آن الأوان لأن يتعلم أرباب الأديان من العلوم الأكاديمية
ما لا يستوعبه المعنيون بالأديان «أكثر الأديان على الأرض وليس هناك دين محدد مقصود في هذا الرابط» هذه الأيام أمور مهمة يمكن لهم أن يتعلمونها من علوم الاقتصاد والصناعة. ولذلك، انحسار الأديان عند شريحة الشباب بات واضحا. وهذه حقيقة لا يمكن أن ندس رؤوسنا في التراب لننكرها ونصّر على أنها غير موجودة. وإن استمر الانحسار بهذه النسبة المطردة، فمفهوم الدين سيتبدل ويتغير.
الناس بحاجة إلى دين يضبط أخلاقهم وضمائرهم ويعطيهم نفحة وجودية ونفخة روحية تملأ الكثير من الفراغات النفسية التي يعاني منها الإنسان.
لم نكتب هذا المنشور لازدراء الأديان أو استنقاص أهميتها للأنفس البشرية. الدين شيء مهم وضروري وليس بالضرورة أن يمثله من يدعي ملكيته، بل ادعاء الملكية أكبر دليل على عدم الأهلية.
ما نود إيصاله أن المعنيين يعيشون زمنا غير هذا الزمن وإن تواجدوا فيه جسدا؛ فقط، لا أكثر.
نحن نعيش زمن السرعة بتغير متسارع بصورة أسية «الأس يعني مضاعفة الشيء كل 18 شهر».
الاستراتيجيات التسويقية تعتمد على الفعالية والاستجابة، وهما عاملان متضادان. زيادة الفعالية يقلل من سرعة الاستجابة، والعكس أيضا صحيح. مثلا، قد تشتري ثوبا من السوق أو تفصل لك. الشراء يكون لحظيا «استجابة سريعة». بينما الفعالية تكون قليلة لأن هذا الثوب قد لا يناسبك كثيرا ويكون بحاجة إلى تعديل وإصلاح. أو تنتظر قليلا وتفصل لك ثوبا. فعالية مفصل الثيات قليلة جدا، ولكن استجابته للتغيير أسرع من المصنع الذي يعمل على رفع الفعالية، وإلا أفلس بسبب الاستجابة لكل طلب مختلف.
هناك أمور أخرى يُنْظُر إليها بعين الاعتبار: التنوع الانتاجي وقصر حياة السلعة، وهذا أمر يزيد من الضبابية «uncertainty». لذلك تجد شركات تسقط وأخرى تصعد. ومن لا يواكب السوق واحتياجته لن يستمر طويلا.
وهذا ما تعاني منه مدارس الأديان التي تتنوع بضاعتها بشكل مفرط وطول دورة هذه البضاعة. الشركات تستبدل القديم بالجديد. ولكن المؤسسات الدينية يتكدس عندها القديم والجديد فيختلط الحابل بالنابل. الشركات الرائدة «مثل أبل» لا تطرح في السوق أنواع كثيرة من المنتجات، وبالرغم من ذلك فإن حياة الهاتف الذكي لا تتجاوز سنتين. بينما الفتوى تعيش مئات السنين ولا تتغير لتتماشى مع تغير الظروف. لا تزال الكثير من أحكام الحج تتناسب مع من يركبون ضوامر وليس من يركبون سيارات. ولا يزال تحري الهلال يعتمد على أدوات الماضي التي لم تعد صالحة لهذا الزمن.
طبعا، وكما هو متوقع مسبقا، ونظرا لردود الفعل المسبقة، لن يصل هذا الكلام لمن يعنيهم الأمر لأن أكثرهم جهلاء مركبون «وأقولها بضرس قاطع وبأدلة قطعية دامغة» وربما لا يستوعبون العلم الحديث أو يستطيعون قراءة الأرض. وستجدهم كالعادة يبررون. وسيظلون يبررون إلى آخر رمق في حياتهم. الكثير من هؤلاء يحملون نمط تفكير غريب جدا، يخلو من العقلانية والموضوعية والمنطق. ولا يزالون يعتمدون على جحافل الهمج الرعاع الذين باتوا حملا ثقيلا ووبالا على أكتافهم، مما جعل شريحة الشباب المثقفة والمتعلمة والواعية تنسحب، والأمر في اطراد.
وللحديث بقية...