آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 11:51 م

قراءة تحليلية للندوة «دخالة المعتقد في البحث التاريخي»

زاهر العبدالله *

الحوار المثمر لسماحة الشيخ عبد الجليل البن سعد حفظه الله

ملخص ما استفدته من الندوة :

1 - أن هناك فرقا واسعا بين أن تكون كاتبا للتاريخ أو قارئا له أو باحثا فيه والظاهر حسب متابعتي المتواضعة لساحة الشباب أننا نقرأ في التاريخ أو نسمع به ولسنا باحثين فيه ولذا نحتاج للتوقف عند القضايا التاريخية التي تشكل علامة استفهام لنا ونعرضها على الباحث فهو أعرف منا في تحليلها ومعرفة حيثياتها.

2 - فهمت أن هناك في التاريخ قسمين الأول التاريخ المنتظم الموجود في كتب السير والمقاتل والمغازي والثاني التاريخ المتناثر في القصائد والأدعية والزيارات والأدب والكلام عن المفقود. وإن هذا يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة في نفي أي حدث تاريخي لعدم وجود مصدر نرجع إليه لأنك لبست نظارة القارئ وليس الباحث.

3 - أن البحث في التاريخ هو عملية تحديث ذاتي للإنسان من خلال أحفورات علمية يكتشفها الباحث من خلال الرواسب الفكرية والعقدية والتاريخية ثم يعيد صياغتها أو يستفيد من ثمارها لبناء ذاته من جديد.

4 - فهمت أن المفسرين للقرآن الكريم هم الذين يفسرون القرآن بما لديهم من نصوص في كلام أهل البيت أو ما أوضحته اللغة في بيانها لمفردات القرآن وكان آخرهم الطبرسي في مجمع البيان أما المفسرون اليوم فيطلق عليهم الباحثون في علوم القرآن الكريم بحيث يكون القرآن وديعة عند مختلف علومهم في الفقه والأصول والتفسير والكلام واللغة وغيرها فاتسع بهم مفهوم التفسير للقرآن الكريم من أمثال العلامة الطباطبائي صاحب الميزان وغيرهم.

5 - فهمت أن فهم التاريخ يمر بصعوبات منها الأدلجة ومنها الذاتية ومنها الموضوعية ومنها ما يجمع ومنها ما يفرق فحين تتناول أي قضية تاريخية خصوصاً إذا وقعت بين مدرستين السنة والشيعة فلا تتحرك فيها بالذاتية أو الأيدلوجية أو العقدية بل تحرك في فلك الموضوعية من حيث النصوص والتاريخية ومقارنتها ببعضها وما الاتفاق فيها وما مورد الاختلاف وهذا لا يقوم به القارئ ولا الكاتب وإنما هي وظيفة الباحث.

6 - فهمت أن تحليل الموقف التاريخي يمر بمراحل مهمة جداً خصوصاً إذا أحاطت هذا النص سيناريوهات وحملات تشويه منظمة ولذا عليك بمراعاة الزمن التاريخي الذي حدثت فيه الحادثة وماهي خطط الأعداء فيه لتعرف أبعاده وحيثياته. مثل بعض الأحداث التي تخفى على القارئ من الخلاف الظاهري بين الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام والذي يفك تعارضه وعدم الركون إليه الباحث في علوم التاريخ

7 - أن مواقف بعض الشخصيات من ذوي الرحم من المعصومين تطالهم سهام التشويه أيضاً كعقيل أبن أبي طالب من أنه بايع معاوية وخلع أخاه أمير المؤمنين فالباحث حين يغربل التاريخ يجد حملات التشويه غرزت أنيابها في هذه الشخصية خصوصاً إذا عرفت كلمات عقيل بن أبي طالب ضد أعداء أخيه.

8 - فهمت أن العصمة شاملة للمعصوم في مختلف نواحي حياته خصوصاً إذا تعلق الموضوع بمصير الناس وحفظ دمائهم وأعراضهم وأنها متصلة بالسماء ولم يعهد أن إماما معصوما قدّر للناس أمورا من عند نفسه أو نسب الجهاد لنفسه وإنما نداؤه لله وفي الله وفي سبيل الله سبحانه وإن لم يفعل ذلك فإنه يعد تغريراً للناس بالجهل وهذا مالا يقبل لفقهاء الشيعة فضلاً عن أهل بيت النبوة سلام الله عليهم.

9 - فهمت أن التاريخ يحتاج لمنهج جديد لقراءته بصورة شمولية وهذا ما عمد إليه بعض أعلام الطائفة في موسوعاتهم التاريخية في السيرة.

8 - الخلاصة: تعلمت من الشيخ الأستاذ حفظه الله أن العالم بزمانه لا تلتبس عليه اللوابس وأنه حريص في كل شيء في تناول المفردات الدينية صغرت أم كبرت وعليه أن يكون صاحب ذكاء خاص وبيان خاص وتورع خاص في تناول أي مفردة من مفردات الدين وإنما تحتاج لمعرفة في كل ذلك كما روي عن أمير المؤمنين : «يا كميل، ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة»

ولا تكون المعرفة تامة إلا بإدراك القضايا وفهمها، دركا صحيحا وفهما كاملا، بدراسات حقة ميدانية وتحقيقية، والتي يبتني صرحها الشامخ على ضوء البراهين الساطعة والاستدلالات العقلية اللامعة، والحجج العملية الواضحة.

انظر: الأسرار الفاطمية للشيخ محمد فاضل المسعودي ص11. أنتهى

الخاتمة:

وهذا يعطي حجماً واقعياَ لعقل الإنسان القارئ أو الكاتب ولا يتجاوز حدود الباحث إلا إذا كان مؤهلاً لتحمل تحليل التاريخ وإعطاء الأحكام فيه.

لمشاهدة الندوة كاملة :