عاشق الكتب..عرفته الكتب ولم تعرفه المكتبات
يعتبر الحاج عبدالحسين المخرق - ابو محمد الذي غادر عالم الدنيا الى عالم الاخرة قبل ايام من قدامى المتعلمين الاكاديمين نال درجة البكالوريس من امريكا وعمل في السلك الحكومي ببلدية القطيف. جمعتنا به الايام في امسية ثقافية بديوانية السيد يوسف العباس قبل سنوات الكرونا، ليحدثنا عن شغفه بالقراءة الذي يبدا ولايكاد ينتهي، عن شغفه الممتد منذ الصبا ولاكثر من خمسين عاما يمسك الكتاب ويتمسك به مثل كل الانبياء والمفكرين فلا حضارة بدون كتاب، ولامجد بدون قراءة
فحدثنا عن ساعاته الطوال التي يقضيها جنبا الى جنب مع الكتاب، من ساعات الصباح الباكرة الى صلاة الظهرين، وعن صعوبات القراءة في الزمن الاول وغياب الكتاب الديني عن ساحاتنا وقلة النسخ التي لا تتجاوز عدد اصابع اليد، نسخ محدودة تاتي مع القادمين من النجف وكربلاء بالتوصية وقد يتاخر وصولها اشهر وسنوات. فلا سبيل اليها الا الاستعارة ممن يملكونها. ليلتها استصغرنا ما نقراء من صفحات طيلة الاسبوع ونظر بعضنا الى بعض هل يراكم من احد؟! وهل يعلم قلة الاوراق التي نطوي كل يوم؟ نحن الذين ظننا ان ميزاننا فيها الاعلى وقدمنا الاسبق، ولكن تبين من بكى ممن تباكى كما يرى المتنبي في قصيتدته ”فدا لك“ اذا اِشتَبَهَت دُموعٌ في خُدودٍ تَبَيَّنَ مَن بَكى مِمَّن تَباكى
حدثنا عن كتبه التي لم ترى النورى ولم تخرج للعلن، عن كتبه التي احبها وسولت له نفسه ان يعيد قرائتها، عن عجائب التفسير وفوائد القراءة والحكمة التي تعلمها فجعلته بصيرا بالزمان، يعالج صعابها بصبر واناه، يتقن فن التعامل مع المشكلات ونوائبها. امسية فاضت بالتعجب والاستغراب ان يقضي متقاعد سبعيني العمر، كل هذا الوقت مع الكتاب وهو مع كل ذلك يفيض تواضعا وابواه على الجميع كانه لم يعرف سطور الكبر والتكبر والتباهي كما يفعل البعض حين يكمل قطر الندى ومقررات الجامعات ويحضر دورة في اللحام البارد والكهربائي. لسان حالة ان العلم بحر لا ساحل له ولاتنتهي اليه العقول وان وراء هذا العالم عوالم، ندرك بعضها ونسقط في بعض