زنوبيا «حالة مرضية»
قاده أحد الابواب إلى الممر الرئيسي. وبالرغم من إنه لم يكن في ذلك الممر غير أربعة أشخاص، إلا أنه وجد نفسه في موكب مهيب. فقد شاهد نفسه يسير بين حشد من الناس في شارع الاعمدة بتدمر القديمة. حيث معبد الحوريات عن يساره والمسرح العملاق عن يمينه. توقف فجأة وراح يهز رأسه ويغمض عينه عله يفيق. إلا أن ”زنوبيا“ التي كانت تسير أمامه شعرت بوجوده خلفها فراحت تضع كلتا كفيها في جيوب بنطالها. ففرضت عليه إلا وان يكمل الفصل الاول.
وما وضعت كلتا يديها حتى أعتقد بأنها إشارة. فاسترجع صفحات من التاريخ عندما بقيت تدمر عصية في وجه الغزاة من الرومان. وبالمثل حينما أطاحت بأحلام الدواعش وأبت إلا وأن تبقى شاهد على نمو الحضارة الانسانية. فراح يشاهد ”زنوبيا“ ملكة تدمر عندما استلمت مقاليد الحكم بعد مقتل زوجها وأبنها. وحاول حينها أن يمحو مشهد جسدها وهي تطفو غريقة في مضيق البسفور. ولكن اختلط عليه مشهد أشهر مقولاتها والتي وجدت منقوشة في أحد المعابد ”‘لا تشتم آلهة يعبدها غيرك كي لا يشتموا الهة تعبدها انت“. وكلما حاول ان يسدل الستار وينهي الفصل إلا انه كان يشعر بقوة تبقيه في معترك مع الخيال. حتى انه صار يسمع صهيل الخيول من حواليه وطرق العربات على الارض. وكأن الزمن عاد به إلى ما بعد الميلاد بثلاثة مائة سنة. فوضع يده على رأسه قائلا ”: وإلى متى سوف أبقى على هذا الحال؟!... وحاول أن يتذكر بانه مصاب بمتلازمة“ أيروتومنيا ”وأن لديه أعراض الذهان. فتوقف كي يجعل تلك الفتاة تبتعد عنه. إلا أنه استرق النظر وشاهد اللون الازرق الذي يغلب على ملابسها فتذكر الطوق الازرق الذي تزينت به“ زنوبيا ”في الفيلم. فبدأ يحاكي نفسه قائلاً: هل يعقل بأن كل هذه الدلالات مجرد مصادفة؟... أعلم بأنها تحبني ولكنها لا تستطيع أن تبوح بذلك. فراح يسير خلفها وهو يهذي قائلا: زينب زنوبيا... ملكة تدمر والايروتومنيا... وحاول أن يسابق خطواته عله يقترب منها إلا أن هناك من عكر صفوه... فهو ليس من الرومان أو من عرب دمشق وإنما كان من زملائها... وخيل له بأنه القائد الروماني“ أورليان" الذي اطاح بمملكة تدمر... فوضع يده في جيبه يفتش عن خنجره الروماني ليغرسه في ظهره إلا أنه وجد علبة الدواء. وما أن رفع رأسه حتى كانت قد سلكت أحد المنعطفات واختفت عن ناظريه.
توقف فجأة ولصق ظهره بالحائط محاولا التقاط أنفاسه. فسحب علبه الدواء من جيبه وراح يفتحها بهدوء مبتلعا كبسولة علها تطفئ هوس الحب ”أيروتومنيا“.
