قتلوه في عاشوراء.. وظلمه الكثيرون عبر التاريخ
عاشوراء رسالة انسانية تتجدد - بالرغم من كل المكانة التي بحظى بها الامام الحسين من رسول الله وفي الاسلام، في الدنيا وفي الجنة وفي وجدان الواعين، ظلم سبط رسول الله ﷺ.
وعند التأمل أكثر نجد أن ظالميه كثر تعدى قاتليه ومن مثل بجثته ومن قطع رأسه ورفعه على الرماح من موقعة عاشوراء الى قصر الحكم الأموي في دمشق. لقد ظلمه قاتلوه بأشد وأقسى وأوحش أصناف الظلم والتمثيل بجسده وأجساد أصحابه، وأهانوا أهله وجدهم رسول الله ﷺ بسبي عياله ونساءه. فأي اساءة أشد لرسول الله من سبي ابنة بنته فاطمة الزهراء ، زينت ؟!، وبنات حفيده الذي كان يدعو الله صغيرا ويؤخر قيامه من السجود من أجله؟ نعم أهينت سلالة نبي الرحمة على أيدي قاتليه ومن سبى النساء وضربهم وعاملهم معاملة المسبيات من الروم أو الفرس، حيث أخذوهم عبر البراري الى شتى البقاع.
ومع الفارق الشاسع، بين ظلم هؤلاء، إلا أنه ظلم من قبل بعض أنصاره وأتباعه وشيعته بصورة أخرى، حيث احتكروا ثورته لهم ولم يعطوها حقها بابراز عالميتها وإنسانيتها التي كان يتحدث بها في ”متى استعبدتم الناس وقد خلقكم الله أحرارا“. كما ظلمه بعضهم بالاسترسال في ذكر الروايات والممارسات التي تحتاج الى الكثير من التفكر فيها قبل نقلها للناس وتداولها فلربما لم يكن لها مكان من الواقع. وظلمه من لم يأخذ موقفا واضحا من حادثة مقتله وسبي بنات رسول الله ﷺ، وظلمه من لم يتناول ولم يتناقل تراثه الغني ولم يورثه للأجيال المتلاحقة. وظلمه من حاول أن يخفي ما تمتليء الكتب به من أحاديث النبي ﷺ المنقوله منه والمنقولة عنه في حق الامام الحسين بعدم تداولها أحيانا وتحوير معانيها وتسطيحها أحيانا أخرى. وظلمه بعض من ”اجتهد“، تحت عناوين احياء عاشوراء، فأدخلوا على ممارسات الاحتفاء بعاشوراء ممارسات أبعد ما تكون عن القبول والرضى من أكثر الناس وأقرب لأن تكون عامل نفور وابتعاد عن معاني عاشوراء الناصعة والجاذبة للانسان. وظلمه من قلب الحقائق وشوه صورة ثورته على الظلم والظالمين، مبررا للقتلة والظلمة قتلهم وتمثيلهم ونحرهم وسبيهم وتنكيلهم، ليصل ببعضهم ان يتجرأ ليقول ”الحسين خرج على إمام زمانه“، أو أن ”خروج الحسين فيه مفسدة“.
وكثير من محاولات التشويه والتحريف التي أصبحت أكثر وضوحا وأوسع انتشارا في تداولها مع وجود التقنيات الحديثة للتواصل. ومن كل هذه المحاولات والممارسات التي تدور في نتيجتها، بقصد من أكثرهم وبدون قصد من بعضهم، في مسار محاصرة عاشوراء في مكان وفي زمان وفي فئة من المسلمين، ولم تعطي بُعدها الإنساني والعالمي الذي انطلقت من أجله. لكن وان كتب لهذا بعض نجاح في زمان ما ومكان ما ومع بعض المسلمين وربما مع بعض غير المسلمين، الا ان ما نشهده اليوم، ومع حسن استثمار التقنيات الحديثة من قبل الواعيين بمعاني ومقاصد عاشوراء، إن مقولة ”كل أرض كربلاء“، تتجسد أكثر وبشكل حضاري لدى الكثير من المحتفين بعاشوراء. فنداء ”لبيك يا حسين“، تكاد تسمعه بكل لغات العالم ومجالس عاشوراء تعقد في كل الدنيا.. مأجورين مثابين.