ليست بمرثية،،،
ليست بمرثية،،،
نَعمْ،
إنني ههنا،
عائدٌ
أجرُّ إلى راحتيكَ عِناني
أنا من هربتُ، لكيلا تراني
كأني المكانُ، إلى اللامكانِ
إلى جبلٍ،
خِلتُ يعصمني منكَ، حين تفورُ بكل كيانِ
ولكن
إذا جاءَ يومكَ -مهما تسلقتُ- تُغرقني دمعتانِ!
×××
تقولُ الوشاةُ غضبتَ عَلَيَّ لأنا على الرأيِ مُختلفانِ
وما كانَ في عِلمهمْ حَجمُ صدرِكَ إذ وسَّعتهُ أكفُّ الطعانِ
وصارَ ملاذاً لخيلِ العدوِّ
وأسهُمهِ،
والظُّبى،
والسنانِ
ينامونَ فيهِ
ويلتحفونَ بعفوكَ تحت سماءِ الأمانِ
كأنهمُ يومَ أن قطعوكَ الْتقيتمْ كما يلتقي عاشقانِ
فسبحانَ صدركَ من جنةٍ
لمن حُرموا من دخولِ الجِنانِ!
×××
فكيفَ تضيقُ على صاحبٍ
أعدَّكَ درعاً لحربِ الزمانِ؟
وهبني هجرتُكَ،
ماذا عليكَ إذا ما سألتَ الهوى ما شجاني
وعني سألتَ الكلامَ البليغ
إذا احتاج شِعرٌ إلى تَرجُمانِ
وعني سألتَ المراثِ التي
نُظمنَ عليكَ كنظمِ الجُمانِ
أهانَ عليكَ القصيدُ الذي
كتبناهُ في الليلِ مُلتبسانِ؟
أجيءُ بألفاظهِ كالدنانِ
وتملؤها بنبيذِ المعاني
فلا يعلمُ الشاربونَ لهُ
أسكرهمُ منكَ أم من بياني!
×××
تعالَ،
ودع عنكَ دربَ الشجاعةِ يا صاحبي وامشِ بي في الهوَانِ
تعالَ،
لنمضِ إلى حانةٍ
لأقتلَ بي عطشاً غير فانِ
فما أصلحَ الناسَ حُكمُ أبيكَ، ولا فصلُهُ في شؤون البيانِ
يقولونَ لا بأسَ بالاختلاف
فنملِكُ رأياً وتملكُ ثاني
فإن جِئتَ تُخرجُ مخبوءَ صدرِكَ داسوا عليك بخيل اللسانِ
وعُلِّقَ رأسُكَ فوق المنابرِ يُرجمُ من كل قاصٍ ودانِ
وظهرك يُطعنُ من خنجرٍ
يراكَ عليه -وقد مُتَّ- جانِ
ولو كان في وسعهم قطعوك
كقطع الزمانِ رقابَ الأماني
ولو خنصرٌ منكَ يشفي الضغينةَ ما تركوكَ بغير بنان!
وغودِرتَ عارٍ كأنكَ عارٌ
أنتَ وعقلكَ، لا تُغسلانِ
فقل لي لماذا ستطعمُ قلبَكَ ذئب الفلاةِ وذئبَ السنانِ؟
كأنكَ ماءٌ مُراقٌ
تجففهُ في الظهيرةِ شمسُ الطعانِ!
تعالَ،
ودع عنكَ أمر الجُمُوعِ
وقل للجميع: دعوني وشاني
فإنا إلى عَدَمٍ ذاهبانِ
وإنا إلى عدمٍ راجعانِ
ولن يَرجِعَ الموتُ عنَّا لأنا
على فرسٍ من عُلىً راكبانِ
فهيِّئْ لنا منزلاً من ترابٍ
رحيباً، وشاهدهُ كرمتانِ
ولا تسقني إن نزلتُ بهِ
فلي حسرةٌ وأسىً يسقياني!
×××
يراكَ المُذابونَ فيكَ عصياً
بماءِ الزمانِ على الذوبانِ
إماماً لكل أَمامٍ،
وخلفكَ تمشي الجهاتُ لأي مكانِ
كلامُكَ مثلُكَ فَرْدٌ فريدٌ
وليس يُثنِّي كلامك ثانِ
كأنكَ نصٌّ، ونحنُ اجتهادٌ
وليسَ لنا في وجودكَ بانِ
وليس لنا أن نقلب رأياً
على جمرِ رأيكَ كي ينضجانِ
فنحن نرى ما ترى دائماً
وعيناك عن عيننا تبصرانِ
وعاصيكَ تُحرِقهُ في الجحيم بأمركَ، يا سيداً للجنان!
وتغرقهُ يا سفينَ النجاةِ
وكفاهُ بحركَ تستنجدانِ!
×××
ولكنني لا أرى ما يرونَ
وإن كنتَ لستَ الذي قد أراني
أراكَ صديقاً أُسِرُّ له
بشكوايَ منهُ إذا ما جفاني
ونصراً، إذا هزمتني الحياةُ
وقلباً شجاعاً لصدري الجبانِ
أخالفهُ الرأيَ، يُصغي إليَّ
أَصْرخُ، يضحكُ، أُقصي، يُداني
أُجاهرُ بالهرطقاتِ لديهِ
فيُسكتني بلطيف البيانِ
كأي صديقين عند الجدال
لا يغضبان، ولا يعتبانِ
بلا فرقَ بينيَ: ابنُ الزمانْ
وبينك أنتَ: إمامُ الزمانِ
نبيٌّ، وتأكلُ من زادنا
ورجلاكَ في سوقنا تمشيانِ
شفيقٌ رفيقٌ بمن خالفوك
بأفعالهم تارةً واللسانِ
وإنكَ دِيْنٌ لمن دينهم غيرُ دينكَ،
قرآنُهُ آيتانِ:
قتالُ الظلامِ برمي الضياء
كرمحٍ طويلٍ بوَسْط الجَنَانِ
وحبُّ جميعِ بني آدمٍ
وإدخالهم في فسيحِ الجِنانِ