آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

مغسلو ضحايا جائحة كورونا

حسين الدخيل *

قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة: 105]

من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق.

الجميع يعرف أهمية وفائدة العمل الخيري والإنساني والتطوعي وهناك أشخاص نذروا أنفسهم بالتضحية والبذل والعطاء لأجل هذا العمل الخيري رغم تحمل الألم والتعب والجهد والأكثر من ذلك تحملهم سماع الكلام السيء من هذا وذاك، في حضورهم أو من خلف ظهورهم.

لماذا أصبحنا بدون أحاسيس ومشاعر ولا نقدر من يخدمنا ولا نقدم لهم كلمة شكر أو تقدير أو احترام بل ولا حتى كلمة طيبة.

هناك فئة متطوعة من رجال ونساء يقومون بتغسيل ضحايا مرض جائحة كورونا اللعين الفتاك الذي يخافه ويهابه أقرب الناس للمتوفي وخطف منا أقرباءنا وأحبتنا وأصدقاءنا وكل يوم نفقد أشخاصا لنا معرفة بهم من القديح ومن قرى القطيف ويفجعنا ويدمي قلوبنا عليهم.

متى ستنتهي يا كابوس كورونا تعبت قلوبنا ونفسياتنا وكل يوم أسألك متى سترحل عنا أيها الكابوس اللعين كفاك فتكا بنا بلا شفقة ولارحمة.

أحزنت كم أم وأب على ابنه وابنته، وكم ابن أو ابنة على والديهم، وكم أخ على اخيه وأخته، وكم صديق على صديقه، وكم يتمت ورملت وكم وكم كفاية علينا أيها المخلوق العجيب.

وهذه الفئة المتطوعة من الرجال والنساء الذين يقومون بتغسيل الموتى من هذا المرض اللعين كورونا يتم تغسيلهم في مغتسل الدبابية وهو خاص لهذه الحالات حاليا، والحالات في تزايد يوميا من خمس إلى عشر حالات يتم استقبالها والعمل عليها إما من جانب الرجال أو النساء لحين الانتهاء منها ولبس كامل الاحترازات المخصصة لذلك لأن المتوفى مصاب بمرض كورونا وله إجراءات خاصة لحماية المغسلين وهم تحت خطر هذا المرض المعدي.

ومغتسل الدبابية يخدم جميع قرى القطيف بأكملها من صفوى لسيهات ومن الأوجام لأقصى سنابس بجزيرة تاروت. وأيضا تأتيهم حالات من الدمام.

لكم مني تحية إكبار وإجلال وتقدير واحترام أيها الأبطال الذين تعملون خلف الكواليس ولكل شخص من رجل أو امراة منكم يقوم بتغسيل الموتى المصابين بجائحة كورونا بهذا المغتسل تحية من القلب كنت ساذكركم بالأسماء ولكن خشيت أن أنسى ذكر شخص منكم فأسماؤكم يفترض أن تنقش على الصخر من الذهب الخالص لتكون للأجيال القادمة يذكرونكم بأبطال مغسلي موتى جائحة كورونا.

وهناك أشخاص أيضا لا بد أن نذكرهم إلى جانب تغسيل وتكفين هؤلاء الموتى لأنهم أيضا يحفرون القبور في كل الأوقات وتقلب الأجواء في الحر والبرد والأمطار الشديدة والغبار فمن يتحمل ذلك ويصبر، إلا هذه الفئة الصابرة في المجتمع التي تخدم خلف الكواليس الذين سخروا أنفسهم للعمل الخيري والاجتماعي والإنساني قربة لله تعالى.

ووقفت عند قبر زوجة خالي الطيبة المؤمنة أم عادل الدخيل المتوفاة يوم الأحد الموافق 2021,7,25 ميلادي وهم يحفرون القبر في أجواء الحرارة الشديدة والرطوبة العالية وكانت الساعة الثالثة ظهرا تخيلوا هذا الوقت ونحن في شهر ذي الحجة شهر الحرارة العاليه تصل 50 درجة مئوية والرطوبة التي لا أحد يتحمل الوقوف فيها دقائق وهؤلاء يحفرون القبر بدون مكيف أو مروحة، سوى حاجز يقيهم حرارة الشمس فقط والعرق يتصبب من أجسامهم وقفت عندهم وقلت لهم عساكم على القوة الله يساعدكم وفي ميزان حسناتكم واعمالكم الطيبة أيها الطيبون، وخلصوا من قبر زوجة خالي أم عادل وذهبوا يحفرون قبرا آخر للشباب سعود صالح آل غزوي رحمه الله توفى في نفس اليوم حقيقة الشخص يخجل من هؤلاء أحسست أن كلمة شكر لا تفي حقهم على مايبذلونه نحن مقصرون تجاه هؤلاء المؤمنين، هم الآن يحفرون قبر للمؤمنين وغدا يحفرون قبري ويغسلونني ويكفنوني ويشعونني نعم أنا وأنت وكل قريب وصديق وجار هم من سيقومون بذلك، ماذا أجازيهم في حياتهم وأنا على قيد الحياة، هل الشكر والتقدير والاحترام والعرفان والكلمة الطيبة تفي حقهم، انا أرى أنها لا تفيهم حقهم.

ليسوا معروفين لدى أكثر الناس من هم، لو تسأل نفسك من حفر قبر أبيك مثلا وغسله وكفنه ودفنه تقول لا أدري.

ويجب علينا أيضا تشجيعهم وتحفيزهم وأن نقف معهم ونشجع غيرهم للعمل والتعلم في هذا العمل الذي لا يحصي ثوابه إلا الله.

يوجد قروب مفيد وجميل جدا لمسائل تعليم وتغسيل وتكفين الموتى وأنا مضاف معهم بهذا القروب الطيب بإشراف الأستاذ والمعلم الكبير الغالي حسن آل عبدالرزاق أبو علي «مضري الخير لعمل الخير» أسميته بهذا الاسم لأنه يستحق هذا الاسم بجدارة وله مقال في كتابي الكلمة الطيبة صفحة 104_106

ومهما نكتب عنه وعن الشباب الطيب الذين معه نحن مقصرون جدا.

مضري الخير تعجز كلماتي عن الوفاء بحقه، نحن فخورون به والثلة المخلصة المؤمنة التي تعمل معه مثل الأخ موسى الجبيلي أبو حسن الجميع يعرفه سائق الإسعاف هذا الرجل الشهم راعي الفزعة والشيمة والواجب ما يقصر في الإسراع في خدمة المؤمنين بدون تردد وأيضا له مقال بكتابي الكلمة الطيبة أنت مفخرة عائلة الجبيلي وفخر للقديح صفحة 14_15

هؤلاء وأمثالهم يستحقون كل خير ومهما نكتب ونسطر بعض الكلمات القصيرة فهذا قليل بحقهم وحق من معهم من الأخوة والأخوات.

استفذت كثيرا من المسائل التي توضع بالقروب والمداخلات وكيفية التغسيل والتكفين وكل شيء من أمور الميت والحالات الصعبة وكيفية التعامل معها، ومضري يجيب على جميع تلك المسائل التي تسأل وتطرح عليه حتى من دول أخرى ما شاء الله عليه، الله يزيده علما وفهما وجزاه الله كل خير.

فهنيئا لهم جميعا هذا التوفيق الإلهي الذي لا يحصي ثوابه وأجره إلا الله سبحانه وتعالى، فهم تاج على رؤوسنا جميعا ومهما نقدم لهم فنحن مقصرون، أتمنى من الجميع وخصوصا الجمعيات والمشايخ والوجهاء وأصحاب الأيادي البيضاء أن تلتفت لهؤلاء ليعطوهم لو جزءا بسيطا من حقهم أقلها شهادة كلمة شكر وتقدير وعرفان ورقة ببعض الريالات، ولكن قيمتها المعنوية كبيرة جدا فهناك أشخاص خدموا سنوات طويلة وصلت 50 سنة وبعضهم توفوا عملوا في هذا المجال ولا توجد حتى شهادة شكر أو تقدير من أي جهة أو شخص موجودة بمنزله.

أتمنى أن تعيدوا النظر لهؤلاء المؤمنين

وهناك لفتة جميلة تشكر عليها جمعية مضر الخيرية كانت تكريم للحاج مهدي علي آل خليفة مساء يوم الأربعاء الموافق 2021,8,4 ميلادي لاهتمامه بتنظيف المساجد لبلدة القديح لفترة طويلة، يستحق كل تقدير واحترام هذا الرجل الطيب المؤمن الخير.

وأتمنى التكريم لكل المنجزين وأصحاب الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية والمؤذنين والمغسلين والحفارين وغيرهم أن يكرموا ويذكروا في حياتهم وليس بعد مماتهم، فرحتهم وسعادتهم إذا يذكرون في حياتهم ويعطون الاهتمام والنظر لهم ليحسوا أن هناك أشخاصا أو جمعيات أو أي جهة تذكرهم بخير ولم تنسهم ليزدادوا في العطاء.

وهناك بعض الأشخاص للأسف الشديد يشمئزون من أي شخص يغسل أو يكفن أو يحفر القبور، تذكر دائما أن هذا الشخص الذي تشمئز منه وتبتعد عنه وتكره الجلوس معه هو من سوف يغسلك ويكفنك وينزلك بقبرك بعد موتك واحتمال هو من سوف يلقنك أيضا، تخيل أنك مدين له بكل ذلك. تأمل بهذا الكلام وسوف تعطيه حقه وتحترمه وتقبل يديه ورأسه.

أنا أقول لكم أيها الشباب الطيب المؤمن الخير أيها المغسلون والحفارون والمكفنون، أنا معكم وكل شخص يعرف معاناتكم وتعبكم وما تقدمون من تضحية لأجل غيركم من المؤمنين.

وإن شاء الله بقلمي وكلمتي الطيبة أقول لكم أن أسماءكم سوف تخلد إلى الأجيال القادمة سوف يذكرونكم بكل خير وعلى مر الدهور والعصور.

أنتم أبطال زمن مرض كورونا المضحين لتغسيل وتكفين هؤلاء المصابين بهذا المرض الذي يهابه ويخشاه كل شخص،

كما أتقدم بالشكر الجزيل لإخواني جماعة ديوانية الغنامي ضمن مبادراتهم الطيبة لتبرعهم لفرش مغتسل القديح يوم الثلاثاء الموافق 2021,8,3 ميلادي.

وأتمنى من المحسنين أصحاب الأيادي البيضاء الوقوف مع الجمعية بالتبرع النقدي أوالعيني لخدمة المرافق «المغتسل، المقابر، المساجد»

وفق الله الجميع للخير وعمل الخير وفي ميزان حسناتكم وأعمالكم الطيبة.

ورحم الله من فقدناهم من هذا المرض اللعين كورونا ورحم الله موتانا وموتاكم وموتى المؤمنين والمؤمنات.

والله يشافي ويعافي جميع مرضى المؤمنين والمؤمنات يا رب العالمين بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.