حق الأخ على أخيه من النسب
لاشك ولاريب الحقوق كثيرة والكل منا تكلم عن حقوق الوالدين، وحق المؤمن على المؤمن وغيرها من الحقوق، ولم نرى أحدًا يتكلم عن حقوق الأخ على أخيه أو الأخ على أخته، وكأنما الكلام عنهما شبه معدوم.
إذا الكلام هنا عن أخوة النسب الذي تعني أخوك الشقيق أو أختك الشقيقة وأعني أخاك أو أختك من الأب أو من الأم، ما حالنا مع أخوتنا وأخواتنا من النسب؟ هل أدى كلا منا حقوق الأخوة، هل العلاقة بينهما تعبدية أم عصبية، أخوة النسب لها شأن عظيم في الإسلام وعند الله تعالى حيث حث الله ورسولنا الكريم محمد وأهل بيته عليه وعلى آله الصلاة والسلام على حق الأخ على أخية أو الأخ على أخته، فأوجب لها حقوق وشرعا ولها آدابا، فمن إكرام الله على الإنسان أن جعل له نسبا يعرف به أهله وأخوته حيث قال ﴿وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا﴾ إن القيام بحق الأخوة والأخوات من النسب عن الأشقاء من الأب والأم، عبادة وليست عادة ولا مجاملة ولا لمطمع دنيوي بل دين ندين الله به، وعن رسول الله محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام قال: «بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك».
فحقوق الأخوة كثيرة ومنها: الإحسان إليه والتلطف عليه والتعامل معه ولنا قدوة في رسولنا الكريم محمد وآله عليه وعليهم الصلاة والسلام في التعامل مع الأخ والأخت، فهل جعلت نصيبا من دعائك لإخوانك، هل جعلت لهما من العطاء والتغافل والتسامح والتماس العذر عند الخطأ، فالحياة تعتريها مصاعب الحياة وظروف ومنعطفات غالبا ما تتباين فيها وجهات النظر فلا يكن ذلك مدخلا للشيطان في التحريش والتفريق وتضخيم القضية الخلافية، ولنا عبرة بقصة نبي الله يوسف مع أخوته مع ما حصل منهم من حسد وتعريض يوسف للموت والكل منا يعرف ذلك القصة إلا أنه صبر وثابر وقال لهم ﴿لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين﴾.
قد كان في يوسف وإخوته آيات كثيرة، فهل نعفو كما عفى يوسف؟ وهل كان يخطئ الأخت والأخ عندما يظن أن الحياة تصفو دون كدر واختلاف، هل يقف الأخ مع أخيه في محنته، لكن الموقف من يعرف أن يتصرف أمام مواقف الاختلاف والمحن وضيق الظروف الصعبة وكيف يتعامل مع إخوته وأخواته، أما الهجر والزعل وعدم التفقد لحاجة أخيك يزيد انتهاء العلاقة وتصعيد المشكلة وقطع صلة الرحم، فهذا ما نهى عنه الإسلام وشريعة أهل البيت ، إن الواصل لرحم إخوته وأخواته وتفقد حوائجهم، ومن يقابل الإساءة بالإحسان والقطيعة بالصلة،
وفي هذا الزمن من المؤسف أن من الإخوة من تمر عليه الأيام والشهور بل والسنين وهو لم يسلم على أخيه أو أخته ولا يسأل عن حاجتهما أهو في محنة وضيق أم لا، وهذا أما تهاونا أو عدم مبالاة أو خوفا من أن يطلب منه مالا يفك به محنته، أو لاختلاف على مال أو إرث أو لسوء فهم أو معرفة بالحقوق الأخوية كلام لا يذكر، ألا يتذكر الإنسان أن كل هاجر وقاطع رحم أنه لا يدخل الجنة ويعد من قطاع الرحم.
يا أخوان تأملوا من قصة ابني آدم هابيل وقابيل أخوان شقيقان وقع بينهما الحسد، إذ حسد قابيل هابيل لأن الله تقبل منه، فما نتيجة ذلك الحسد؟ القتل!! أخ يقتل أخاه، أن من الأمور التي قد تفسد الود والعلاقة بين الأخوة والأخوات هو المال والمال جبلت النفوس على حبه فليكن المال سببا في التفريق أو الاجتماع، وقوة علاقتك مع إخوانك وأخواتك لا يغلب حب المال على حب الأخوة يندي الجبين والقلب آلما حينما يتنازع إخوة على إرث أو أشحاح الأخ على أخيه المال عند حاجته إليه، فأما على الإرث حدث ولا حرج وقد يصل الحال إلى المحاكم، لذا لابد أن يكون هناك وضوح شديد في الأمور المالية المشتركة، فإن العلاقة بين الأخوة ممتدة إلى الأبناء فلا تكن سببا في القطيعة وكن خير قدوة لأبنائك في توثيق الصلة وحسن المعاملة، عموما تقوية الصلة مع الأخوة فإنها بالتأكيد أن أخيك أو أختك أشد حاجة إلك إلى أن تتواصل معهما وتكون قريبا منهما بارا بهما محسنا اليهما ملتما حاجتهما ساعيا في قضائها.
ليكون كل أخ مع إخوته عونا لهم على الطاعة والاستقامة والعمل الصالح وقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلا حسنا بتعاون موسى وهارون على الدعوى وتبليغ دين الله، ومثلا آخر على حب المال ومنع الصدقة كما في قصة أصحاب الجنة في سورة القلم، لدينا نماذج كثيرة مشرقة في العلاقة الطيبة بين الأخوة ولقاءات عائلية وزيارات ودية وتعاون على البر والتقوى توقير للكبير ورأفة بالصغير الضعيف المحتاج وهدايا متبادلة والسعي في قضاء حاجة المحتاج…. ألا نحافظ على تلك النعمة.
ومن هنا نأخذ العبرة والقدوة من أبي الفضل العباس هذا الرجل الذي كان مدرسة رحيبة من المعاني الأخلاقية ونحن نستل منها ابرز هذه الدروس وهو درس الأخوة، ما بين أبي الفضل العباس والإمام الحسين عليهما السلام والاروع والافضل وهو ما كان من العلاقة بين الامام الحسين وبين العقيلة زينب وكذلك بين زينب وأبي الفضل العباس، وهذه العلاقة يتجاوز مضمونها بما لا يقاس من العلاقة التي ذكرناها بين الأخ وأخيه والأخت وأخيها من النسب، وعلى من كان مقصرا فليتدارك تقصيره وليعد النظر في تعامله مع أخوته كما يريد الله والإسلام، ومحمد وآل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام، اللهم اجعلنا ممن يصلون الرحم ولا تجعلنا من أهل القطيعة لأرحامنا، إنك سميع مجيب.