آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

السعودية تحتضن إرث حضاري أكثر من مليون سنة قبل الميلاد

الدكتور نادر الخاطر *

سواء قبلنا أو رفضنا فإن القدر المحتوم نزل من الله في حب نجران من وفرة جداول الماء وخصوبة الأرض وحضانة الإرث الحضاري، وخصها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة البروج مما يدعو كل نجراني أن يحلق أعلى من أي نسر ارتفع إلى السماء بالفخر والعزة بالتراث التاريخي الغني لمنطقة نجران.

رحلتي من المنطقة الشرقية إلى نجران غيرت مفاهيم الرؤية لمدينة نجران في ما أبصرته كأنها فتاة جميلة ساحرة تحمل عيون خضراء من مساحات الأشجار وتحوطها جفون من ينابيع مياه طبيعية وإرثاً حضارياً وتزين حاجبها الجبال البكر تعود حضارتها إلى حقبة العصر الحجري.

نجران أصبحت فرس الرهان الذي تطمح جميع الدول السياحية الفوز بها، فالجميع يريد التقرب لها في الزيارة، وكذلك نجران تحب الجميع في استقبالها لهم. مملكتنا الحبيبة فازت بكسب الرهان في احتضانها منطقة نجران. حالفني الحظ في زيارة صاحبة العيون الخضراء، وكانت جولتي مع أحد سكان منطقة نجران الأخ الكريم سعيد السويدان مع ما يحمل من ثقافة تاريخية تضاهي مرشدي السياحة، ركبنا زورق المعرفة للبحث عن صدفات التاريخ وتجميع جواهر الإرث الحضاري، فكان أول مكان تاريخي نزلنا به قصر الإمارة التاريخي الذي شيد قبل 80 سنة المخصص في قصر إمارة نجران ثم توجهنا إلى قصور تراثية مبنية من الطين بطراز معماري بديع الجمال، ما زال البعض منها مأهولاً بالسكان.

بعدها ختمنا رحلتنا إلى أهم المواقع الأثرية بمنطقة نجران وهي المدينة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة البروج ”منطقة الأخدود“. استقبلنا المسؤول عن المنطقة بابتسامة مفعمة بالود والمحبة وترحيب يدل على الثقافة السياحية التي يملكها أهل نجران.

ما زالت الأطلال والمباني والعظام الهشة وبقايا رماد الجمر الأسود مؤشر على فرن الحريق الهائل الذي أصاب هؤلاء الناس المؤمنين بتوحيد الله سبحانه وتعالى -.

كذلك تضم منطقة الأخدود أشجار السدر والقطع الحجرية الضخمة مثل طواحين ”الرحى“، وكتابات النقوش على الصخور باقية وسليمة يعود تاريخها إلى أكثر من 600 ق. م.

التواضع والود من أهل المنطقة شكل باقة ورد من جمالها ليس رائحة عطرها فحسب وإنما في التواضع، مثل الأغصان المثمرة دائما تتجه إلى الأرض حتى يستطيع الفرد قطف ثمارها. وكذلك سكان منطقة نجران يحملون أغصان ثمارها الود والاحترام بالتقرب إلى الزائرين والسياح، أهل كرم وعزة وفخر.