها في مسيرة حياتنا

المستشارة الالمانية ميركل ستغادر قريبا عالم السياسية بعد 16 عام امضتها في السلطة، عرفت خلالها بمستشارة الأزمة. واجهت العديد من الأزمات، بدا من الازمة الاقتصادية العالمية 2008 وأزمة اليورو وإفلاس اليونان بسبب الديون المرتفعة، والمهاجرين..قال نيكو فريدل، المراسل البرلماني لصحيفة ”زودويتشه تسايتونغ“، الذي ألف كتابا عن حياة ميركل: بأنها ”معروفة باسم مستشارة الأزمة“. "كان عليها أن تتغلب على العديد من الأزمات العالمية خلال فترة وجودها في المنصب، ليس فقط لألمانيا، ولكن أيضًا داخل الاتحاد الأوروبي، ومع شركاء عبر المحيط الأطلسي بالإضافة إلى الصين وروسيا.

وبمتابعة سريعة لما كتب عن حياتها سنجد أن هناك أربع أمور تقف خلف نجاحها، يمكن توظيفها والاستفادة منها على المستوى الشخصي قبل الاجتماعي. الاول المواجهة الحكيمة والشجاعة لإدارة الأزمات. وهي الصفة الابرز التي عرفت بها وذاع صيتها، ففي الاعم الاغلب يميل الناس إلى الانسحاب من مواجهة وإدارة الأزمات كواحدة من الحلول التبريرية التي يلجأ إليها العقل الباطن كما يعتقد علماء النفس. وستغيب فكرة ان ادارة الازمات بات علما وفنا له تقنياته وأساليبه التي يمكن تعلمها والتمرن عليها لمواجهة الأزمات. تقول ميركل في هذا الصدد ”الحياة دون أزمات ستكون أبسط، لكن عندما تظهر، لا بد من التغلب عليها“، مضيفة أن هذه الأزمات - التي يأتي كثير منها من الخارج - تظهر أن الألمان جزء من كلية عالمية".

أما ثاني الامور فهو ”حب الخير“ فقد قررت ميركل في سبتمبر عام 2015 ابقاء الحدود الالمانية مفتوحة للاجئين والمهاجرين الوافدين متحملة المواجهة مع اعضاء الحزب التي تنتمي اليه وعللت ذلك ”بحب الخير المسيحي“ وقالت ”إذا أعفينا أنفسنا من إظهار وجه ودود في أوقات الأزمات، فهذه ليس بلدي“ فبعيدا عن ما يتركه فعل الخير من سكينة وراحة في نفس الانسان، ففعل الخير يسهم ايضا في حفظ الأمن الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز العلاقات الانسانية. من هنا لايمكن النظر لفعل الخير من زاوية ضيقة وأنه تضييع للجهد والوقت وتفويت فرص تنمية الذات وتعزيز إمكانياتها او التغافل عن فعل المشاركة فيه

الثالث الاعتماد على الذات الذي يعتبر واحدة من عوامل القوة التي تصبغ الشخصيات والكيانات والمجتمعات وتعزز من رصيد قوتها ”فالحمل الثقيل لا ينهض به إلا أهله“ لقد ادركت ميركل في خضم الازمة مع اميركا ايام ولاية الرئيس الامريكي السابق ”ترامب“ ان الاعتماد الكلي على الاخرين يشكل عامل ضعف وخلل في سياسة ألمانيا الخارجية، وأنه لا يمكن اقامة علاقات متوازنة بالاعتماد على الآخرين، معبرة عن ذلك ”لقد ولى الزمن الذي كان يمكننا فيه الاعتماد بشكل كامل على الآخرين“.

الرابع ميلها الدائم للحوار والتفاوض والحلول السلمية والسياسة الناعمة في التعامل مع الخصوم قالت عنها أورسولا ويدنفيلد، مؤلفة كتاب ”دي كانزلرين“ «المستشارة»: ”أسلوب أنغيلا ميركل هو التحدث والتحدث والتحدث والتحدث، وحتى مع الصين وروسيا“. وأضافت: ”تحاول أن تستمر في الحديث والتفاوض.“. فأهمية الحوار تكمن في إبراز الزوايا العمياء والخفية التي لا يراها كل طرف عن الآخر وتدوير الزوايا الحادة بطريقة ناعمة، لا تسبب كسرا جارحا وحادا ونتائج لا يرغب بها أحد.