انتبه من الشطار!!
حفل التاريخ البشري بالكثير من قصص الاحتيال، وتنوعت أشكاله تبعا لتطورات الحياة. ففي التاريخ العربي سجلت المقامات الأدبية قصص الاحتيال والتي عرف أصحابها ب «الشطار والعيارين» وأشهر هذه المقامات هي مقامات الحريري. ولعلنا نتذكر المقامة البغدادية التي كانت مدرجة في كتاب الأدب المدرسي «وبطل مقامات الحريري هو أبو زيد السروجي احترف الأدب ثم ضاقت به سبل العيش فغادر بلدته ”سروج“ وراح يحتال على الناس أينما حل يقول في مطلع المقامة البغدادية «اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذَ، وَلَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ، فَخَرْجْتُ أَنْتَهِزُ مَحَالَّهُ حَتَّى أَحَلَّنِي الكَرْخَ، فَإِذَا أَنَا بِسَوادِيٍّ يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَيُطَرِّفُ بِالعَقْدِ إِزَارَهُ، فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ،»
كما سجل العصر الحديث قصص كثيرة وغريبة في الاحتيال لعل اشهر ابطالها الامريكي ”يرني مادوف“ الذي جمع عشرات المليارات وحكم عليه بالسجن 150 سنة و”فيكتور لوستج“ الذي باع برج ايفل مرتين!! ولا أدري ان كان الذكاء الصناعي وتقنياته ضمن خططهم القادمة فنرى روبوت نصاب او نشال في السنوات القادمة؟
وفي محيطنا الاجتماعي تكثر قصص الاحتيال المالي والالكتروني والعاطفي تحت غطاء الاستثمار والحسد والعين وفك النحس وجلب الحظ.. بل تجاوزتها لتصل للمتجارة بالأمور الصحية ومنتجات التنحيف والحمية والمقويات الجنسية...
يستخدم الكثير من المحتالين حسابات مزيفة وصور الآخرين ومعلوماتهم المتوفرة على أدوات التواصل الاجتماعي، وربما استطاعوا تهكير واختراق بعض الحسابات. تشير العديد من التحقيقات التي نشرتها الصحف المحلية والعربية إلى أن أكثر ضحايا الاحتيال هم من الباحثين عن الثراء السريع والمال السهل والجوائز الكبيرة أو من المخدوعين بالجانب الإنساني والعاطفي وطلبات دعم الخدمات الإنسانية والخيرية هذا في ما يخص المال. أما في يخص الزواج والحب والعلاقات فالصور والألقاب والدردشات هي أهم وسائل الاحتيال والابتزاز.
ولكي نتجنب ونتفادى مصايد الاحتيال وفخاخه فيجب أولا التروي وعدم الاستعجال في الاستجابة لطلبات مشاركة البيانات والأرقام السرية ورموز التحقق وتحويل الأموال «للأشخاص» التي يكون مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي. فقد وردت الكثير من التوصيات في الأناة في القول والفعل وترك العجلة، منها في وصيته «علي» لابنه الحسن «عليهما السلام» لما حضره الموت -: أنهاك عن التسرع بالقول والفعل. «إنما أهلك الناس العجلة، ولو أن الناس تثبتوا لم يهلك أحد» «أصاب متأن أو كاد، أخطأ مستعجل أو كاد» «مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة».
وثانيا: السؤال واستشارة ذوي الاختصاص والتحقق من الجهات والمؤسسات بالاتصال المباشر أو الزيارة، والحصول على الوثائق الرسمية. «شاور ذوي العقول تأمن الزلل والندم»
وثالثا: التواصل مع الجهات المعنية في حال تعرضت للاحتيال والسرقة فقد فتح البنك المركزي خدمة إلكترونية - تقديم شكاوى الاحتيال لمساعدة من تعرضوا للخداع
رابعا: لا تنخدع بالصور البراقة على مواقع التواصل الاجتماعي ولا تنساق مع الدردشات الإلكترونية خصوصا التي لا نعرف أصحابها ولا تحتوي على بيانات شخصية أو منشورات تدل على أصحابها وتوجهاتهم.
وخامسا: توسل الطرق الطبيعية والعلمية لحل مشاكلك المالية والعاطفية كالبحث عن عمل أو طرق أبواق المؤسسات المعتمدة التي تقدم خدماتها في مجال اختصاصها مثل الجمعيات الخيرية والأسرية وبنك التنمية الاجتماعية والهاتف الاستشاري.. وغيرها. وتذكر أن الثقة بالنفس وبدل الجهد وتحمل المسؤولية والصبر أمور مهمة لتجاوز العقبات والتغلب على المشكلات.