آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

تسويق التمور في المقاهي

علي عيسى الوباري *

في جائحة كورونا التي شغلت العالم صحيا واقتصاديا، كانت المفردة الاكثر استخداما عند الاطباء والمتخصصين الصحيين هي «المناعة» والعناصر المسببة للمناعة منها فيتامين سي المتوفر في المنتجات الغذائية الطبيعية واهمها الحمضيات، حتى ارتفعت اسعار كل المنتجات الزراعية المحتوية على فيتامين سي، هذه المعلومة التي انتشرت بشكل واسع واصبحت لدى كل شخص تقريبا سبب انتشارها الخوف وأداة النشر المتوفرة والاقوى باليد هي الاجهزة الذكية وتطبيقاتها، أدوات التواصل الاجتماعي بواسطة الشبكة العنكبوتية.

سيبقى هذا المفهوم «المناعة» في ذهن من يقرأها وسيعمل على ما يقوي مناعته والتمور من اهم عناصر تقوية المناعة، عادة طبيعة البشر تهتم بنتائج ما بعد الأزمات.

تسويق أي سلعة تنتج بكميات كبيرة في دول كثيرة وبنفس الوقت تعتبر منتج استراتيجي وينظر لها أنها من منتجات الأمن الغذائي، ينبغي التطوير المستمر في تسويقها، بمعنى آخر وضع استراتيجية تسويقية تتكامل سنويا تدرس نقاط الضعف والقوة بعملية التسويق، تعزز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف ومواجهة التحديات «SWOT»، بالابداع في التسويق من خلال المتخصصين وذوي الخبرة وشركات التسويق الاحترافية.

في المملكة يتم انتاج اكثر 1,5 مليون طن من التمور يصدر منها 315 الف طنا، تعتبر قليلة مقارنة بالكمية المنتجة مع سوق تنافسي يتنامى.

مشكلة كمية العرض اكبر من حجم الطلب تسبب بانخفاض السعر وهذا غير مفيد لاصحاب المزارع والنخيل، الكمية الزائدة من التمور بالامكان معالجة حجم فائضها من خلال السوق المحلي والخارجي.

السوق المحلي كبير جدا والتقنية منتشرة في الحياة العامة بالمواقع العامة وعند المواطنين، الاعتماد على التسويق الالكتروني جزء من علاج مشكلة الفائض، ادوات التواصل الاجتماعي اداة فعالة بالتسويق وكم منتج ارتفع الطلب عليه من خلال الوسائط الرقمية ومنصات البيع والمسوقيين الالكترونيين.

احد معوقات التسويق لدينا الاكتفاء بالتقليدي وعدم الابتكار في التسويق، نستورد كثير من الافكار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الاعمال لكن ينقصنا الابداع بتسويق منتجاتنا الوطنية، نعطي مثال في الخمس سنوات الماضية كم مقهى تم افتتاحه بالسعودية؟، حسب احصائية 2020 هناك 30 الف ترخيص للمقاهي وكل سنة يزيد الطلب على مشاريع المقاهي والكافيهيات، معروف من عادات وتقاليد المجتمعين السعودي والخليجي المجالس والديوانيات لكن الاجيال الحالية ومستقبلا ونتيجة تأثير ثقافة ادوات التواصل الاجتماعي والتواصل الثقافي مع الآخر واتجاه الشباب نحو اماكن فيها خدمة سريعة ومريحة وتتوافر بها عناصر التكنولوجيا وديكورات مثيرة وجذابة يميلون للتحرر من القيود ويفضلون الجلسات الحرة.

هذه المقاهي هي مجالس وديوانيات الاجيال القادمة التي يقدر الانفاق فيها اكثر من 1,2 مليار ريال لشرب القهوة. المقاهي والكافيهات الصغيرة والمتوسطة هي مشاريع رواد الاعمال الاكثر انتشارا، يكلف اعداد كوب من القهوة ما بين 3 - 5 ريال ويباع بسعر ما بين 15 - 20 ريال هذه المقاهي لو استثمرت في تسويق بعض المنتجات الوطنية لزاد الطلب عليها وانخفض فائض العرض مثل التمور.

ربما يُقال أن المقاهي تأتي بثقافتها وبما تتضمنه من وجبات خفيفة مثل الكعك والشوكولاته من بلدان المنشأ، وهنا يبرز دور الصناعات التحويلية والتسويق الابداعي من المنتجات والسلع الوطنية، بمقدور المصانع الكبيرة والأسر المنتجة ورواد الاعمال اعادة انتاج منتجات ووجبات من انواع التمور المختلفة تلائم اجواء المقاهي بشكل جاذب، هذا ما اكدته تجارب بعض الأسر المنتجة التي تعد اطباق تمور محشية بالمكسرات بأشكال مختلفة وبعض الوجبات من التمور بتغليف ملفت للنظر، تُباع بعشرة اضعاف تكلفة التمر كمنتج أولي.

الابتكار بالإنتاج في المنتجات الزراعية والوطنية تتطلب التفكير خارج الصندوق، ولا نكتفي بتقديم التمر بأسلوب تقليدي بالمجالس والديوانيات مع القهوة، فهذا سيبقينا نسير في طريق واحد وسيبقى حجم البيع في محله بدون نمو.

كل ما نجده من ابتكار في المنتجات والصناعات بالدول الصناعية انهم أتوا بشيء مختلف لما هو مألوف يمكن واجهوا بعض الصعوبات تصل لدرجة السخرية في التسويق والبيع بحجة العادات والتقاليد أو بذريعة أنه لم يألفوها من الآباء والاجداد لكن حين يعمل بالتسويق الابداعي الالكتروني وتطبق اساليب ابتكارية وتوظف ادوات التواصل الاجتماعي في تسويق التمور الوطنية سيزيد الطلب المحلي ويمتص حجم الفائض الكبير من التمور ونعزز مكانة الفلاح والنخيل بالوطن.

‏مدرب بالكلية التقنية بالأحساء،
رئيس جمعية المنصورة للخدمات الاجتماعية والتنموية سابقا.